وكالات :قالت صحيفة “هآرتس” انه وحسب ما نقلته التقارير؛ فإن اسرائيل والأمم المتحدة والفلسطينيين وصلوا لتفاهمات بخصوص إعادة إعمار قطاع غزة بعد عملية “الجرف الصامد”، ولكن معظم سكان قطاع غزة غير قادرين على الانتظار والتحمل.
ونقلت الصحيفة عن مصادر من غزة ان السكان بدأوا بمغادرة القطاع منذ بداية عملية “الجرف الصامد”، ويطلبون اللجوء الى دول أوروبية.
وأشارت إلى أن عملية التهريب تجري من القطاع بالخفاء وعلى يد مهربين، وحتى الآن لم ترد أي معلومات عن العدد الهائل للمهاجرين، ولم يتم نشرها.
وأوضحت الصحيفة أن حادثة غرق السفينة التي كان على متنها مئات اللاجئين الفلسطينيين في الأسبوع الماضي أمام شواطئ مالطا غيّر الوضع، مبينة أن الحادثة أثقلت كاهل آلاف الأشخاص الذين أمنوا على حياتهم وحياة عائلاتهم ووثقوا في المهربين الذين يديرون العملية.
وبحسب تحقيق أجرته “هآرتس” فإن خط الهجرة الفلسطينية من غزة الى إيطاليا يبدأ من أنفاق رفح، مروراً برفح المصرية، ومن ثم إلى ميناء بور سعيد بالسيارات، إلى ميناء الاسكندرية بالزوارق.
وذكرت أنه بعد يومين ينقل المهاجرون عبر زوارق صغيرة الى خارج المياه الإقليمية المصرية، وهناك تنتظرهم سفينة كبيرة تصل بعد أسبوع الى إيطاليا.
وتحدث أحد الممثلين الى صحيفة “هآرتس” “تكلف هذه الرحلة الشخص ما بين 3500 دولار الى 4000، والذي يهتم بالخروج يأتي مع التنسيق قبل ذلك الى منفذ نفق في رفح الفلسطينية – والحديث عن نفق صغير نسبياً لا عن الانفاق الكبيرة التي أغلق المصريون أكثرها. ويزحف الناس عشرات الامتار وينتظرهم عند منفذ النفق في رفح المصرية حافلة صغيرة أو سيارة تنقلهم الى بور سعيد على ساحل البحر المتوسط. وينتظرون هناك في شقة أو مبنى مُعد قبل ذلك”. وعلى حسب ما يقوله ذلك المهرب يوجد في هذه المرحلة تعاون خفي مع رجال أمن مصريين يغضون أعينهم أو يوقعون على جوازات بتوقيع مزور يُمكن من وصول السيارة الى غايتها، وهم يفعلون ذلك “مقابل دفع مال بالطبع”، أضاف المهرب.
وينتظر اللاجئون في بور سعيد أو في اماكن اخرى يعرفها المهربون الى أن يتلقوا ابلاغا بموعد السفر ويخرجون من هناك نحو الاسكندرية. وعلى حسب شهادات بلغت الى صحيفة “هآرتس”، يركب اللاجئون قوارب في الاسكندرية. والحديث عن عشرات الاشخاص في كل قارب. وتخرج هذه القوارب الى عرض البحر وحينما تجتاز المياه الاقليمية المصرية تنتظرها سفينة اخرى ترسو في مياه دولية. وهناك يركب اللاجئون السفينة التي تتجه الى اوروبا (الى سواحل ايطاليا خاصة)، والحديث على العموم عن سفن ضعيفة وعن ظروف قاسية جدا.
يفترض أن تطول الرحلة سبعة ايام. وقال أحد اللاجئين وقد نجح في الوصول الى بر الأمان في اوروبا، لصحيفة “هآرتس” إنه مع اقتراب السفينة من الساحل يحدث أمر من اثنين: فاما أن تبث السفينة اشارة ازمة وتنتظر قوارب سلاح البحرية الايطالي والصليب الاحمر لـ “يُخلصاها”، وإما أن يقفز اللاجئون الى الماء مع أطواق نجاة الى أن تنتشلهم قوارب خفر السواحل أو الصليب الاحمر.
ومهما يكن الامر فان أكثر اللاجئين يعلنون بأنهم سوريون أو فلسطينيون جاءوا من سوريا، ويبحثون عن ملجأ بسبب الحرب الجارية في الدولة. ويُنقل اللاجئون الى منشآت خاصة وينتظرون هناك عدة ايام. وبحسب عدد من الشهادات تبلغ أيدي المهربين الى اوروبا فان ممثلين لهم يأتون الى المنشأة ويوقعون على وثائق تحرر اللاجئين. ويطلب أكثر اللاجئين المغادرة الى دول اخرى ذات سياسة رفاهة أكثر رخاءً للاجئين مثل المانيا والسويد، زاعمين أنه يوجد أقرباء ينتظرونهم.
يقول أحد سكان القطاع وكان نوى أن يغادر بل خطط للخروج في الايام الاخيرة لكن ندم بعد الانباء عن الغرق، يقول إن ظاهرة الهجرة ازدادت زخما بعد الحرب خاصة: “إنه نوع من صديق يشجع صديقا أو قريب يشجع قريبا”، يقول. “كان هناك من جاءوا وتحدثوا عن حياة طيبة وظروف عادية. وكل شيء نسبي بالطبع وكل مكان في اوروبا أفضل بأضعاف مما يحدث في القطاع، والمسألة مسألة حظك في قطع الطريق كلها سالما. والحديث آخر الامر عن مهربين متعطشين للمال وهو كل ما يعنيهم. وإن الحكاية عن اغراق السفينة في الاسبوع الماضي على أيدي مهربين متنافسين فظيعة”.
وقال: “تحدثت امرأة نجت عن أن سفينة مهربين مصريين صدمت سفينة كان عليها اللاجئون الفلسطينيون ورأوا الاشخاص يغرقون فلم يقدموا أية مساعدة، لكنني لا أظن أن حادثة جد رهيبة ستوقف الظاهرة لأن الناس هنا يائسون تماما ويريدون المغادرة ويقولون بصراحة إن موتنا في البحر أفضل من أن نموت يأسا وخيبة أمل في القطاع”.
لا يوجد في القطاع تقدير دقيق للظاهرة لكن كل من يعرف بالامر يتحدث عن قضية تشغل غير قليل من الناس. وقد حذروا في الحكومة الفلسطينية في رام الله أمس من الظاهرة لكنهم يدركون هناك ايضا أنهم غير قادرين على العمل على المهربين ما لم يسيطروا على اجهزة الأمن وعلى محاور التهريب، وما بقيت المحاور تسيطر عليها جهات ذات تأثير تحظى بدعم صامت من سلطة حماس في غزة.
ودعت منظمات حقوق انسان في القطاع وسكان فقدوا أعزاءهم السلطة الفلسطينية الى التوجه الى السلطات المصرية لتواجه الظاهرة ولتمنع التهريب، ولا سيما طرق الهجرة التي تُعرض حياة الناس للخطر. وتقول المنظمات إنه يجب على مصر أن تعمل على رفع الحصار عن القطاع وفتح المعابر للتسهيل على السكان ولتضائل بذلك ظاهرة الهجرة من الأساس.