راديو موال – أكد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في مدينة رام الله اليوم الثلاثاء برئاسة الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء، أن الهجمة الاستيطانية الإسرائيلية المسعورة بالإعلان عن إقامة آلاف الوحدات الاستيطانية في مختلف مستوطنات الضفة الغربية بما فيها القدس، وإقرار الكنيست الإسرائيلي لقانون التسوية الذي يشرع نهب الأراضي الفلسطينية ذات الملكية الخاصة، وإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي عن إقامة مستوطنة إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية، مكافأة وإرضاء للمستوطنين الذين تم إخلاؤهم من مستوطنة “عمونا” التي كانوا قد أقاموها على أراض فلسطينية خاصة بالنهب والتزوير، سيزيد الأوضاع تعقيداً وصعوبة.
وشدد المجلس على أن إصرار الحكومة الإسرائيلية على تصعيد سياساتها ومخططاتها الاستيطانية، ورفضها الالتزام بالقواعد والمواثيق الدولية، وبخطة خارطة الطريق التي وضعتها الإدارة الأمريكية التي نصت على قيام إسرائيل بتجميد جميع النشاطات الاستيطانية، التي تتوافق تماماً مع مواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة بعدم شرعية الاستيطان وخطورته على حل الدولتين، سيضع العراقيل أمام جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تعهد بها خلال حملته الانتخابية، بإنجاز صفقة تاريخية عجز الكثيرون عن تحقيقها، تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتضمن الأمن والسلام للجانبين، وتعزز رغبتهما في التعاون المشترك كمفتاح للأمن والاستقرار في المنطقة.
وتساءل المجلس: إذا ما كانت مجمل هذه القرارات الاستيطانية غير المسبوقة، والتلويح الذي لا يتوقف بضم المناطق المصنفة (ج) في الضفة الغربية، وتبييض الآف الوحدات الاستيطانية وعشرات البؤر الاستيطانية، لم تحرك المجتمع الدولي، فما الذي يمكن أن يحركه؟ ودعا في هذا الصدد الدول التي صوتت لصالح قرار مجلس الأمن 2334، ومعها جميع دول العالم إلى تحمل مسؤولياتها والوقوف بحزم أمام هذا المخطط الممنهج الهادف إلى ترسيخ الاحتلال وتشريع نهب الأرض الفلسطينية، والقضاء على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وجعل تحقيقها أمراً مستحيلاً. وأكد المجلس على أن ما يجري فعلاً على الأرض هو تدمير ونسف لحل الدولتين الذي لم تؤمن به الحكومة الإسرائيلية الحالية يوماً. وشدد المجلس على أن جميع القوانين التي يسعى الكنيست الإسرائيلي لتمريرها لن تغير التاريخ ولا الحقائق، وإنما ستظهر الوجه الحقيقي للحكومة الإسرائيلية وسيكرسها كحكومة فصل عنصري مع ما يترتب على ذلك من تداعيات وأخطار لن تتحمل سوى الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عنها.
وأدان المجلس بشدة التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، الذي يأتي استمراراً لجرائم القتل والتدمير ولحصارها الخانق على قطاع غزة، ولعدوانها المتواصل على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا. وأكد المجلس أن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير، محذراً من نوايا الحكومة الإسرائيلية وسياساتها الهادفة إلى تفجير الأوضاع، ومطالباً المجتمع الدولي بالحذر من أكاذيب الحكومة الإسرائيلية وتضليلها، وضرورة التحرك العاجل لوقف التصعيد الإسرائيلي.
واستنكر المجلس دعوة بريطانيا لرئيس الوزراء الإسرائيلي للاحتفال بذكرى مرور مائة عام على وعد بلفور، مستهجناً الاحتفال بهذه الذكرى التي أدت إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه ومصادرة أرضه وممتلكاته وتشريده في مخيمات اللجوء وفي الشتات حتى يومنا هذا. وأكد المجلس أن على بريطانيا، بدلاً عن الاحتفال بهذه الذكرى، الاعتذار للشعب الفلسطيني وتصويب خطئها التاريخي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعم إقامتها، وتعويض الشعب الفلسطيني عما لحق به نتيجة هذه الكارثة الإنسانية.
وتابع المجلس باهتمام مشاركة الرئيس محمود عباس في القمة الإفريقية في أديس أبابا وكلمته الهامة فيها، وجولته التي شملت أيضاً الباكستان، حيث رحب المجلس بافتتاح سفارة فلسطين في العاصمة إسلام أباد وبالاتفاق على تفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين، وشملت كذلك بنغلادش حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية مشتركة، إضافة إلى زيارته لفرنسا لمتابعة نتائج مؤتمر باريس، واتصالاته الدولية الواسعة لحماية حل الدولتين وإنجاز الحقوق المشروعة لشعبنا.
ورحب المجلس بزيارة السيد شارل ميشيل رئيس الوزراء البلجيكي ضيفاً على فلسطين، للقاء والاجتماع مع الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء. وأعرب المجلس عن شكره وتقديره لبلجيكا حكومةً وشعباً على الدعم الذي تقدمه للشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية بصورة مباشرة ومن خلال الاتحاد الأوروبي والتي بلغت 71 مليون يورو بين الأعوام 2012 – 2015، ووقوف بلجيكا إلى جانب الحق الفلسطيني في المحافل الدولية بتصويتها إلى جانب قرار منظمة اليونيسكو بشأن القدس والمسجد الأقصى المبارك، وتصويتها إلى جانب قرار الأمم المتحدة برفع العلم الفلسطيني على مقرها، وتأييد بلجيكا لقرار مجلس الأمن الدولي 2334 بشأن الاستيطان، والجهود التي تبذلها بلجيكا لضمان تحقيق السلام العادل على أساس قرارات الشرعية الدولية، وشدد على أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين وحرصنا على تعزيزها في كافة المجالات.
وحيّا المجلس الصمود الأسطوري للأسرى والأسيرات الأبطال القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومعتقلاته. وأعرب المجلس عن استنكاره وإدانته للحملة المسعورة التي تنفذها حكومة الاحتلال الإسرائيلي ممثلة بإدارة مصلحة السجون بحق الأسرى وخاصة في معتقلي نفحة والنقب. واعتبر المجلس أن تلك الهجمة الشرسة المتمثلة بعمليات التنكيل والقمع من خلال استخدام القوة المفرطة والعزل الانفرادي تأتي ضمن خطة ممنهجة للنيل من حياة الأسرى، والتي تمثل جريمة إسرائيلية أخرى تضاف إلى جرائم الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني، وانتهاك صارخ وفاضح للمواثيق الدولية. وأعرب المجلس عن استنكاره لحملة الاعتقالات والأحكام الجائرة بحق الأطفال الفلسطينيين، التي تتناقض مع القانون الدولي والإنساني وخاصة اتفاقية الطفل، والتي كان آخرها الحكم على الفتاة المقدسية منار الشويكي والبالغة من العمر “16 عاماً” بالسجن لمدة ستة أعوام. ودعا المجلس المجتمع الدولي إلى الوقوف عند مسؤولياته بإلزام حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتطبيق الاتفاقيات الدولية بحق الأسرى وخاصة اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة.
وفي سياقٍ آخر، أعرب المجلس عن تقديره وامتنانه للدعم الأوروبي المنتظم لشعبنا، وكأكبر مانح للسلطة الوطنية منذ إنشائها. وأكد رئيس الوزراء على أنه بذل جهوداً كبيرة على مدى أكثر من عام لثني الاتحاد الأوروبي عن قراره بتبني سياسة دعم مالي جديدة فيما يتعلق بقطاع غزة للعام 2017، وذلك بوقف توجيه أموال الدعم الأوروبي لصرف رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة، وشدد على رفضه بتخصيص أموال الدعم للقطاع الخاص كما اقترح الاتحاد الأوروبي، وأشار إلى أنه وبتوجيهات من سيادة الرئيس على صرف المبلغ المخصص من الاتحاد الأوروبي لهذا الغرض في قطاع غزة، فقد تم الاتفاق على تخصيص المبلغ ليتم صرفه على قطاعي الصحة والتعليم والإعانات الاجتماعية لقطاع غزة. وأشار رئيس الوزراء إلى أن الاتحاد الأوروبي يدفع حالياً رواتب 17 ألفاً من رواتب الموظفين المدنيين في قطاع غزة بمعدل 1000 شيكل شهرياً، في حين تتحمل الحكومة رواتب باقي الموظفين المدنيين وعددهم 11 ألفاً، إضافةً إلى فروق الرواتب المستحقة لجميع الموظفين المدنيين ورواتب موظفي السلطة العسكريين كاملة في قطاع غزة وعددهم 35 ألفاً، مؤكداً التزام الحكومة باستمرار صرف رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة، ومشيراً إلى أن القرار الأوروبي سيزيد من الأعباء المالية ويؤدي إلى عجز إضافي في الموازنة العامة التي تعاني أصلاً عجزاً مالياً للعام 2017 يبلغ 39 مليون دولار شهرياً.
وأكد المجلس على ضمان حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر والتأليف والتوزيع، وعدم المساس بهذه الحقوق والحريات التي يكفلها القانون الأساسي، والتزام الحكومة بصيانة التعددية الفكرية والثقافية في فلسطين، وعلى دور المثقفين والنقاد الهام في النقاش والحوار الفكري الذي يعزز من الهوية الوطنية الثقافية، ويضمن حيوية المشهد الثقافي في فلسطين.
ونعى المجلس إلى جماهير شعبنا الفلسطيني المناضل جميل شحادة الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطيني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي أمضى حياته مناضلاً من أجل حرية شعبنا وتحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس. كما نعى المجلس المناضل برهان جرار (رشاد الكاسر)، مؤكداً على أن الحركة الوطنية الفلسطينية خسرت بوفاته أحد أبرز المناضلين الذين سطروا سيرة كفاح طويلة في الدفاع عن شعبنا وقضيته العادلة.
وعلى صعيدٍ آخر، قرر المجلس إحالة مشروع قرار بقانون التربية والتعليم العام، إلى أعضاء مجلس الوزراء، لدراسته وتقديم الملاحظات بشأنه، تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب بشأنه في جلسة مقبلة، والذي يعتبر القانون الفلسطيني الأول الذي يغطي قطاع التربية والتعليم، وتم إعداده بمشاركة كبيرة من المؤسسات والخبراء، بما يلبي طموح الشعب الفلسطيني في إعداد قانون عصري وديناميكي، يساهم في تطوير التعليم والنهوض به، وإيصاله إلى مصافي الدول المتطورة بانسجام كامل مع وثيقة الاستقلال، ورسالة الشعب الفلسطيني وقيمه ومعتقداته، إضافةً إلى مراعاته لمفاهيم التطوير التي أرستها اللجنة الوطنية لإصلاح وتطوير قطاع التعليم برئاسة رئيس الوزراء خلال العامين الماضيين، وما واكب ذلك من تغيرات محورية ومراجعات جذرية لسبل استنهاض التعليم بكامل أركانه، بما يضمن التحصيل العلمي النوعي، وترسيخ منظومة التعليم العميق المنتج للمعرفة، القادر على تحقيق استدامة معرفية واقتصادية شاملة، تشكل رافعة وطنية لتمكين الشعب الفلسطيني والنهوض بطاقته نحو تحرير الأرض والإنسان.
كما قرر المجلس إحالة مشروع قرار بقانون معدل للقرار بقانون رقم (13) لسنة 2009 بشأن قانون الكهرباء العام، إلى أعضاء مجلس الوزراء، لدراسته وتقديم الملاحظات بشأنه، تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب بشأنه في جلسة مقبلة.