انضم لصفوف الجيش الاسرائيلي عام 1968 ضمن لواء الناحال وتحديدا ضمن فرقة الانزال الجوي التابعة للناحال وتدرج على سلك المراتب والوظائف العسكرية، الى ان وصل اعلاها وكان رئيسا للاركان ووزيرا للجيش وما بين المنصبين كانت سيرته العسكرية الطويلة.
إنه اليهودي الاوكراني الاصل الذي ولد عام 1950 باسم “موشيه سمولينسكي” وتربى في منطقة كريات حاييم في حيفا، حيث عمل والده كعامل انتاج في مصنع “شيمن”.الصق اطفال الحي به وهو في العاشرة من عمره لقب ” بوغي “، وذلك بعد أن وجدوا صعوبة بمناداته باسمه “موشيك ” كما اعتاد الجميع مناداته في تلك الفترة، ومع مرور الايام اعتمد لقب “بوغي” ضمن توقيع الرسمي الذي حمل ايضا لقب “يعلون” نسبة الى نواة فرقة الانزال في لواء الناحال التي حملت الاسم المختصر “يعلون” ليصبح اسمه ” موشيه “بوغي” يعلون.تعاقب على العديد من المناصب العسكرية الرفيعة، واصيب بجراح اثناء مطاردة مجموعة تابعة للمقاومة في لبنان عام 1985، وبعد ان شفي من الاصابة عينه رئيس الاستخبارات العسكرية في تلك الفترة “امنون ليفيكن شاحاك” قائدا لفرقة النخبة المعروفة باسم “سيرت متكال”، التي وصف خدمته فيها بالافضل في تاريخه العسكري.قاد عملية “تخليت” التي اسفرت عن اغتيال الشهيد خليل الوزير “ابو جهاد”، واشرف عليها بشكل كامل وشارك فيها بصفته قائد “س يرتم تكال”، ونال خلال قيادته في هذه الوحدة اربع ميداليات وشارك في عمليات اختطاف طالت قادة في المقاومة اللبنانية منهم “جواد قصفي” بهدف مقايضته بالطيار رون اراد.والمقصود هنا ليس سرد سيرة وزير الجيش الاسرائيلي المستقيل “موشيه يعلون”، بل القاء الضوء على شخصيته اليمينية المتطرفة الرافضة لاي حل سياسي مع الفلسطينيين، يتضمن تنازلا عن الضفة الغربية حتى ندرك حجم التغّول اليميني الذي بات يسيطر على اسرائيل، هذا التغّول الذي وصل حد عدم قدرة شخص يميني مثل ” يعلون” على احتماله، اضافة لعدم قبول اليمين المجنون حتى بمن هم مثل يعلون بما يشير الى الاتجاه اليميني المجنون الذي يلامس حدود الفاشية الذي اختطف اسرائيل وبات يسيطر على مفاصل حكمها حسب تعبير ” يعلون” نفسه.اصاب اعلان “يعلون” استقالته وانسحابه المؤقت من الحياة السياسية الساحة السياسية والحزبية الاسرائيلية بالصدمة، واثار فيه مياها الراكدة امواجا شديدة.
ويبدو ان ضم ليبرمان للحكومة ومنحه منصب وزير الجيش كانت القشة التي قصمت ظهر بعير رجل الليكود ورئيس الاركان السابق، خلال مواجهته السياسية مع رئيس الوزراء نتنياهو كاشفه النقاب عن تاريخ طويل من الشقاق والخلاف والصدع العميق والظاهر. الخليل وإعدام الشريف كانت البداية :اطلق الرقيب في ” اليؤر ازريه” يوم 24 اذار الماضي النار على عبد الفتاح الشريف، بعد ان اصيب بجراح خطيرة عقبت محاولته طعن جنود من قوات الاحتلال في الخليل، لكن الرقيب المذكور اطلق النار على رأسه واعدمه ميدانيا دون ان يكون هناك أي خطر يتهدد جنود الاحتلال، وتم تحويله للمحكمة العسكرية. وبالتوازي مع المسار “القضائي ” اندلعت مواجهة عنيفة بين يعلون وكبار القادة العسكريين من جهة، وقادة كبار في المستوى السياسي تمحورت حول الجندي الذي اطلق النار واعدم الشريف وطريقة دعمه وتأييده.وقال نتنياهو يوم الحادثة إن ما جرى لا يمثل قيم الجيش الاسرائيلي، فيما شرع اقطاب اليمين بمهاجمة من وصف الجندي بالقاتل.”يمكن ان يكون الجندي قد ارتكب خطأ في تقدير الموقف، لكنني افضل جندي ارتكب خطأ وبقي على قيد الحياة، على جندي تردد في اطلاق النار على مخرب وفقد حياته، نتيجة ذلك” قال ليبرمان على سبيل المثال ليتبع وزير التربية والتعليم ” نفتالي بينت” مهاجما كل من تهجم على الجندي، قائلا ” هل فقدنا عقلنا؟ الجندي ليس بقاتل “.وتلقت عائلة الجندي بعد يومين من الحادثة اتصالا هاتفيا من نتنياهو الذي خضع لغضب اليمين المتطرف وغير من موقفه.” ان الهجوم على الجيش الاسرائيلي بصفته جيشا اخلاقيا وصاحب قيم هي هجمات تخالف الحقيقة، لان الجيش الاسرائيلي جيشا اخلاقيا لا يقوم بإعدام أي شخص وانا اثق بالتحقيق العميق والمنطقي والمسؤول الذي يقوم به الجيش كما يفعل دائما ” قال نتنياهو .لاحظ يعلون ما يجري ولم يكن بإمكانه قبول الهجوم ضد الجيش عموما ورئيس الاركان “غادي ايزنكوت” خصوصا الذي ادان تصرف الجندي.وقال يعلون في خطاب القاه امام الكنيست وصف بالعاطفي والمتوتر “، ماذا تريدون ؟ هل تريدون جيشا وحشيا بهيميا فقد عاموده الفقري الاخلاقي والقيمي ؟”وواصل يعلون هجومه على الاطراف الحكومية التي هاجمت الجيش او حاولت التقليل من خطورة ما جرى في الخليل، قائلا ” للاسف الشديد هناك من داخل الحكومة وبينهم وزير بدلا من ان يتصل بوزير الجيش، اتصل ليشجع ويدعم الجندي وهذا المتصل هو من يجب عليه تنفيذ القانون “.واحتج يعلون ايضا على اقامة المهرجان لدعم الجندي، قائلا “هذا الامر يقلقني نحن لسنا داعش حين يتطلب الامر ان نقتل نقوم بذلك لكن حين يتم تحييد المهاجم نعتقله، ومن يغطي ويدعم اعمالا من هذا النوع فانه يلحق الضرر بقيم الجيش الاخلاقية “.وطالت “يعلون” انتقادات شديد حتى من داخل حزبه وصلت الى حدود التحريض، ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي صورا ليعلون وهو داخل اشارة صليب بندية الاغتيال ونشر نشطاء من الليكود عبر موقع ” واتس اب” وغيرها تهديدات طالبوا بتصفية يعلون سياسيا. نائب رئيس الاركان بين نتنياهو ويعلون :تحول خطاب ” يائير غولان” نائب رئيس الاركان الاسرائيلي الذي القاه في بولندا بمناسبة الذكرى السبعين للمحرقة النازية، الى نقطة التحول الاساسية في المواجهة وشكل الخطاب وما تبعه من مواقف ذروة المواجهة.” ألاحظ اشياء تثير القشعريرة سبق وان حدثت قبل سبعين او ثمانين او تسعين عاما في اوروبا عموما وألمانيا خصوصا، لكني اجد دلائل على مثلها تجري بيننا وتحدث في اوساطنا عام 2016 “، قال يائير غولان محذرا كما يبدو من سيطرة قوى اليمين الفاشي على المجتمع الاسرائيلي.ونشر الناطق العسكري الاسرائيلي بعد العاصفة الشديدة التي اثارتها تصريحات غولان، بيانا جاء فيه ” يرغب نائب رئيس الاركان ان يوضح عدم وجود أي نية لديه بالمقارنة او المساواة بين الجيش الاسرائيلي ودولة اسرائيل، وما جرى في المانيا النازية قبل 70 عاما لان مثل هذه المساواة مرفوضة من اساسها كما لم يقصد او ينوي باي شكل ان يخلق مقارنة مشابه او يهاجم او ينتقد المستوى السياسي كما ان الجيش هو جهاز اخلاقي يحافظ على طهارة السلاح “.وحصل ” غولان” في صبيحة اليوم التالي على دعم وغطاء وزير الجيش يعلون، الذي قال إن اقوال نائبه اخرجت من سياقها ضمن اطار حملة واتجاه يهدف الى المساس بالجيش وضباطه .”اثق تمام الثقة بيائير غولان نائب رئيس الاركان فهو مقاتل ومحارب وقائد له تقديره واحترامه، وهو صاحب قيم وأخلاق رفيعة لذلك فان الهجوم عليه والاندفاع نحوه استنادا لأقوال اخرجت من سياقها بشكل مقصود ومتعمد يشكل محاولة اخرى وخطوة اضافية ضمن سياق عملية مقلقه جدا تهدف الى المساس سياسيا بالجيش وضباطه ويا ويلنا وخراب بيتنا اذا سمحنا لذلك ان يحدث، ان وظيفة قادة الجيش عموما وكبار القادة خصوصا لا تقتصر فقط على قيادة الجنود الى ساحات المعارك بل يتوجب علينا ان نشكل لهم نموذجا اخلاقيا وضميريا ” كتب يعلون على موقعه الخاص على موقع فيسبوك.ولم يكن نتنياهو راضيا عن اقوال يعلون، واتضح ان نتنياهو اتصل بوزير الجيش بعد خطاب المحرقة مباشرة وطلب منه ان يطلب من ” يائير غولان” الاعتذار عن اقواله، لذلك سارع الجيش بنشر توضيح باسم نائب رئيس الاركان لكن يعلون اظهر بعد نشر التوضيح تاييدا ودعما لا يقبلان الشك والمساومة لنائب رئيس الاركان.وصعد نتنياهو من هجومه ضد نائب رئيس الاركان وقال قبل اسبوعين في مستهل جلسة الحكومة الاسبوعية ” إن المقارنة التي اجراها نائب رئيس الاركان تثير الغضب والاستفزاز وأقواله مغلوطة من اساسها، ولم يكن عليه ان يتفوه بها ورغم ان نائب رئيس الاركان ضابطا يتمتع بالكثير من الحقوق لكن الاقوال التي ادلى بها غير صحيحة وليست مقبولة بالنسبة لي وهي تلحق الظلم بالمجتمع الاسرائيلي وتشكل استهانة بالمحرقة النازية “. وبعد يوم واحد فقط من اقوال نتنياهو اعطى انطباعا ان المواجهة قد انتهت، حين قال خلال حفل ” رفع الكؤوس ” اقيم في مقر الاركان الاسرائيلية بمناسبة ذكرى اقامة اسرائيل، ان قضية خطاب يائير باتت من الماضي وانه يرى بها قضية منتهية ولن تتكرر مطلقا وصافح ” يائير غولان”، مؤكدا استمرار العمل سويا.مر اسبوع على انتهاء احتفال “الاركان” وعاد يعلون ليشعل النار مجددا في هشيم الخلاف، حين دعا الضباط الى مواصلة طرح مواقفهم وأرائهم وقال في خطاب القاه امام لفيف من كبار الضباط قبيل الاحتفالات بيوم اقامة اسرائيل ” الجيش الجيد هو الذي يشعر ضباطه الكبار والصغار بالثقة والأمان وبقدرتهم على طرح مواقفهم وإبداء ارائهم في كل وقت زمان ومحفل دون خوف من اذى او ضرر قد يلحق بهم نتيجة ذلك “.وأضاف ” لا تخافوا ولا تترددوا وكونوا شجعانا ليس في ساحة المعركة فقط، بل حول طاولة النقاشات ايضا وواصلوا قول ما تعتقدونه وافعلوا ذلك حتى لو كانت اقولكم بعيدة عن الاتجاه العام والتيار المركزي وحتى لو اختلفتم مع افكار ومواقف كبار الضباط او المستوى السياسي، هذا هو طلبي منكم ايها الضباط واصلوا العمل وفقا لضمائركم الانساني وليس وفقا لما تمليه اتجاه الريح “.” وجدنا انفسنا خلال الاشهر الماضية في مواجهة قلة متطرفة تعمل في الميدان، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي وقد تسلل جزء منها واخترق الاتجاه المركزي في المجتمع الاسرائيلي متنكرا ومتخفيا تحت اسماء كثيرة وتحاول التأثير على صورة وقيم وماهية الجيش ” حذر يعلون ضباطه.ونشر مكتب نتنياهو رده حتى قبل ان ينتهي يعلون من خطابه الذي سبق ووزعه على المراسلين مكتوبا، وجاء في رد مكتب نتنياهو ” ان رئيس الوزراء يدعم الجيش وقادته وضباطه بشكل تام لكنه متمسك برأيه القائل ان المساواة بين المانيا النازية وما يجري هنا هو خطأ وقولا غير مناسب والحق الضرر بإسرائيل في الساحة الدولية وضباط الجيش يعبرون عن ارائهم بحرية ومسؤولية ايضا والجيش هو جيش الشعب ويجب علينا الحفاظ عليه خارج الخلافات السياسية “.واستدعى نتنياهو في اليوم التالي للخطاب وزير الجيش يعلون، وأصدر الاثنان بعد ثلاث ساعات من الاجتماع المغلق بيانا مشتركا جاء فيه أن الاثنين قد سووا الخلافات بينهما، ولا يوجد أي شكل مهما كان بتبعية الجيش الاسرائيلي وخضوعه المطلق للمستوى السياسي وان الضباط احرار في ابداء ارائهم لكن ضمن الاطر المناسبة حسب تعبير البيان المشترك.
وفيما كان نتيناهو يجري اتصالاته مع زعيم المعسكر الصهيوني ” يتسحاق هيرتصوغ” لضمه للحكومة، استدعى رئيس حزب ” اسرائيل بيتنا ” افيغدور ليبرمان الذي وافق على تولي منصب وزير الجيش وهنا سارع نتنياهو الى الاتصال مع يعلون وإبلاغه نبأ الاتفاق مع ليبرمان وعرض عيه تولي وزارة الخارجية بدل الجيش التي سيخليها لصالح وزيرها الجديد.واثارت هذه التطورات عاصفة هوجاء داخل حزب الليكود، حيث ايد كثيرين من اعضاء الحزب عبر مجموعات ” واتس اب” الوزير يعلون فيما وصف نشطاء حزبيين اخرين ما جرى بالإهانة الموجهة الى اهم كنوز الليكود ووصفوا ما حصل بالعزل الوقع والحقير لوزير الجيش.والقى يعلون يوم امس ” الجمعة ” قنبلته الاخيرة حين اعلن استقالته، مبررا اياها بسيطرة قوى اليمين المتطرف جدا على مفاصل الدولة والحكم، متوعدا نتنياهو بالعودة لقيادة اسرائيل رئيسا لوزرائها.واخيرا دخل رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ووزير جيشها السابق ايهود باراك معترك الصراع، مشيرا، اليوم السبت، الى معاناة حكومة نتنياهو من بداية نزعات فاشية .وقال باراك خلال مقابلة صحفية مع القناة العاشرة ” إن الاحداث الاخيرة قد بلغت ذروتها، وان عملية التطهير التي تعرض لها وزير الجيش يجب ان تدق ناقوس الخطر لدى الجميع “.