طرائف أهالي غزة مع ضباط “الشاباك” قبيل إخلاء منازلهم للقصف

“له له يا زلمة شو اللي بتقولوا هذا، وحد الله يا زلمة قال تقصف بيتي، استهدي بالله، انتا عارف هذا البيت كم واحد فيه، وين بدي أروح أنا وولادي، انتا عارف أنا قديش اشتغلت لما حوشت و بنيتو”، هذه الكلمات كانت جواب المواطن أبو أحمد على ضابط المخابرات “الإسرائيلي” حينما هدده بقصف منزله الذي لا يملك سواه.
كل هذه المناشدات البريئة العفوية لأبو أحمد لم تشفع له للحيولة دون قصف منزله أمام مرأى عينيه، ويقول ضاربًا كفًا بكف: “جهد وتعب عشرات السنين ذهب مع أدراج غبار ركام بيتي المدمر في ثواني معدودة”.

 
فرغم تزايد حجم الجرائم و المجازر التي ارتكبتها آلة العدوان “الاسرائيلية” على قطاع غزة يوماً بعد يوم، إلا أن ذلك لم يخف الوجه الآخر للغزيين في عدم اكتراثهم بتهديدات عدوهم لهم، وأحياناً الرد عليها بنفس الوتيرة أو أعلى، كل ذلك أنتج لنا مواقف طريفة أضحكتنا في أشد الأوقات تأزماً و رسمت على جباهنا نقشة مفادها (منتصب القامة أمشي، مرفوع الهامة أمشي).

 
“جيش الدفاع الإسرائيلي” يتحدث معك و يأمرك بأن تخلي البيت الآن، لأننا سنقصفه “عبارة استعملها جهاز الشاباك “الإسرائيلي”، لإنذار المواطنين قبل قصف منازلهم، لكن هناك حالات سجلت ردود فعل لها، لك أن تصفها بـ “الرهيبة” أو “المثيرة” أو حتى “المضحكة”، لكن كل من سمع بها أجمع على أنها لا تعبر إلا عن الصمود الفلسطيني “الأسطوري” حتى في أصعب الظروف.

 

“سأقصف بيتك بتل أبيب”

أحد المواطنين تحدى ضابط المخابرات عندما أمره بإخلاء منزله، قائلاً: “أنا راح أقصف بيتك اللي في تل أبيب”، لكن الحديث لم يتوقف هنا بل إن الضابط عاود الاتصال به بعد قصف المنزل أمام عيون أصحابه، ويسأله “هل ستقصف بيتي” ليكون رده أشد قوة ونبرة صوته أكثر عزيمة و صمود ” سأقصفه وراح أخلي ولادي يقصفولك تل أبيب كمان”.
موقف آخر حدث مع امراة اتصل عليها ضابط الموساد في بداية العدوان في شهر رمضان المبارك منتصف الليل ليخبرها بضرورة إخلاء البيت، وهي في المقابل ترد عليه : “طيب خليها للصبح، والدنيا ليل والولاد نايمين وبدهم يتسحروا”، ثم يعاود الاتصال بها لتقول له “لسا الولاد بيتسحروا”.
هذه الفلسطينية نجحت بحنكتها واستطاعت استفزاز المحتل المتصل ليهددها أخيراً وبعد عدة محاولات مع ساعات الشروق الأولى بأنه إذا لم تخرج هي وعائلتها سيدمر البيت على رؤوسهم، عندها خرجت هي وأولادها من البيت و لسان حالها يقول: “حسبنا الله و نعم الوكيل “.

 

توكلنا ع الله

 

موقف آخر حدث في دير البلح عندما اتصل ضابط الشاباك بشاب، وطلب منه إبلاغ أهله بإخلاء منزلهم، فرد عليه الشاب: “أنا خارج البيت اتصل فيهم لأنه ما معي رصيد”، فكانت حينها طائرة الاستطلاع تحوم في السماء بقرب المنزل، فرد عليه الضابط قائلا: “أنا شايفك جنب داركم، تروح تبلغهم ولا أخبطك صاروخ ؟؟”، فما كان من الشاب إلا الذهاب على الفور وتبليغهم بإخلاء منزلهم.
وفي أحد الأبراج السكنية، اتصل ضابط المخابرات “الإسرائيلية” على أبو عدي يطلب منه إخلاء شقته وتبليغ جيرانه بقصفها، وبالفعل حذر أبو عدي جيرانه، ومع السرعة نسي أحدهم مفاتيح سيارته التي ترقد في مظلة البرج منذ بدء العدوان، عندها قرر “أبو عدي” وصاحب السيارة “أبو بشار” العودة لجلب المفاتيح، وفي نفس الوقت يتصل ضابط المخابرات ويسألهما عن سبب العودة.
وفي تفاصيل حكاية تحدي الخوف هذه، يحضر الجاران المفتاح و يشغلان السيارة بعد عناء لإبعادها عن البرج، مبررين ذلك للضابط في اتصال ثالث له بعبارة: “السيارة مبردة من كتر الوقفة وبدها وقت لتشتغل”، ثم يخليان المكان، لكن مفاجئة قصتنا كانت في الاتصال الرابع والأخير عندما تحدث الضابط مع أبو عدي ليتأكد من اخلاء الجميع قبل القصف وينهي الضابط المكالمة بكلمة:” يلا توكلنا ع الله”.
اتصال آخر من ضابط الشاباك بشخص غزي يطلب منه إخلاء منزله ومنازل الجيران، وحينما تم الإخلاء من الجميع، يبدو أنه نسي نفسه ووقف مقابل المنزل ليتأمله، ثم يفاجئه ضابط الشاباك باتصال جديد يتأكد منه من إخلاء الجميع؟ ويجيبه بنعم، لكن الضابط يفاجئه بسؤاله له عن سبب وقوفه مقابل المنزل، ويطلب منه مغادرة المكان فورا.

 

تعالوا ماشيين!

 
وفي أحد أحياء شرق غزة اتصل ضابط الشاباك بأحد المواطنين ليطلب منه تبليغ شقيقه بنيتهم قصف منزله، ليرفض في البداية طلبه ويتعارك معه لفظياً لمدة دقيقتين، تنتهي بقبول المتصل به بذلك تحت كلمة ” كسراً للشر، متحدياً الضابط قائلاً له: “بس لو كنتو رجال ادخلوا بري وتعالولنا ماشيين” فما كان من ضابط الشاباك إلا أن رد عليه: “بما انك قليل ادب اخلي شقتك وراح يتم تدميرها”.
هذه المواقف الطريفة وردود فعل الأهالي الغريبة والمضحكة لهذه الاتصالات المرعبة، تأتي لتبقى الفلسطيني الغزي داخل إطار صورة الصمود والتحدي لكل الصعوبات ومهما كانت والتي لطالما اعتدنا على رؤيته فيها.

 

مئات البيوت قصف دون سابق انذار
إلا وأنه مع هذه القصص الطريفة، فإن هناك عشرات البيوت بل مئات قصفتها طائرات الاحتلال دون سابق انذار، ودمرت على من فيها من فلسطينيين، وذكرت تقارير طبية وحقوقية أن أكثر من 80 عائلة ابيدت عن بكرة أبيها جراء قصف الاحتلال للمنازل بشكل مباشر ودون سابق انذار.
كما كان الاحتلال يعطي ” الانذار المبكر” والذي لا يتجاوز الدقيقة احياناً لاخلاء منازل مكون من طبقات، يسكنها عائلات مختلفة، فيقصف من بقي من هذه العائلات والتي لم تستطع الخروج خلال ” وقت الانذار”.
وقد انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لقصف طائرات الاحتلال لبيوت قبل أن تسمح لأهلها بمغادرتها.

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر – الرأي