اريحا – زراعة النخيل عرفت منذ آلاف السنين في أريحا والأغوار وقطاع غزة، وحظيت باهتمام المزارع الفلسطيني؛ كونها شجرة ذات قيمة اقتصادية كبيرة، تعيش مئات السنين، ولقدرتها على تحمل العديد من الظروف المناخية والنمو في التربة المالحة.
قطاع النخيل بفلسطين أصبح من القطاعات المهمة، خاصة في مناطق الأغوار التي أصبحت تتحول من زراعة الخضروات، حيث كان يطلق عليها سلة غذاء فلسطين، الى نهضة في زراعة النخيل خلال السبع سنوات الأخيرة، لما تمثله هذه الزراعة على الصعيد الاقتصادي والناتج المحلي والسياسي، كونه سلعة منافسة ومطلوبة اكثر من تمور المستوطنات، على الصعيد العالمي.
توقعات بتضاعف الإنتاج
مدير مديرية وزارة الزراعة في محافظة أريحا والأغوار أحمد فارس قال خلال تصريح صحافي، إن الإنتاج الإجمالي من التمور خلال العام الجاري يقدر بـ 4 آلاف طن، أي بنمو مطرد عن العام الماضي يقدر بألف طن، ومن المتوقع أن ترتفع كميات الإنتاج إلى 10 آلاف طن، خلال الأربع سنوات المقبلة، الأمر الذي يستوجب مضاعفة قدراتنا التصديرية، وتوفير بنية تحتية تسويقية تتلاءم مع هذا الإنتاج، خصوصا أن البنية الحالية تستوعب ما يقارب 1500 طن.
وأشار إلى انه يوجد 192262 ألف شجرة نخيل من الأنواع الجيدة على مساحة 13733 ألف دونم، منها 107772 شجرة مثمرة، والباقي غير مثمر، ويوجد أربعة مصانع لتغليف وتعليب التمور لتصديرها، لافتا إلى أن قيمة الاستثمار في قطاع التمور تقدر بـ200 مليون دولار، ويوفر ما يقارب 4 آلاف فرصة عمل، ويتم تصدير التمور الفلسطينية إلى 25 دولة أجنبية وعربية، خصوصا أن التمر الفلسطيني يعتبر من أفضل التمور على مستوى العالم، ويمتاز بمذاق طيب.
وقال فارس: “التمور الفلسطينية تعتمد بشكل أساسي على مياه الآبار الارتوازية، ما يميزها بمذاق طيب وذات جودة وقدرة تنافسية عالية، عن منتج المستوطنات التي تعتمد في ريها على المياه العادمة غير المعالجة”.
تحايل إسرائيلي
وكشفت وزارة الاقتصاد الوطني عن قيام بعض الشركات الإسرائيلية باستغلال موسم قطاف التمور الفلسطينية؛ لتمرير تمور المستوطنات في الأسواق الدولية من خلال تعبئة هذه التمور تحت مسميات دينية منها “هولي لاند” The Holy Land، واستخدام شعار “قبة الصخرة”، كما أنها تقوم بإغراء بعض التجار غير المحسوبين على القطاع التجاري الفلسطيني بشراء تمور إسرائيلية، ومن ثم إعادة تعبئتها باسم منتج فلسطيني.
قطاع واعد بحاجة لاستراتيجية تنظمه
بدوره، قال رئيس جمعية مزارعي النخيل في اريحا والاغوار مأمون جاسر لـ “وفا”، “إن قطاع إنتاج التمور في فلسطين الذي يقدر بـ4000 طن هذا العام، يشكل نسبة جيدة مقارنة مع الانتاج العالمي المقدر بـ50 ألف طن، ومن المتوقع ان يصل خلال العشر سنوات المقبلة إلى 20 ألف طن.
وأكد أن قطاع النخيل ضخم وبحاجة الى اعادة مأسسة ومواكبة التطوير والخطط الاستراتيجية، في ظل الحديث عن قدرة انتاجية تشكل ثلث الانتاج العالمي، خلال السنوات المقبلة، وذلك خلال توفير بيوت للتعبئة، والثلاجات ونقاط التخزين، موضحا أن كبر بعض المشاريع الفردية والاستثمارات الشخصية تشكل خطرا، خاصة في ظل عدم وجود مخازن استراتيجية او “بنك للتمور”، الذي يساعد في القدرة التسويقية والتخزين، ومضاعفة الدخل على الاقل 10% في غير موسمه، اذا ظهر مؤشر لضعف التسويق.
واوضح جاسر ان قطاع النخيل، يعتبر بترول فلسطين الواعد اذا تم الاهتمام به، خاصة في ظل حجم الاستثمار الذي يقدر بـ 200، عدا القيمة الحقيقة للمشاريع التي تقدر بأكثر من ذلك.
وبين ان التقديرات تشير الى وجود ما يقارب 200 ألف شتلة مزروعة في الغور الشمالي حتى أريحا، غالبيتها من التمر “المجول”، كونه ينافس عالميا، ولا ينمو الا بمناطق محددة منها فلسطين والاردن وكاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية، هذا ما يعطي تميزا بوجود منطقة ملائمة جغرافيا ومناخيا لإنتاج هذا النوع، باعتبارها سلعة مطلوبة على مستوى العالم.
وتطرق جاسر إلى أهم المشاكل التي يعانيها القطاع، مثل عدم وجود امن مائي، كونه يستخدم الآبار السطحية، التي تعتمد على “النزاز” لري المزارع، وهذه ممكن ان تتوقف بأية لحظة، مشيراً إلى أن المياه المستخدمة للري مالحة لا تصلح الا لزراعة النخيل، ولا تؤثر على حصة فلسطين من المياه.
وقال ان اتساع قطاع النخيل دون تنظيم للعلاقة، وربط المزارع مع التاجر والمصنع، بحاجة إلى مأسسة دقيقة بإشراف دولي.
وأكد منافسة التمور الفلسطينية عالمياً بجودتها مقارنة مع تمور المستوطنات التي تروى بمياه عادمة غير معالجة وهو أمر غير صحي.
وعلى صعيد مصانع التعبئة، اوضح ان هناك اكثر من سبعة مصانع فلسطينية تعمل بشكل فردي، ويجب زيادة عددها مع الانتاج المتوقع خلال السنوات المقبلة، خاصة ان التمر سلعة خطرة وقابلة للتلف ويجب تعبئتها في وقتها المحدد.
زراعة بحاجة لخطة تسويقية
رغم تفاخر المزارع صالح زبيدات، بنوعية وجودة التمر الذي ينتجه، ومنافسته لتمور المستوطنات، وانها زراعة مجدية، الا انه يشتكي من ضعف في خطط تسويق المنتج، واستغلال البعض للأسعار.
ويرى زبيدات الذي يملك مزرعة صغيرة مقارنة بغيره، ان هناك مضايقات من قبل الاحتلال الاسرائيلي، بتحكمه بإدخال لقاح الأشجار والمبيدات والأسمدة، اضافة الى مشكلة المياه، وغياب الدعم الكافي واللازم للمزارعين من قبل الجهات الرسمية وغير الرسمية وعلى صعيد كافة مراحل الإنتاج.
يذكر ان الإدارة العامة لحماية المستهلك، أكدت أن طواقمها صادرت بالتعاون مع شركائها في المؤسسات الحكومية والمتخصصة بمجال التمور كميات كبيرة من العبوات التي تحمل اسم منتج فلسطيني معدة لتعبئة التمور الإسرائيلية، وتم إصدار تعليمات مشددة بمصادرة أي عبوة تحمل عبارة منتج فلسطيني تستخدم لتعبئة التمور الإسرائيلية وفق خطة مشتركة وضعتها وزارات الاقتصاد الوطني والزراعة والضابطة الجمركية ومحافظة أريحا والأغوار وجهات أخرى.
وشكلت صادرات المنتجات الزراعية الحصة الأكبر من حيث العدد بنسبة وصلت 43.8%، خلال شهر آب 2014، حسب إحصاءات وزارة الاقتصاد الوطني.