راديو موال-يصف أبطال الألعاب الرياضية عندما يتم استدعاؤهم إلى حلبة المنافسة بأنهم يستعملون حواسهم التي تبلغ ذروتها بسبب ارتفاع ضغط المنافسة، لمصلحتهم.
وبالتالي يكونون قادرين على تهدئة عقولهم، خارج منطقة الجمهور، ويسدّدون أهدافهم. فيما التلامذة الذين يواجهون قلق الامتحان يفعلون العكس، أي أنهم يستعملون حواسهم في خدمة قلقهم، فيفكرون باحتمالات الفشل أكثر من تحقيق النجاح.
ولكن لماذا يصاب التلامذة بقلق الامتحان أو الاختبار؟
هناك أسباب عدّة تجعل بعض التلامذة أكثر عرضة لقلق الاختبار الذي يترافق غالبًا مع قضايا التعلم. فالأطفال الذين يعانون من الـ ADHD «اضطرابات التركيز والنشاط المفرط»، غالبًا ما يشعرون بالقلق حول المدرسة، وعندما يحين الوقت لإجراء اختبار، يمكن أن يزداد هذا الشعور.
وبالمثل، عندما يكون لدى التلميذ فترة محدودة من الوقت لإجراء اختبار، ويدرك أنه يحتاج إلى المزيد من الوقت لأن إيقاعه بطيء، فإنه سيشعر بالقلق. وكذلك أولئك الذين يشعرون دائمًا بأنهم لن ينجزوا اختباراتهم بالشكل المطلوب هم أكثر عرضة لقلق الاختبار.
والتلامذة الذين يقلقون دائمًا من ارتكاب الأخطاء أو من أدائهم المدرسي بصورة عامة، وكذلك التلامذة الذين يعتقدون أنهم غير قادرين على إنجاز اختبار في مادة معينة، وأيضاً التلامذة الذين يسعون إلى التفوّق، أو الذين يشعرون بتوتّر بسبب توقعات أهلهم الذين يطالبونهم بمزيد من النجاح ويتوقّعون درجات ممتازة، مما بسبب الخوف الشديد من عدم تحقيق توقّعات أهلهم، وبالتالي يشعرون بتوتر وقلق شديدين من الامتحان.
فتقويمهم الذاتي ضعيف جدًا وثقتهم بأنفسهم كذلك. كما يمكن أن يكون سبب التوتر عدم التحضير، بشكل جيد للاختبار، وأخيرًا هناك أستاذ المادة الذي يشعر التلامذة بالتوتر أثناء الامتحان. إذًا الأسباب كثيرة التي تجعل التلميذ مصابًا بقلق الامتحان.
ما هي الإرشادات التي يمكن التلميذ المراهق اتباعها ليخفف من حدة قلق الامتحان؟
ليس هناك من وصفة سحرية تجعل التلميذ يتخلّص من قلق الامتحان، بين ليلة وضحاها، بل يحتاج ذلك إلى وقت وإلى اقتناع التلميذ نفسه، بأنه قادر على إبعاد كل ما من شأنه أن يجعله متوترًا قبل الامتحان وخلاله.
وهذه الخطوات من شأنها أن تساعد التلميذ في التغلب على توتر الاختبار:
قبل الاختبار
الاستعداد الجيد
التحضير الجيد للاختبار الأسبوعي أو الشهري أو الفصلي هو العنصر الأساسي في الحدّ من قلق الامتحان. فكلما كان تحضير التلميذ جيدًا، انخفض مستوى القلق لديه، فضلاً عن أن التحضير الجيد يعزّز ثقته بنفسه.
لا للدرس في الساعات الأخيرة
رغم أن بعض التلامذة يؤكدون أنهم ينجزون اختبارهم بشكل جيد، عندما يضعون أنفسهم تحت الضغط، ويدرسون قبل الامتحان بساعات.
فيما الأبحاث التربوية تؤكد أن هذا الأسلوب في الدرس غير فعّال، إلا في حال كان التلميذ ينجز دروسه يوميًا، وبالتالي فإنه لا يحتاج إلى الكثير من المذاكرة، ويترك المراجعة حتى الساعات الأخيرة، ومع ذلك قد يصل إلى مرحلة تجعله متوترًا قبل الامتحان.
فهو كما التلميذ الذي يحشو كل كتبه المدرسية في حقيبة ظهره في وقت واحد. ألن تتمزق الحقيبة؟ الأرجح بلى. ولنتخيل أن حقيبة الظهر هي الدماغ، وبالتالي فإن الدماغ محشو بالكثير من المعلومات وفي الوقت نفسه لا يتذكّر سوى القليل منها.
وبذلك فإن التحضير في الليلة السابقة على الامتحان، يضع التلميذ أمام كمٍ كبير من المعلومات، قد تمكنه من إنجاز بعض اسئلة الاختبار، ولكن لن يتذكّر كلّ شيء، بل خلال الامتحان سوف تمرّ المعلومات في الذاكرة بشكل فوضوي، وتبدو كلمات فضائية تسبح أمام بصره.
في العادة، عندما يشعر بالقلق والضغط، وربما يشعر بالذنب لأنه أجّل درسه الى الساعات الأخيرة قبل الاختبار، وهذه المشاعر تفقده التركيز. كل هذه المشاعر تجعله متوتّرًا.
لذا على التلميذ الاستعداد للامتحان قبل يوم أو يومين، ذلك أن المعلومات سوف تترسخ في ذاكرته في شكل منظم، فضلاً عن أنه إذا واجه صعوبة في فهم فكرة أو معادلة رياضية أو فيزيائية، سوف يكون لديه الوقت ليسأل الأستاذ عنها، وبالتالي لن يخشى الامتحان لأنه أزال مسبقًا سبب الخوف من الامتحان. إذًا لا للدرس تحت الضغط.
التفكير بشكل إيجابي في الاختبار
تغيير طريقة تفكير التلميذ في الدراسة يمكن أن يحسّن أداءه. الدرجات والدراسة مهمة، ولكن يجب ألا تحدّدا نظرته إلى ذاته وتقويمه لشخصيته. هذا النوع من التفكير يمكن أن يؤدي إلى أن ينظر التلميذ إلى الدرس على أنه مهمة مستحيلة.
فمثلاً عندما يصف نفسه بالفاشل لأنه نال علامة أقل مما توقّعه، أو لأنه أخفق في مادة، وبالتالي فإنّ هذا النوع من الاعتقاد يثير لديه القلق والتوتر ويقلل قدرته على التركيز، والتعلّم، وبالتالي يجد نفسه في حلقة مفرغة.
لذا وعوضًا عن وصف نفسه بالفاشل وغير القادر، عليه أن يضع في باله أن هناك اختبارات أخرى، أي هناك دائمًا فرصة ثانية للنجاح، هذا النوع من التفكير سوف يساعد على التخلص من بعض الضغط النفسي والحدّ من الإجهاد، ويسمح له بالدراسة بصورة أفضل.
التخلّص من التفكير السلبي
على التلميذ التخلص من النظر إلى قدراته بسلبية، والتوقف عن القول لنفسه عبارة “لا أستطيع أن أفعل هذا. هذا كثير جدًا. أنا لن أحفظ كل هذه المعلومات”… فهذه الأفكار والمشاعر السلبية المتعلقة بالدراسة، تؤثر في قدراته في التركيز على ما يجب القيام به.
لذا فبدل الشكوى والتذمر والتقليل من شأن قدراته التعلّمية، عليه أن يضع في باله أن في إمكانه الإنجاز والقول “أستطيع أن أنجز”، وإنجازه فورًا. سوف يفاجأ كم من الوقت يمكن أن يضيّعه وهو يشكو الدرس، في حين أن الأمر يتطلب منه التركيز على الأمور الإيجابية التي في إمكانه إنجازها.
استثمار الوقت في التخطيط
من الضروري أن يعيد التلميذ الذي يصاب بقلق الاختبار، النظر في عاداته الدراسية، ومقارنتها بالنجاح الذي يحقّقه في الاختبارات.
فينظر في طريقة العمل الذي أدى إلى نجاحه في اختبار ما، وفي تلك التي أدت إلى رسوبه في اختبار آخر، فيعتمد الأولى ويتخلى عن الثانية. وبهذه الطريقة يمكنه تحسين عادات الدراسة وتطوير أدائه أثناء الاختبارات.
الاهتمام بحاجاته الأساسية
من المهم أن يدرك التلميذ أنه أهم من مجرد شخص يخضع للاختبار. فمعظم التلامذة بسبب قلقهم ينسون حاجاتهم الأخرى، ولا سيّما التلامذة الذين يسعون إلى التفوّق، في حين على التلميذ أن يدرك أن الاختبار المدرسي هو فقط واحد من الأشياء المهمة في حياته.
لذا عليه الاهتمام باحتياجاته البيولوجية والعاطفية والنفسية والاجتماعية. على التلامذة والأهل أن يتذكّروا أن “العقل السليم في الجسم السليم”. فمن الضروري أن يمارس التلميذ التمارين الرياضية، ويتناول وجبة غذائية صحية، ويرفّه عن نفسه.
فالجلوس في صومعة الدرس، وإهمال كل باقي احتياجاته، يزيدان توتره. لذا ينصح التربويون التلامذة بالدرس بجرعات صغيرة، أي على التلميذ أن ينال فواصل راحة، كي لا يفقد تركيزه.
فمن المهم أن يعطي نفسه الوقت الكافي لدراسته قبل الاختبار. الهدف من الدراسة هو معرفة أكبر قدر من المعلومات، ولكن على مراحل، لا أن يحشو ذاكرته بشكل يجعلها مشوشة.
استراحة في الليلة التي تسبق الاختبار
من الضروري أن يرفّه التلميذ عن نفسه قبل يوم الاختبار طالما أنه استعد له جيدًا خلال الأيام التي سبقت الامتحان، لذا يمكنه القيام بنشاط رياضي والاسترخاء، والحصول على قسط وافر من النوم. فالدراسة بين عشية وضحاها عادة لا تؤتي ثمارها.
يوم الاختبار
مواجهة يوم الاختبار بكل فخر واعتزاز، وعليه تحمل المسؤولية إذا كان قد درس بما فيه الكفاية. ما يهم حقًا في هذه المرحلة ليست العلامة، ولكن أنه فعل ما كان من المفترض القيام به. هذا هو إنجاز في حد ذاته!
الاسترخاء ساعة قبل الاختبار. فما درسه كاف، والمراجعة آخر اللحظات قبل الامتحان تشوّش الذاكرة، وبالتالي تؤثر سلبًا في أداء التلميذ. وكذلك تجنب زملائه القلقين فهم ينتجون القلق ويؤثرون في مزاج الآخرين، وينقلون إليهم قلقهم وتوترهم.
وقت الاختبار
سواء كان مستوى القلق لدى التلميذ مرتفعًا أو معتدلاً، عليه أن يأخذ نفسًا عميقًا ويستغرق بعض الوقت للاسترخاء. قد يعتقد أن الاسترخاء يضيّع الوقت، ولكن الحقيقة عكس ذلك، بل يزيد من فرص القيام بعمل أكثر كفاءة. ثم يقرأ أسئلة الامتحان بهدوء، يبدأ بالإجابة عن الأسئلة السهلة التي لا تستغرق وقتًا ثم الإجابة عن الأسئلة الصعبة. فمن المعلوم أن التلميذ يصاب بالقلق عندما يجد أن السؤال الأول أو الثاني صعبًا ويستغرق وقتًا.
لذا، من الضروري ألا يحشر التلميذ نفسه في السؤال الذي يبدو له صعبًا، فهذا يسبب له توترًا، وبالتالي سوف يجد نفسه في حلقة مفرغة.
لذا عليه قراءة أسئلة الامتحان بتمعّن ورويّة وعدم التسرع في الإجابة، وألا ينظر إلى رفاقه أثناء توزيع الأسئلة، فكثيرًا ما تؤثر ردود فعلهم، خصوصًا السلبية فيه، مما يجعله خائفًا ومتوترًا، فلا يتمكن من الإجابة في الشكل الصحيح.
كما عليه ألا ينظر إلى الآخرين الذي أنهوا اختباراتهم قبله، فهذا أيضًا يوتّره، بل عليه الاستفادة من المدة التي حدّدها الأستاذ لإنجاز الامتحان، والتأكد من الإجابة قبل تسليم ورقة الاختبار.
بعد الاختبار
من المهم أن يكافئ التلميذ نفسه، سواء كان قد أنجز امتحانه بشكل جيد أم لا، وفي وقت لاحق، يقيّم الخطة التي وضعها لإنجاز دروسه وتحضيره للامتحان. استخدام أخطائه كدليل. وأخيراً، وضع خطة تحسين الاستعداد والبدء في الدراسة للاختبار المقبل!.