راديو موال :بقلم عدنان برهم -*هناك مثلٌ يقول؛”إذا أَرَدّتَ أَنْ تَهزمَ شعباً،فَنَسّهِ تاريخَه”،..وللأسَف،وبمُنتهى الحزنِ والضّيق فقد لاحظت بأنّ عدداً ليس بالقليل مِن شعبنا يجهلون أو يتجاهلون ناريخ الآباءِ والأجداد العرب عامةً،والفلسطينيّ خاصةً،..وحينما يكتب أَحدُهُم أو ينقل موضوعاً أو تعليقاً،فهو العالمُ الوحيد والعارف الأوحد،فيجور على شعْبِهِ ويظلم نَفسهِ جهالةً،ولا يكلّف نفسَهُ عناء البحث والتّدقيق،فتجدهُ إستفزازيّاً عدوانيّاً،مُتَعَصّباً لكافة أشكال إنتماءآته،التي لا تبدأ بالطّائفيّة والحزبيّة ولا تنتهي بالقبليّة والعشائريّة،فيسيء لنفسه ولتلك الإنتماءآت قبل أَنْ يُسيءَ لغيره،..*مِنْ هنا،ولأهميّة الموضوع،فلا بدّ مِنْ السّرد التّاريخيّ،واعذروني إنْ أَطَلْت،..بعد الإغريق،وفي العام الرابع والسّتين قبل الميلاد إحتلّت جيوش الإمبراطورية الرومانية بلاد الشام بما فيها فلسطين،واستعمروها حتى الفتح الإسلامي عام 634 للميلاد،وهذا يعني بأَنّ الاستعمار الرّوماني لبلاد الشام قد دامَ لحوالي سبعة قرون،وطوال تلك الفترة فقد جعلوا من البحر الأبيض المتوسط والسّواحل “بحيرة رومانية” نقيّة كما يقول المؤرخ اللبناني الكبير بطرس ديب،وعلى هذه البلاد قاموا بتطبيق القانون الروماني المكتوب باللغة اللاتينية،رغم أن لغة عامّة الشعوب المستعمرة كانت اللغة الآراميّة السّريانية القديمة،..*وفي بداية القرن الثالث الميلادي،منح الإمبراطور الروماني “كاراكالا” الجنسيّة الرّومانيّة لسكان تلك البلاد ومن ضمنها فلسطين،..*تمّ دحر الرّومان عن بلاد الشّام في معركتيّ أجنادين واليرموك فطُرد الرومان من فلسطين،وتسليم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدينة القدس التي كانت تُسمّى وقتها ” إيلياء “، وإتباع بلاد الشام، ومن ضمنها فلسطين لحاضرة الخلافة الإسلامية،وِمنْ ثمّ الأمويين فالعباسيين فالأتراك العثمانيين،…حيث بدأ حُكمهم للبلاد عام 1516 وانتهى عام 1917 فبدأ الإحتلال البريطانيّ،حيث وعْد بلفور،وبقيّة القصّة تعرفونها،..من حرب 1948،فإقامة الكيان الصّهيونيّ على جزء مِن فلسطين،وإلحاق الجزء الآخر بالأردن،فحرب 1967،..إحتلال كامل التّراب الفلسطينيّ…*كانَ لا بدّ مِنْ هذا السّرد التّاريخي،وأنا أَثقّ بأنّ الغالبيّة العُظْمى مِن الأصدقاء والقُرّاء إنّما يعرفون التّاريخ مثلي وأَكثر،..ولكن،قد تكون في الإعادة أَحياناً إفادة،…*ونُنهي مِنْ حيث بدأنا،فنقول؛”في هذا العالم ،مُتَعدد الأطياف والطّوائف،والأجناس والأعراق والقوميّات،..وحينما يؤمن الإنسان إيماناً راسخاً بصوابيّة مواقفه وآرائه إلى درجة التّزمُت،فلا هو يقبل نقاشاً ولا يتبادل رأيّاً،ولا يَتَقّبَلُ نقداً،فإنّهُ سيَجدُ نفسَهُ مُتصادماً مع غيره مِنَ النّاس الذين يختلفون معه في الآراء والمواقف والمعتقدات،..فإذا ما رفضَ الطّرفان إخضاع مُعتقداتهما للتّمحيص والبحث،فإنّهما سيكونان على موعدٍ حتميّ مع نزاعٍ غير محمود النّتائج،سيء العواقب،وقدّ يتفاقم ويتطوّر فيغدو صراعاً تناحريّاً،لا ينتهي إلا بقضاء أَحد أطرافه على الطّرف الآخر،…فيُمسي الحديث عن المحبّة والتّعايش والتّسامح،والأخلاق الإنسانيّة،مُجرد أكذوبةٍ لئيمة”،يقف وراءَها أيادي خفيّة،أَشدّ لؤماً،..وتستمرّ النَكْبة،..