راديو موال _ تدل العديد من المؤشرات على ان الشرق الأوسط الذي دخل دوامة العنف المدمر منذ الاجتياح الأميركي للعراق قبل أكثر من 12 عاماً تتفاقم بشكل تصاعدي على الأقل على المدى المنظور.
ويعتقد جيمس جيفري، سفير الولايات المتحدة السابق في العراق بخصوص هذه النقطة ان” الشرق الأوسط يتهاوى بسرعة، فالأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة كالعملية العراقية الأميركية المشتركة لتحرير مدينة تكريت العراقية وقرار رفع الحظر عن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر ودعم الولايات المتحدة للتحالف الخليجي في اليمن، ربما أبطأت عملية التدهور ولكنّها لم توقفها وان الوضع الإقليمي الحالي هو الأسوأ منذ عام 1979″.
ويضيف جيفري “بينما تولّت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى حد كبير إدارة الفوضى في الشرق الأوسط، إلا أن العديد من التطورات الرئيسية في المنطقة بدأت تتحدى النظام الدولي، وفي مقدمتها الأحداث المعروفة باسم “الربيع العربي” وتصاعد الحركات الإسلامية في هذه الألفية [التي تسعى إلى إحداث تغيير جذري في المجتمعات]، بما فيها تنظيم ” داعش” وبالتالي فإن نسيج الدولة الحديثة بحد ذاته آخذ بالإهتراء في كافة أنحاء المنطقة، حيث تطغى المصالح المحلية مثل تلك العشائرية والدينية والأسرية على الولاء للوطن”.
ويستنتج جيفري أنه “على الرغم من الدور الهام الذي أدّته الولايات المتحدة، والذي يجب عليها أن تستمرّ بتأديته، إلا أنها لن تستطيع إصلاح هذه الأمور”.
وتفيد البيانات السياسية والسكانية إلى أن المنطقة لا تعاني فقط من تباطؤ في النمو وارتفاع معدلات البطالة، بل أن هذه المشاكل تفاقمت بتدفق اللاجئين جراء حروب العراق وسوريا واليمن وليبيا ، وازدادت سوءا بانخفاض أسعار النفط التي أعاقت قدرة السعودية على توفير عوازل تحد من أثار هذه المشكلات .
كما يرسم أحدث تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي عن التوقعات الاقتصادية في المنطقة ترسم صورة قاتمة، حيث سترتفع نسبة البطالة في مصر وتونس والجزائر سترتفع هذا العام إلى أكثر من 15%، وأن توقعات النمو الاقتصادي في المنطقة تشير إلى عدم قدرة هذه الاقتصاديات على استيعاب الكم الهائل من الشباب الذين يبحثون عن أعمال، خاصة وأن معدلات النمو لهذا العام يتوقع لها ان تبلغ 1.2% في العراق 2.5% وفي لبنان و 2.6% في الجزائر 3.3% في الاردن و 4% في مصر .
اما في المملكة العربية السعودية فإن توقعات النمو في المملكة انخفضت هذا العام بأكثر 1.5نقطة لتصل إلى مجرد 3% ومن المتوقع أن تنحدر إلى أقل من ذلك في الأشهر الـ12 المقبلة بسبب انخفاض أسعار النفط، وكون أن السعوديين يخوضون حربا جوية دامية في اليمن ويبدو أنهم على قناعة بأن التهديد الذي يتعرض له أمنهم تهديد خارجي.
وفي قضية متصلة قال المدير العام لمنظمة العمل العربية أحمد محمد لقمان إن “نسبة البطالة في صفوف الشبان العرب حتى سن الثلاثين عاما تتجاوز ثلاثين في المئة (30%) وذلك جراء النزاعات في بلدانهم ونقص الاستثمارات التي تساهم في تأمين الوظائف.
وتابع لقمان الذي كان يتحدث على هامش مؤتمر عربي عن سوق العمل في الكويت الأحد 19 نيسان أنه “بسبب الاضطرابات في العديد من البلدان العربية، قفز عدد العاطلين عن العمل العرب من مليونين عام 2011 إلى عشرين مليونا”.
وأورد لقمان في افتتاح المؤتمر أن نسبة البطالة في العالم العربي بلغت 17 في المئة في 2014، أي “أكثر بثلاث مرات من معدل البطالة في العالم” مؤكداً أن “عدد العاطلين عن العمل سيزداد بالتأكيد هذا العام والعام المقبل” محذراً من أن استمرار البطالة في صفوف الشبان يهدد استقرار المنطقة.
من جهته يقول الكاتب الشهير في صحيفة واشنطن بوست، ديفيد إغاطيوس “إن مراقبة الدمار في الشرق الأوسط مثل مشاهدة إعصار يضرب ساحلا مكشوفا ؛ قد يكون بالإمكان لأطراف خارجية ان تحاول التخفيف من حجم الدمار وتوفير مساعدات إنسانية ، ويتعين عليها أيضا أن تحاول حماية نفسها من الأضرار الجانبية، ولكن ليس بإمكانها وقف عصف الرياح والأمواج العاتية والحيلولة دون هدمها للهياكل الهشة” .
ويضيف “حسبما ادرك خبراء إدارة الكوارث ، فإن العاصفة العاتية لابد أن تكمل دورتها قبل بدء عمليات إعادة البناء”.