عباس يستفيد من الفوز الفلسطيني في ‘آراب أيدول’

راديو موال – داؤد كتاب – ربّما كان وجود الرّئيس الفلسطيني محمود عباس في بيروت في نهاية أسبوع 25 شباط/فبراير صدفة. لكن عندما يتنافس فلسطينيّان في الأسبوع النّهائي على لقب “آراب أيدول”، من غير المرجّح أن يسمح الرّئيس الفلسطيني بمرور المسألة مرور الكرام بدون المشاركة فيها.

أثناء وجوده في بيروت، رتّب الرّئيس عباس إذًا لقاءً مع متسابقي “آراب أيدول” يعقوب شاهين من بيت لحم وأمير دندن من قرية مجد الكروم في الجليل. لكن الأهمّ أنّ عباس استضاف أحلام وجرى تصويره وهو يرحّب بها، وهي العضو الإماراتي البارز في لجنة تحكيم “آراب أيدول” في مركز تلفزيون الشرق الأوسط أم بي سي. وجرت أيضًا دعوة المتسابق النهائي الثالث في “آراب أيدول” عمار محمد من اليمن، للقاء عباس.

مع أنّ عباس لم يكن موجودًا في الحفل الأخير من “آراب أيدول” الذي جرى تصويره في لبنان، والذي فاز فيه شاهين بلقب محبوب العرب، جلس ياسر ابن عباس في الصّفّ الأمامي لتحميس المتسابقين الفلسطينيّين؛ وكذلك رئيسة بلديّة بيت لحم، فيرا بابون؛ ومدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني أحمد عساف؛ ورجل الأعمال منيب المصري.

وفي الصّور التي جرى عرضها في تلك الحلقة الأخيرة، يظهر عباس وهو يتحاور مع المتسابقين ويقول لهم إنّه يتابع المسابقة الغنائيّة التلفزيونيّة منذ بعض الوقت.

اختتم “آراب أيدول” هذا العام موسمه الرّابع، وقد نال فلسطينيّان بالفعل اللّقب المرموق. ويترافق اللّقب هذا العام مع جائزة نقديّة بقيمة 50,000$، وعقد تسجيل مع “بلاتينيوم ريكوردز”، ومكانًا في جولة “ستارز أون بورد” مع عدد من النّجوم العرب. وقد حلّ محمد عساف من غزة، الذي فاز في الموسم الثاني من “آراب أيدول” عام 2013، ضيفًا على الحفل النّهائي في 24 شباط/فبراير.

رأينا في الحفل النّهائي من “آراب أيدول” بثًا مباشرًا من ساحة المهد ببيت لحم ومن قرية مجد الكروم في الجليل حيث تجمّع الفلسطينيّون لمشاهدة العرض على شاشات ضخمة. وأمكنت رؤية آلاف الشّباب المبتهجين يحتفلون ويلوّحون بالأعلام الفلسطينيّة.

الاستفادة من نجوميّة الأشخاص ليست جديدة ولا فريدة من نوعها بالنّسبة إلى الفلسطينيّين. ففوز ابن بيت لحم ساعد على تذكير النّاس بالقضيّة الفلسطينيّة. وفوز فلسطيني في مسابقة موسيقيّة لجميع العرب يساعد على إظهار فلسطين والفلسطينيّين في إطار إيجابي لا عنف فيه ولا مشاعر معادية لإسرائيل.

التّركيز على الموسيقى والفنّ هو سبب عدم وجود أي مشكلة لدى عباس بتأييد البرنامج والمتسابقين. وواقع أنّ فلسطينيًا فاز في “آراب أيدول” هذا العام هو شهادة على براعة شاهين وأيضًا على إنسانيّة الفلسطينيّين الذين غالبًا ما يصوَّرون على أنّهم إرهابيّون متعطّشون للدّم.

على الرّغم من هذا النّجاح، إنّ التّأييد العلني الصّادر عن عباس وسط العرض الموسيقي سبّب له بعض المشاكل. فقد اتّهِم عباس بأنّه يولي الاهتمام لأحد المشاهير ويتجاهل معاناة الفلسطينيّين. وعندما قال عباس لأحلام إنّه يتابع البرنامج جيّدًا، أطلق منتقدو عباس هاشتاغ على وسائل التّواصل الاجتماعي يدعون فيه الرّئيس إلى متابعتهم. وذكّر أحد الهاشتاغات الرّئيس بأنّ أقدامه لم تطأ غزة منذ أكثر من عقد.

لا شكّ في أنّ فوز شاهين، وهو مسيحي فلسطيني من الطّائفة السّريانيّة، في أهمّ برنامج موسيقي في العالم العربي، يُعتبَر مفيدًا أيضًا من ناحية إبعاد وسم الإرهاب عن الفلسطينيّين.

أنتج النّصر الفلسطيني عمومًا ردّات فعل إيجابيّة. وقال للمونيتور جهاد أبو فلاح، وهو منتج تلفزيوني في لندن، إنّ هناك وجهين للفوز الفلسطيني في “آراب أيدول”. فقال، “من جهة، هو أظهر الفلسطينيّين بمظهر جديد يختلف عن الصّورة النمطيّة التّقليديّة التي لا تولّد إلا الغضب والدّموع. أظهر أنّ الفلسطينيّين يحبّون الحياة وليسوا متعصّبين دينيًا”.

إلا أنّ أبي فلاح الذي يعمل في قناة “الحوار”، يعتقد أنّ أم بي سي استغلّت الفلسطينيّين للّعب على مشاعر النّاس وجذب مزيد من المشاهدين ومزيد من الأموال. وقال، “هم يعرفون أنّ فلسطين نقطة ضعف لدى معظم العرب، وهم استغلّوا الأمر لتحقيق مكاسب ماليّة والحصول على عدد أكبر من المشاهدين”.

أمّا مهيب البرغوثي، المحرّر الثّقافي في صحيفة “الحياة الجديدة” في رام الله، فيشعر أنّ “آراب أيدول” وسّع الجغرافيا الفلسطينيّة على الهواء. وقال للمونيتور إنّه “للمرّة الأولى، تمكّن العرب من سماع موسيقي فلسطيني وُلِد في إسرائيل ولو كان يعيش الآن في الولايات المتّحدة”. وقال البرغوثي إنّ ذلك يوسّع آفاق فهم العرب للفلسطينيّين ويعطي شرعيّة للمواطنين الفلسطينيّين في إسرائيل. “إنّ التّعريف بدندن من مجد الكروم كفلسطيني على تلفزيون عربي في بيروت، ووجوده في اللّقاء مع الرّئيس الفلسطيني، هو أمر جديد على التّلفزيون العربي”.

وقال للمونيتور أحمد أبو صايمه، وهو مذيع راديو من الخليل، إنّ تأييد عباس لبرنامج “آراب أيدول” كان خطوة ذكيّة. “هو سياسي محنّك ويعرف ما يفعله. وإنّ دعمه لبرنامج موسيقي كـ’آراب أيدول’ شبيه بدعمه لزيارة فريق برشلونة لكرة القدم إلى فلسطين في العام 2013، أو دعمه لحنان الحروب التي فازت بجائزة أفضل معلم في العالم لعام 2016”.

وأضاف أبو صايمه بقوله إنّ مواقف الدّعم هذه من جانب عباس تهدف إلى تغيير صورة الفلسطينيّين. “هو يحاول أن يُظهِر للعالم صورة متحضّرة عن الفلسطينيّين تكون أكثر رقيًا من الصّورة النّمطيّة العنيفة التي تطغى في وسائل الإعلام”

Daoud-Kuttab-500