في أيامنا هذه، تراجع نشاط الأطفال وصاروا أكثر ميلاً إلى الجلوس لساعات طويلة أمام شاشة التلفزيون أو الوسائل الإلكترونية المتاحة، بدلاً من ممارسة أي نشاط رياضي.
ومع اتباع نمط الحياة هذا، يتجه الطفل إلى الغرق فيه أكثر فأكثر فينمو متبعاً أسلوب الركود وقلة الحركة.
هذا، فيما تؤكد مختلف الدراسات أهمية الرياضة بالنسبة الى الأطفال وفوائدها كتحسين نوعية النوم لديهم، والحد من التوتر والمرض مقارنةً بالأطفال الذين لا يمارسون الرياضة. ويبدو أن الوسيلة الفضلى للتشجيع على اتباع نمط حياة غني بالأنشطة الرياضية، تكمن بأن يشكل الأهل مثالاً لهم في ذلك فيتبعون الطريق نفسه ويكونون أكثر نشاطاً.
علماً أن الدراسات قد أظهرت أن الأطفال الذين يكونون أكثر نشاطاً يبقون كذلك مع التقدم في السن ويميلون إلى ممارسة الرياضة كراشدين.
ما كان ليخطر في بال أحد أن الأهل قد يضطرون يوماً إلى تشجيع أطفالهم على اللعب خارجاً أو ممارسة الرياضة، لكن المقاييس تبدلت اليوم وصار هذا ضرورياً بما ان الأولاد باتوا يجلسون حوالي 40 أو 60 ساعة في الأسبوع، وهم يلهون بالوسائل الالكترونية المتاحة لهم من دون أن يفكروا للحظة بالحاجة إلى الحركة والرياضة.
يولد الأطفال وهم يميلون إلى الحركة والنشاط، ومن الواضح أنهم في الاشهر الأولى وحتى في السنتين الأوليين يبدون أكثر نشاطاً، لكن عوامل عدة تبعدهم عن هذا الاتجاه فيتحولون إلى حياة الركود، إما بسبب توافر الوسائل التي تشجع على الركود كالتلفزيون والكمبيوتر وغيرهما من الوسائل الالكترونية، أو بسبب الدراسة أو غيرها من الوسائل غير المشجعة على ممارسة الرياضة.
حتى أن الأهل قد لا يكونون من المشجعين بشكل كاف على ممارسة الرياضة التي لها فوائد كثيرة بالنسبة الى الطفل، مما يفسر أهمية التركيز عليها لتقوية العظام والعضلات وضبط الوزن والحد من احتمال الإصابة بأمراض خطيرة كالسكري من النوع الثاني، وتعزيز القدرة على النوم وتحسين نوعية العادات المتبعة في نمط الحياة وتحسين صحة القلب وتعلم مهارات جديدة.
واللافت ايضاً ان الاطفال الذين يمارسون الرياضة وهم اكثر نشاطاً يكونون أكثر نجاحاً في الدراسة وتزيد قدراتهم الفكرية. هذا من دون أن ننسى أن الرياضة تساعد على تعزيز ثقة الطفل بنفسه في مختلف المراحل العمرية.
فوائد الرياضة الصحية :
تقوية جهاز المناعة وتحسين القدرة على مكافحة الامراض.
الحد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
ضبط مستوى ضغط الدم وتحسين معدلات الكوليسترول
تحسين صحة القلب والشرايين والوقاية من أمراض القلب.
الحد من خطر الإصابة بالسمنة وضبط معدلات الدهون في الجسم.
تقوية العظام والعضلات.
تحسين الدورة الدموية وتدفق الدم إلى مختلف الأعضاء.
وفوائد على الصحة النفسية أيضاً!
تساعد الرياضة على تعزيز ثقة الطفل بنفسه.
تحسن نظرته إلى الحياة والأمور فيراها بإيجابية أكثر.
تزيد قدرته على مواجهة التحديات.
أظهرت الدراسات أن ممارسة الطفل الرياضة تساعد على الحد من الاكتئاب وتحسن مزاجه وتحد من القلق لديه.
ويلعب الأهل دوراً أساسياً في تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة والحد من الوسائل التي تدفعه إلى الركود . مع الإشارة إلى أن معدل ممارسة الرياضة الذي ينصح به للأطفال بين سن 6 سنوات و17 سنة هو ساعة واحدة في اليوم في معظم أيام الاسبوع، بحيث تشكل الرياضة جزءاً من نمط حياتهم. لكن بشكل عام، هناك ثلاثة عناصر أساسية لا بد من التركيز عليها لتحقيق ذلك :
اختيار الأنشطة الرياضية المناسبة للطفل، وإلا فسيشعر بالملل.
إتاحة كل الفرص الممكنة للطفل ليكون نشيطاً سواء لجهة الوقت أو المكان أو الأدوات التي يحتاج اليها في انشطته.
التركيز على عنصر التسلية في الرياضة، فالطفل لن يمارس النشاط الذي لا يسلّيه.
إليك الوسائل الفضلى لتشجعي أطفالك على الحركة:
كوني مثالاً جيداً لهم ومارسي الرياضة لتشجعيهم على ذلك.
رافقيهم مشياً على الأقدام إلى المدرسة والعودة منها إذا كانت المسافة مقبولة. حتى أنه يمكنكم التوجه إليها على الدراجات الهوائية.
شجعيهم على اللعب على الـSkateboard والـRollers.
احرصوا على ممارسة الرياضة معاً كعائلة في أي نشاط فيه تحدٍ كالمشاركة في ماراثون دعماً لقضية معينة مثلاً.
ادعمي أطفالك في الرياضات والأنشطة التي يقومون بها وشجعيهم في المباريات التي يشاركون فيها.
اختاري في عطلة نهاية الاسبوع نشاطاً معيناً تقومون به معاً كعائلة كالمشي في الطبيعة وركوب الدراجات الهوائية ولعب كرة القدم أو كرة السلة.
توجهوا إلى شاطئ البحر الذي يتيح للأطفال فرصة القيام بأنشطة عدة كالسباحة والركض على الرمال واللعب بالكرة…
شجعي طفلك باستمرار فيما يحرز أي تقدم في الرياضة التي يمارسها، خصوصاً إذا كان يواجه فيها بعض الصعوبات.
حددي فترات مشاهدته التلفزيون واستعمال الكمبيوتر والـ IPad وغيرها حتى لا يتمادى في ذلك ويجد الوقت الكافي للقيام بالانشطة اللازمة. يجب ألا تتعدى هذه الفترات الساعتين كحد أقصى.
هكذا تحدّين من فترات مشاهدته التلفزيون !
مما لا شك فيه أن لمشاهدة التلفزيون فوائد للطفل نظراً الى دوره التثقيفي . وتبقى هذه الوسيلة التي يعشقها الأطفال مفيدة بشروط، فالتمادي في ذلك أو تخطي الحدود يقضي على كل فوائدها ويجعلها اكثر ضرراً . لن يتقبل طفلك فكرة منعه من مشاهدة التلفزيون، كما أن هذا ليس مطلوباً، لكن ثمة وسائل معينة يمكن أن تساعدك على الحد من فترات جلوسه من دون حراك بدلاً من ممارسة اي نشاط يفيده . علماً أن الطفل يحتاج إلى أنشطة بديلة تقترحينها عليه حتى لا يشعر بالملل ويتوجه اكثر إلى وسائل تدعوه إلى الركود .
قومي بتغييرات تدريجية ولا تحاولي منعه فجأة وبشكل جذري. يمكن ان تبدئي بخفض عدد ساعات مشاهدته التلفزيون بمعدل ساعة في الاسبوع، ثم يمكنك ان تخففي ذلك تدريجاً.
لا تضعي التلفزيون في غرفة نوم طفلك، فهذا لا يدفعه إلى مشاهدته أكثر فحسب، بل يؤثر سلباً في نومه ويجعله بالتالي مرهقاً خلال النهار، مما يؤثر في نتائجه المدرسية ونشاطه. حتى أن المبالغة في مشاهدة التلفزيون إلى هذا الحد قد تؤدي به إلى الإفراط في الاكل والسمنة. ضعي التلفزيون والكمبيوتر في غرفة أخرى لتتمكني من ضبط فترات استعمالهما بشكل أفضل.
ضعي برنامجاً محدداً بشأن مشاهدة التلفزيون واستعمال الكمبيوتر وناقشيه مع طفلك. تحدثي معه في هذه الأمور بحيث يفهم أن هذه الوسائل لا تستخدم في فترات الاكل أو لمدة ساعة قبل النوم. وبعد الاتفاق معه، دعيه يشاهده بحرية في الفترة المسموحة من دون مقاطعة.
إذا كان طفلك أكبر سناً، حدثيه عن الإعلانات التلفزيونية التي تسوّق للاطعمة السريعة التحضير وأضرارها وكيف تحاول إقناع الناس بها.
خففي من مشاهدة التلفزيون أنت ايضاً، فإذا كنت تمضين معظم ساعات النهار في مشاهدة التلفزيون وأمام شاشة الكمبيوتر، فكيف تتوقعين من أطفالك أن يمارسوا الرياضة ويقوموا بأنشطة أخرى؟
شجعيه باستمرار على القيام بأنشطة رياضية مختلفة فيجد بدائل لتلك الوسائل التي تحضّه على الجلوس ساعات طويلة من دون حركة.