تبعات مصادقة مجلس الوزراء الاسرائيلي على قانون يهودية الدولة

 

صادق مجلس الوزراء الإسرائيلي في جلســته الاســبوعية التي عقدت صباح يوم الأحـد الموافق/11/2014 23 على مشروع قانون تعريف اسرائيل كدولة الشعب اليهودي “ قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي” والذي قام بطرحه رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو على جلسة مجلس الوزراء، حيث كانت الجلسة عاصفة وشهدت نقاش محتدم بين نتنياهو ووزراء اخرين وفي ختام الجلسة تم تمرير المشروع في المجلس بدعم (14) وزير مقابل معارضة (6) وزراء، وامتناع (1) وزير واحد عن التصويت، وبهذا سوف يتم نقل مشروع القانون الى الكنيست الاسرائيلي ليعرض امام المشرعين بالقراءة الاولى يوم الاربعاء المقبل 26/11/2014. ووفقا لصحيفة معاريف العبرية، فقد هاجم وزراء من حزب “هناك مستقبل- يش عاتيد “، ووزيرة العدل تسيبي ليفني رئيسة حزب ” الحركة- هتنوعا ” رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي بادر إلى طرح مشروع هذا القانون، وطالبوه بعدم عرض القانون بالقراءة الأولى للمناقشة امام الكنيست يوم الاربعاء المقبل.
ومن جهة اخرى هاجم وزير الاسكان أوري أرئيل في جلسة الحكومة الوزيرة لفني، مطالبا اياها بالتصويت لصالح القانون لأنه ” وبحسب رأيه ” يعد خطوة في الاتجاه الصحيح بسبب أزمة الهوية اليهودية في اسرائيل، مؤكداً على ضرورة التصدي لفكرة ان تكون اسرائيل دولة لكل مواطنيها على حد زعمه.
وادعى رئيس الوزراء نتنياهو عند عرضه لهذا القانون، بأن القانون يتطرق إلى المساواة في الحقوق الفردية بين مواطني دولة اسرائيل، مع التأكيد على أن الحقوق القومية هي للشعب اليهودي فقط وهي تشمل العلم والنشيد الإسرائيلي وهجرة اليهود الى فلسطين، وأن مبادئ القانون مساوية بين اليهودية والديمقراطية، وهاجم في الوقت ذاته أبناء شعبنا الفلسطيني لمطالبتهم بدولة قومية للشعب الفلسطيني، رغم انهم يعارضون بشدة مبدأ دولة قومية للشعب اليهودي.

ومن الملفت للنظر أن المستشار القانوني للحكومة الإســرائيلية، يهودا فاينشتاين، هاجم مشــروع        ” قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي ” واعتبره عنصريا ومعادي للديمقراطية، وفي رسالة بعث بها الى سكرتير الحكومة، أفيحاي مندلبليت، مساء السبت الماضي ذكر المستشار القانوني: ” إن تأييد الحكومة لمشروع القانون هذا، هو أمر إشكالي جدا، ويثير صعوبات حقيقية “.
ورغم ادعاء نتانياهو بأن القانون يشدد على ديمقراطية اسرائيل، والمساواة لجميع المواطنين، الا ان هناك تناقض كبير بين مفهوم الديمقراطية وتعريف اسرائيل بأنها دولة قومية للشعب اليهودي. ورغم الحديث عن المساواة في الحقوق الفردية لجميع المواطنين، ألا أن نتانياهو يؤكد على منح حقوق قومية للشعب اليهودي فقط، خاصة بما يتعلق بالعلم والنشيد الوطني وحق أي يهودي بالهجرة إلى ما يسمى بدولة اسرائيل هذا بالاضافة الى ميزات قومية أخرى وأكد في حديثه بأن هكذا حقوق تعطى لشعبنا اليهودي فقط في دولته الوحيدة الذي ليس له دولة غيرها. ومن المؤكد أن هذا القانون عنصري وسيئ جدا على كل القيم الديمقراطية. ومما لا شك فيه أن طرحه في هذه المرحلة سيخدم اهداف نتانياهو الانتخابية خاصة بعد ان كثر الحديث في الفترة الاخيرة عن قرب اجراء انتخابات تمهيدية لحزب الليكود الذي يترأسه.

ويعتبر نتانياهو نسخة مشروع القانون المعدلة التي طرحها يوم الاحد الماضي في جلسة الحكومة الاسرائيلية، بأنها نسخة معتدلة للمشروع السابق، الذي طرحه رئيس الائتلاف الحكومي زئيف الكين، الذي سعى لترسيخ يهودية دولة اسرائيل في القوانين الدستورية. ويؤكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بأن المشروع يهدف لإعطاء وزن مساوي لديمقراطية الدولة ويهوديتها. وأن حق تقرير المصير في دولة اسرائيل هو حق للشعب اليهودي فقط ، مع ضرورة احترام الحقوق الفردية لجميع مواطني الدولة وفقا للقانون!!!

أن طرح نتانياهو لهذا القانون ودعمه بقوة، يأتي استكمالا لتصريحاته العنصرية اليمينية المتطرّفة في الآونة الأخيرة، حيث دعا إلى طرد المتظاهرين من الفلسطينيين العرب من حاملي الهوية الاسرائيلية ضد سياسة حكومته العنصرية إلى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية. مما يشير إلى أن نتنياهو مع إمكانية تقديم موعد الانتخابات في اسرائيل، بات ينافس التوجهات اليمينيّة الاكثر عنصرية وتطرفاً من خلال هجومه الممنهج والمنظم على الجماهير العربية بهدف نزع الشرعية منهم.

ومن هنا يمكن ان نستنتج بأن قانون القومية اليهودية ليس قانوناً شكلياً فحسب، ولكن هناك تداعيات جوهرية جسيمة لهذا القانون. وعلى الرغم من انتشار العنصرية تجاه الجماهير العربية بشكل كبيرفي الاونة الاخيرة، إلا أن تشريع القانون سوف يساهم في شرعنة هذه العنصرية ضمن الجهاز القانوني والقضائي في اسرائيل، ويقوّض بشكل خطير القدرة على مجابهة الممارسات العنصرية ومواجهتها حتّى بالحالات الأكثر وضوحاً وتطرّفاً. مما يعني دفع القيم الديمقراطية جانبًا لصالح الطابع اليهودي للدولة، علاوة على ذلك، فإن القانون يسقط مكانة اللغة العربية كلغة رسمية، ويخوّل الدولة بتخصيص الأراضي لأبناء الشعب اليهودي فقط، ويحرم في الوقت نفسه المدن والتجمعات السكنية العربية من التوسع الافقي بغض النظر عن حقها كمالك لهذه الاراضي. كما أن القانون يحمل خطر كبير على المستوى الرمزي، لانه يحمل رسالة ترانسفير سياسي، وفق النهج السياسي الذي تبناه وزير الخارجية الاسرائيلي ليبرمان عبر العقدين الماضيين، حيث دعا مراراً وتكراراً إلى دفع الجماهير العربية جانبًا عن الساحة السياسية والمدنيّة في إسرائيل، والى ترحيلهم على اعتبار أن هذه الجماهير لا يحق لها البقاء ضمن حدود ونطاق دولة اسرائيل، وهذا بدون ادنى شك يعتبر تجسيد للفكر الذي دعا اليه سابقاً الحاخام العنصري كهانا.

ورداً على مشروع “ قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي ” وتبعاته المدمرة التي تتنكر لحقوق كل ما هو ليس يهودياً، يجب على القيادة الفلسطينية بالتعاون مع قيادة الجماهير العربية التي تحمل الهوية الاسرائيلية ” عرب الداخل ” وبالتنسيق مع قوى السلام والاحزاب الاسرائيلية المعتدلة، الشروع في قيادة حملة اعلامية ضخمة لتعرية مشروع هذا القانون ولتوجهاته العنصرية امام المجتمع المحلي والعربي والدولي من أجل لجم هذا القانون وإسقاطه وافشال كل المساعي لتشريعه.

 

بقلم : مايك سلمان – بيت لحم