راديو موال-معا-لوحظ مؤخراً في السوق الفلسطيني ارتفاع أسعار الدجاج بشكل كبير، ما سبب حالة من التفاعل الجماهري مع هذا الأمر على أرض الواقع، وعبر الفضاء الالكتروني من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، التي دعا مستخدموها إلى #مقاطعة_الدجاج؛ تعبيراً عن غضبهم جراء الارتفاعات المتلاحقة على الأسعار بالسوق في ظل عدم رفع الحد الادنى للاجور.
فما هي الأسباب الحقيقة وراء هذا الارتفاع؟ وما هي الحلول الممكنة لعلاج ذلك؟ وكيف تفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي؟
مصادر مطلعة في وزارة الزراعة قالت لـغـرفـة تـحـريـر معا إن أحد الاسباب الاساسية وراء تكرار ارتفاع سعر الدواجن خلال اشهر محددة من كل عام يكمن بنقص “التفريخ” وعدم وجود خطة محكمة تقود السوق الفلسطيني إلى الاكتفاء الذاتي من الانتاج المحلي بالنسبة للدواجن.
وأضافت أنّ قطاع الدواجن في الضفة يعتمد على نحو 5 شركات منتجة بشكل منتظم للدجاج اللاحم، وفي حال تعرض أي منها إلى انتكاسة فإن كامل السوق المحلي سيتأثر، من حيث نقص الكمية المعروضة في ظل تزايد الطلب ما يؤدي إلى ارتفاع السعر.
“نقنقة” الدجاج تسمع عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تصاميم تحمل صور الدجاج إلى جانب عبارات ساخرة واخرى مستهجنة لما يحدث، وايضاً منشورات ارفقت بهاشتاج #قاطعوا_الدجاج، تعبيراً عن غضبهم جراء عدم وضع حد لهذا الارتفاع من قبل الجهات المسؤولة.
وقالت اميرة محمد في تعليق على ارتفاع اسعار الدجاج على الفيس بوك: “إن على الحكومة أن تتحمل مسؤليتها تجاة المزارع والمواطن بحد سواء.. حتى لا تنعكس الاوضاع الصعبة التي يعيشها المزارعين وغلاء التكلفة الانتاجية على المواطن… بدنا حل بعيدا عن الغلاء وبعيد عن المقاطعة مشان ما حدا ينظلم”.
وكان لنفوق اعداد كبيرة من الفراخ خلال الفترة الماضية وخاصة في المزارع المفتوحة بسبب تردي الأحول الجوية، دوراً بارزاً في رفع الاسعار، وأيضا الخسائر المتلاحقة التي يتعرض لها المزارع بالتزامن مع عدم وجود خطة تعويض ودعم للمزارعين دفعة الكثير منهم إلى اغلاق المزارع وبالتالي نقص الانتاج.
استيراد لتغطية العجز بعد نفوق “المفرخات”
وبحسب المصادر فإن المزارع الحالية تغطي نحو 80% من الإنتاج المحلي، في حين بالوقت الحالي تغطي قرابة 50% من الانتاج المحلي، ويتم تعويض النقص من خلال التوجه نحو الاستيراد من إسرائيل ودول اسبانيا وأمريكا خلال اشهر معينة من السنة.
ويذكر أنّه خلال شهر يناير الماضي تعرض قطاع الدواجن في إسرائيل لانتكاسة جراء تفشي فايروس انفلونزا الطيور والمرض التنفسي “نيوكاسل” في مزارع الدواجن، ما سبب بنفوق الكثير من “المفرخات”، وبالتالي تقلص عدد البيض والصيصان، ما أدى إلى انخفاض العرض بالسوق.
ويحتاج السوق المحلي لنحو مليون بيضة أو طير في الاسبوع الواحد، وبالتالي تعرض هذا الرقم للانخفاض يؤدي إلى حدوث خلل يؤثر على دورة انتاج الدجاج.
مربي الدواجن محمد الخطيب يرى خلال حديثه لـ معا أنّ اقبال الناس على شراء الدجاج هروباً من ارتفاع اسعار اللحوم الحمراء، زاد من الطلب عليها وخاصة خلال الفترة الحالية مع حلول الربيع وموسم الرحلات، لكنه قلل بالوقت ذاته من الأثر المباشر لهذا الأمر على ارتفاع سعر الدجاج.
“حماية المستهلك” ماذا تقول؟
من جهته، رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية، قال لـغرفة تحرير معا إن قرار وزير الزراعة بالسماح بالاستيراد طول شهر آذار من إسرائيل كان أحد اسباب ارتفاع سعر الدجاج، كونه يباع بسعر اغلى في السوق الإسرائيلي.
وأضاف: كان يعتقد الوزير أنّ الاستيراد سيخفف السعر لكن المشكلة الاساسية أن المزارعين ومربي الدواجن خسروا كثيرا في العامين 2015 و2016 ولم تعوضهم الوزارة، ولا يوجد أي استرداد ضريبي.
وحذر هنية أنه وفي حال استمرار الاستيراد من إسرائيل فأن ذلك يعني اخراج مربي المزارع من السوق المحلي، وبالتالي الاعماد بشكل مضاعف على إسرائيل، ومن يستفيد من ذلك فقط التاجر الوسيط.
حلول مقترحة للخروج من نفق الأزمة
أما عن الحلول للخروج من هذه الأزمة، فيقول هنية لـ معا إن على وزارة الزراعة والجهات المعنية أتباع الاقتراحات التالية:
أولاً: اعداد دراسة من وزارة الاقتصاد عن التكلفة الحقيقية لتربية الدواجن، وتكلفة البيع للمستهلك، وتحديد سقف سعري عادل.
ثانياً: رعاية المزارعين وتعويضهم عن خسائرهم، وتخفيف سعر الصوص وبيض صوص التربية الذي يقدر حالياً بسعر يترواح بين 3.50 الى 4 شيقل.
ثالثاً: تخفيض اسعار الأعلاف وتعويض المصانع عن خسائرها جراء غرق السوق بالأعلاف الإسرائيلية.
وتوقع هنية أن لا تطول موجة الارتفاع على سعر الدجاج، لافتاً إلى أنّ بقاء الاستيراد من إسرائيل يعني بقاء سعر الدجاج بالسوق الفلسطيني كما يباع بالسوق الإسرائيلي وهذا الأمر غير عادل في ظل تفاوت مستوى المعيشة والدخول الشهرية.
وتحدث هنية عن ما وصفه بـ “عدم منطقية الحديث عن مقاطعة الدواجن”؛ لأن هذا ليس حلا بل هو تأجيل لمواجهة المشكلة من خلال الضغط باتجاه تعديل السياسات والإجراءات من قبل وزارتي الزراعة والاقتصاد الوطني وضعف الإجراءات وانعدام المتابعة.