حتى أيام قليلة خلت، لم يكن العلم يفسّر تماماً ما الذي يجعلك أطول أو أقصر من أخيك، إلا أن دراسة هي الأضخم في التاريخ تمكنت أخيراً من تحديد الجينات المسؤولة عن الطول، وفهم علاقة التغذية والطعام بقامة الإنسان.
ويبدو بحسب الدراسة التي نشرت في كبرى المجلات العلمية Nature genetics، أن التغذية تلعب دوراً ملحوظاً في الفروقات في الطول حتى بين الأخوة، إذ أنها مسؤولة مع العوامل البيئية الأخرى على حوالي 20% من الفروقات في الطول، في حين يبقى للمادة الوراثية -الـ DNA- الدور الأكبر في تحديد طول الإنسان، بنسبة تصل إلى 80%.
وتمكن الباحثون في الدراسة التي شملت على أكثر من ربع مليون شخص من تحديد حوالي 700 نسخة جينّية مسؤول عن طول الإنسان، تختلف هذه الجينات من شخصٍ إلى آخر في حوالي 400 موضع من مادته الوراثية وبالتالي يختلف طول الإنسان، وهو اكتشاف يشكل خطوة غير مسبوقة في فك شيفرة المادة الوراثية للإنسان وفهم دورها في تحديد هيئة الإنسان وشكله.
وتلعب هذه الجينات -التي لم تكن وظيفتها معروفة سابقاً- دوراً في تنظيم نمو العظام وبكثافة مادة “الكولاجين” التي تتكون العظام منها، وتسهم بالتالي في تحديد طول الإنسان وفي توقف نمو العظام حينما يصل الإنسان للطول المحدد.
ويعلق العالم “تيموثي فرايلينغ” على نتائج هذه الدراسة، في الإصدار الصحافي الذي تلقت “العربية.نت” نسخة منه، بقوله: “يمكن مقارنة ما توصلنا إليه بالوضع الذي كان سائداً عام 2007، عندما كنا لا ندري شيئاً على الإطلاق عن الجينات المسؤولة عن اختلاف طول القامة، رغم أننا كنا متيقنين أن طول القامة مسألة مرتبطة بالجينات بشكل مطلق”
ويضيف: “لقد تمكنا الآن من تحديد 700 جين مسؤول عن تحديد طول الإنسان، إنه إنجاز يخطو بنا خطوة كبيرة نحو ملء الفضول العلمي تجاه الجينات، وقد يساعد في علاج الأمراض التي تتأثر بالطول، كترقق العظام والسرطان وأمراض القلب”
وكان الباحثون قد أجروا دراسة سابقة عام 2010 شملت عدداً أصغر من الناس، وتمكنوا خلالها من تحديد 200 نسخة جينة مسؤولة عن الطول، إلا أن مضاعفة أعداد الناس الذين تشملهم الدراسة لدرجة جعلتها أضخم دراسة تاريخياً في مجالها مكنهم أخيراً من توسيع العدد واكتشاف 700 نسخة جينية تختص بالطول.