يبدي بعض التلامذة انزعاجهم من معلمتهم، فيشكون أنها غير لطيفة أو قاسية أو بكل بساطة لا يستلطفونها، رغم أنها تبدو لطيفة، وتعمل كل ما في وسعها لأجل مصلحة التلامذة.
وفي المقابل يخشى الأهل أن تؤثر هذه المشاعر السلبية اتجاه المعلمة في أداء ابنهم الأكاديمي، وغالبًا ما تكون خشيتهم في محلّها.
فعندما لا يحب التلميذ المعلّمة أو الأستاذ، فإنه لا يكترث للمادة التي يدرّسها، وبالتالي يكون أداؤه فيها سيئًا.
فما هي الأسباب التي تجعل التلميذ، ولا سيمّا إذا كان صغيرًا لا يحب المعلمة؟ وماذا على الأهل القيام به عندما يقول لهم ابنهم إنه لا يحب معلّمته؟
أسباب ممكنة تجعل التلميذ لا يحب معلّمته
من المعلوم أن التلامذة الصغار يتوقعون الكثير من العاطفة من معلمتهم، ويتعلقون بها كما والدتهم، في حين يجب على المعلمة أن تكون على مسافة واحدة من الجميع، وتشجع التلامذة على الاستقلالية، مما قد يشعر الطفل بالغيظ إذا لم يكن محط اهتمام معلّمته.
فتسمع الأم عبارة “لا أحب معلمتي”، هنا تكمن كل الصعوبة لمعرفة السبب. فهذا النوع من المشاعر قد يكون ناجمًا عن مسائل تافهة، فالتلميذ الصغير، في مستوى الحضانة تشبه عبارة لا “أحب معلّمتي” عبارة “لا أحب طبق الخضار”، وهذا يشير إلى أمور كثيرة، مثلاً ربما هناك تفصيل في مظهر المعلّمة لا يحبه، أو ربما يذكّره بشيء سلبي، ويركز عليه.
“المعلمة شرّيرة تصرخ طوال الوقت ولا تحبني”… عبارة يزعمها التلميذ الصغير، وغالبًا ما يردّدها على مسامع والدته! على الأم التعامل مع هذه المشاعر وهذه المزاعم بأسلوب موضوعي، وتسأله: “ماذا حدث؟ وضعت لك علامة سيئة على الامتحان؟ ولكن هذا لا يعني أنها لا تحبك! أنت لم تنجز فرضك كما يجب، وبالتالي لست أنت السيئ، وهي لا تكرهك وإنما وجدت فرضك سيئًا”. فهذا يجعل التلميذ يفصل بين العلامة التي نالها، وعلاقته بالمعلمة.
ومن الأسباب التي تجعل التلميذ لا يحب معلّمته، إذا تعرّض للتوبيخ أثناء ثرثرته مع زميله في الصف، هنا على الأم أن تذكّره بأنه ممنوع الثرثرة في الصف، وتذكّره بأن الجميع في الصف بحاجة إلى الهدوء لفهم المادة التي تشرحها المعلّمة، لذلك عليه أن يتصرف بحكمة حتى لا تكون المعلمة معه قاسية.
فيما عبارة “زيد وعمر المفضلان عند المعلمة” تتكرر على مسامع الأم. هنا عليها أن تسأله: “ولكن ما الذي يجعلك تعتقد ذلك؟”، فيجيب الطفل دائمًا: توليهما مسؤولية الاهتمام بالصف أثناء غيابها وينالان درجات عالية”.
في هذه الحالة على الأم أن تسأله: “ألا يستحقان ذلك؟”، فيكون جواب الابن متردّدًا وغير واضح. هنا عليها أن تشجعه ليكون أداؤه أفضل، وبالتالي قد يجعل المعلمة تمنحه الاهتمام مثلهما.
كما على الأم أن تؤكد له أن المعلمة ليست ملزمة بأن تحبه كما تحب الآخرين، ففي الحياة هناك أناس نحبهم، فيما آخرون لا، هذا لا يعني أننا نكرههم أو أنهم سيئون، ولكن ببساطة نفضلهم على غيرهم.
من الأمور التي تجعل التلميذ ينفر من المعلمة، المقارنة بينه وبين شقيقه الأكبر إذا كان هذا الأخير تلميذًا عندها في الماضي، ومن حيث لا تدري تقارن المعلمة بينه وبين شقيقه ظنًا منها أنها بذلك تشجعه ليكون أفضل، في حين يشعر التلميذ بالغيظ منها.
في هذه الحالة على الأم التحدث مع المعلمة، ولفت انتباهها إلى أن هذه المقارنة تشعل الغيرة بين الإخوة وتؤثر في علاقة الابن بها، مما ينعكس على أدائه الأكاديمي.
كيف يجب أن يكون رد فعل الأهل اتجاه الشكوى؟
عندما يبدي التلميذ انزعاجه من المعلمة، من الضروري أن تصغي الأم جيدًا إلى ما يقوله. إذ لا يجوز تسخيف الأمر كالقول “أوه لا بأس”، لأنه سيشعر بالغيظ، وفي الوقت نفسه لا يجوز تهويل الأمر وتحويله إلى دراما، فمن غير المفيد أن تسارع الأم الى طلب موعد مع المدرّسة.
بل في البداية عليها فهم ماذا يحدث في الصف بمناقشة ابنها أو ابنتها، وهذه المناقشة يمكن أن تأخذ أشكالاً عدة، مثلا رسم أو لعبة تبادل الأدوار، بالطلب من الطفل إعادة انتاج المشهد الذي يحدث في الصف، فالهدف هو فهم الوضع.
كما من المهم أن تدرك الأم أن التلامذة حسّاسون اتجاه رموز السلطة. وإذا أبدت المعلّمة ملاحظة، أو منعته من اللعب أثناء الحصة، فإن التلميذ سيشعر بالظلم والغضب إذا نال عقابًا أو تلقّى ملاحظة. وبدءًا من السابعة، يتعامل التلميذ مع المفاهيم بشكل أفضل، ويسهل عليه التحدث بشكل واضح عن عمق المشكلة، وبالتالي يسهل حلّها من خلال الحوار معه.
التعامل مع الشكوى
بحسب السن، يجدر بالأم التفسير لابنها أنه يمكنه ألا يستلطف معلمته. مثلما يحدث في الحياة بصورة عامة، لا يمكن أن نحب الناس جميعًا. وفي المقابل، من المهم جدًا الحفاظ على الحديث الإيجابي عن المعلمة والمدرسة.
فإذا كان الأهل يميلون إلى انتقادهما فمن المحتمل أن ينظر الطفل إليهما بشكل سلبي، لأنه يشعر بالولاء لآراء أهله. ومن جهة أخرى، إذا نال عقابًا لا يجوز للأم معارضة قرار المعلمة، وإذا كان العقاب في حقه ظالمًا، عليها أن تشرح له أن هذه الأمور تحدث في الحياة، ولكن في المقابل عليها أن تعرف لماذا حدث هذا الظلم، مثلاً قد يحدث أن وقع عليه العقاب لأنه كان ضمن مجموعة من التلامذة كانوا يشاغبون، وصودف أن المعلمة ضبطته وحده فقط، وبالتالي فهو الوحيد الذي عوقب من أفراد المجموعة، لذا فمن الطبيعي أن يشعر بالظلم لأن زملاءه لم ينالوا عقابًا.
هنا على الأم أن تنبهه بأن عليه ألا يشارك الآخرين في شغبهم، وإذا دافع عن نفسه وأكدّ أنه لم يكن يشاغب ولكنه كان برفقتهم، عندها عليها أن تطلب منه الابتعاد عنهم، كي لا يظلم. المهم ألا يربط الدرس والفروض بشخصية المعلمة، وتجنب عبارات على نحو “هذه المعلمة تعطي فروضًا كثيرة، إنها قاسية جدًا”. ومن المهم جدًا أن تذكّر الأم ابنها أنه في المدرسة عليه الخضوع لقوانين الصف كما في البيت.
يشكو دائمًا رغم الحوار بينه وبين أهله
عندما تستمر شكوى التلميذ من معلمته، على الأم أن تطلب موعدًا، ولكن عليها أن تكون حذرة من رد فعلها، أي ألا تتحدث إلى المعلمة بلهجة الاتهام، أو بهدف تصفية الحساب معها، فيتفاقم الأمر، لذا من المهم تبسيط المشكلة، فبدل القول للمعلمة “ابني قال لي أو ابني يشكو…”، من الأفضل أن تبدأ الحديث “لدي انطباع بأن ابني ليس على ما يرام في الصف، هل لاحظت شيئًا؟” من المهم جدًا أن يكون اللقاء الأول مع المعلمة هادئًا وبعيدًا عن التوتر، أي ألا تشعر المعلمة بأنها متهمة، وبالتالي سوف تدافع عن موقفها اتجاه التلميذ، بل على الأم أن تعطي انطباعًا بأنها تلتقيها لتفهم ما يحدث مع ابنها في الصف، وأنها تطلب مساعدتها للتعاون من أجل مصلحة الابن، فتتبادلان المعلومات حول الابن، مما يمكّن المعلمة من فهم بعض أفعال التلميذ في الصف.
وفي بعض الحالات، يحدث أن كره التلميذ للأستاذ سببه الأستاذ نفسه، فالمعلمون بشر، ومن الطبيعي أن لديهم تلامذتهم المفضلين . ولكن المعلم الذي لا يحب الطالب، لا ينبغي له إظهار ذلك في الصف.
وفي كل الأحوال، إذا تأكدت الأم أن المشكلة عند المعلمة، وليس عند الابن، أي تأكدت أن ابنها لم يقم بأي عمل استفز المعلّمة، خصوصًا أنه لا يواجه مشكلة مع أساتذة آخرين، قد يكون من المناسب إجراء حوار مع المعلمة. فتطلب موعدًا وتتحدث إليها بهدوء، وتشرح بوضوح وجهة نظرها، وتتبنى خطابًا عقلانيًا بعيدًا عن العواطف أو المشاعر السلبية.
فبعض النقاش قد يظهر سوء فهم غير مقصود، وسوف يتمكنان من حل هذه المشكلة. أما إذا رفضت المعلمة التعاون أو سماع وجهة نظر الأم، عندها عليها أن تلتقي المسؤولة في الإدارة، التي يجدر بها أن تتخذ التدابير اللازمة. وفي بعض الحالات، قد يتم تغيير الصف.
ماذا لو كانت الأم لا تحب المعلّمة؟
بالفعل قد يحدث أحيانًا أن الأم لا تحب هذه المعلمة، لذا على الأم التحكم في مشاعرها وعدم إظهارها لابنها أو ابنتها، لأن من الطبيعي أن يتأثرا بهذه المشاعر.
وعليها أن تتذكر أنها لا تمضي اليوم معها، بل مع ابنها، وتتعامل معها بموضوعية وعقلانية. ومهما كانت المشكلة، لا يجوز للأهل أن يتكلموا بسوء على المعلمة أمام الابن أو الابنة، وأن يتذكروا أن ما يهم هو تلقي ابنهم العلم والنجاح اللذين يجب أن يتقدّما على الحساسيات الشخصية.
متى على الأم أن تقلق؟
عندما يتغير سلوك التلميذ، ويصبح لديه اضطراب في النوم، أو اضطراب في الغذاء، ولم يعد يحب الذهاب إلى المدرسة، عندها من الضروري استشارة اختصاصي إذا كانت النقاشات مع التلميذ والمعملة غير مجدية.