راديو موال-مع اجتياح التكنولوجيا تبدو القراءة عادة بدأت الانسحاب من عالم الطفل والمراهق. فعندما يلتقي مجموعة من التلامذة سواء كانوا صغارًا أم مراهقين، يبدو الحديث عن،تطبيقات لعبة رقمية قاموا بتنزيلها محور أحاديثهم، فيما يبدو عليهم الانزعاج ويتذمّرون من طلب المعلمة قراءة قصة، وتلخيصها.
وفي المقابل لا يختلف مشهد المدرسة عن البيت، فالجميع مشغول بما بين يديه آيباد، هاتف جوال… أما الكتاب فيبدو زينة جميلة أو تحفة قديمة وضعت على الرف. وإذا ما منعت الأم أبناءها من التكنولوجيا، وطلبت منهم المطالعة بدل التلهي بما لا ينفع، تسمع عبارة ماذا تنفعني المطالعة؟ ومهما حاولت الأم إقناع أبنائها بالمطالعة “لا حياة لمن تنادي” … فماذا على الأم أن تفعل لإعادة الاعتبار إلى القراءة في حياة أطفالها؟ وكيف تستطيع تعويدهم على المطالعة؟ وما أهميتها؟
عن هذه الأسئلة وغيرها تجيب الاختصاصية في التربية أمل شاتيلا.
بداية تقول شاتيلا: “كثير من الآباء والامهات يلقون اللوم على المدرسة والمعلمة فيما يتعلّق بالأمور الأكاديمية وخصوصاً القراءة. فبرأيهم أن هذه مسؤولية المدرسة، ويهملون السنوات الثلاث الأولى من حياة أطفالهم ظنًا منهم أنّ التعليم يبدأ في المدرسة.
في حين التربية والتعليم يبدأن قبل الحمل وخلال الحمل وبعد الولادة، ويستمران في كل مراحل حياتنا. وقد اثبت العلماء أنّ الجنين يسمع ويتأثر بوضع أمه النفسي والعقلي والفيزيائي”.
ما هي أهمية القراءة؟
القراءة هي من أهم وسائل التعلّم الإنساني لإكتساب المعارف والمهارات وفتح الآفاق. وهي تهدف إلى تطوير الإنسان وتوسع دائرة خبراته وتفتح أمامه أبواب الثقافة. فهي تساعد على تحسين القدرة على فهم الآخر.
فالطفل حين يتفاعل مع شخصيات القصة التي تقرأها له والدته يتقمّص في لاوعيه الشخصيات الموجودة في القصة ويتعاطف معها ويحاول مساعدتها وبالتالي يتدرب على حلّ المشكلات.
كما أن القراءة تحسّن الإبداع وتكسب الطفل حسًّا لغويًا أفضل، فيتحدث ويكتب بشكل أفضل. فهو عندما يقرأ، يستخدم الخيال ويتعلم الكثير من المفردات. وعندما نطلق العنان للطفل ليتخيل فسوف يعطي أفكارًا جديدة وخصوصًا عندما نعوّده على أن يسأل “ماذا لو؟”
كيف يستطيع الأهل تعويد أطفالهم على القراءة، في عالم تجتاحه التكنولوجيا التي توفّر الكثير من الترفيه؟
كلنا نتفق على أهمية غرس حب القراءة في نفس الطفل في سن مبكرة حتى تصبح عادة يمارسها كغيرها من العادات. وهذا يبدأ من البيت بتدريب الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة.
فكما تعوّد الأم طفلها وتدرّبه على النظافة والإعتماد على نفسه في الأكل والشرب واستعمال المرحاض، تستطيع أن تدربه على حب القراءة. وهذه بعض النصائح التي تساعد الأهل على غرس حب القراءة عند اطفالهم.
1- البدء بقراءة القصص له عند النوم في مرحلة مبكرة، حيث هو يصغي ويخزّن في عقله.
2- شراء القصص المصنوعة من القماش أو النايلون ووضعها في يد الطفل في شهره السادس، فيعتاد حمل كتاب والتفرج على الصور الموجودة فيه . وحتى لو لم يكن الطفل في مرحلة تسمح له بالقراءة ، بإستطاعة الأم أن تشير إلى الصور وتحكي للطفل القصة. فالطفل في هذه المرحلة يخزّن المعلومات ويطلقها عندما يبدأ الكلام.
3- عدم إظهار الملل من قراءة القصص للطفل حتى ولو اختار القصة نفسها. و قراءة القصة مستخدمين التأثيرات الصوتية، وتعابير الوجه، واليدين المناسبين ومحاورته حول أحداثها لجذب إهتمام الطفل وإثارة الدافعية عنده.
4- تخصيص وقت ومكان للقراءة له. وجعل هذا المكان جذابًا يشعر الطفل بالراحة.
5- توفير الكتب والمجلات الخاصة بالأطفال وتشجيع الطفل على تكوين مكتبة خاصة به في زاوية غرفته او إحدى زوايا المنزل.
6- التدرج مع الطفل في قراءته ومراعاة رغباته. فإذا كان يحب الحيوانات ، نشتري له كتبًا تتعلق بالحيوانات.
7- إختيار ما هو مناسب لعمره: المضمون ، عدد الكلمات ، الرسوم …
8- القدوة القارئة: لن يقرأ الطفل إذا لم يرى قدوته، الأم والأب أو أحدهما على الأقل يقرأ.
9- تحفيز الطفل على لعب دور إحدى شخصيات القصة ونساعده في تمثيل دور هذه الشخصية. مثلاً عندما يكون هناك حوار في القصة، يمكن الطفل أن يختار شخصية، ويقرأ هو حديثها، وأمه تقوم بدور الشخصية المحاورة.
نحن الآن في عصر التكنولوجيا، كيف يستطيع الأهل التوفيق بين الكتاب والألعاب الإلكترونية؟
عندما لا نعوّد الطفل على حمل الجوال أو ال Ipad قبل حمل الكتاب، فإننا بذلك نغرس حب القراءة في نفسه في سن مبكرة وتصبح القراءة عنده عادة.
أما الآن في عصر التكنولوجيا، فإننا نستطيع أن نوجهه لإختيار الألعاب الألكترونية التى تنمي الوعي وتتيح له المعلومات، وتلك التي توفر ألعاباً تربوية مثل تركيب الكلمات، أو قراءة قصة.
ماذا تنصحين الأهل؟
أثبتت البحوث العلمية أنّ هناك رابطَا قويًا بين القدرة على القراءة والتقدم الدراسي. لذلك أنصح الأهل بتشجيع أولادهم على القراءة وغرس حب القراءة في مراحل مبكرة وبذلك فإنهم يوفرون لهم افضل تعليم .
وقد قال احد العلماء الكبار “إنّ قراءتي الحرة علّمتني أكثر من تعليمي في المدرسة بألف مرة” وأنصحهم أيضا بعدم الإستسلام أمام تذمر الطفل من القراءة، فبالمثابرة نصل الى أهدافنا.