غزة – راديو موال
قبل أيام قليلة، كانت الفلسطينية نجوى عليوة، تحضِّر للاحتفال بعيد الفطر برفقة عائلتها التي كانت تقطن في حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، بصناعة الكعك كأهم الطقوس التي اعتادت عليها مع حلول هذه المناسبة من كل عام.
“عليوة”، البالغة من العمر (49 عاماً)، تهوى صناعة الكعك منذ أعوام طويلة، لدرجة أنها كانت تخطط لصناعة كميات كبيرة منه هذه المرة، كما تقول، لكن الحرب العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ 7 يوليو/ تموز الجاري، أفشلت مخططات الفلسطينية عليوة، بعد أن أفقدتها منزلها.
وأصبحت مدرسة “حمامة”، في حي الشيخ رضوان، جنوبي مدينة غزة، هي مأوى للفلسطينية عليوة، وعشرات آلاف الفلسطينيين الذين دمرت القذائف المدفعية الإسرائيلية منازلهم.
لكن “عليوة”، وقريباتها وزميلاتها، قررن تحدى “إسرائيل” (كما قلن) وصناعة “كعك العيد” هنا..في “مركز الإيواء”.
رائحة الكعك كانت تفوح فجر اليوم الإثنين، أول أيام عيد الفطر، في كافة أروقة المدرسة، حيث تجمعت عشرات النساء في طابور طويل، وتقاسمن الأدوار لصناعة حلوى العيد الشهيرة.
تقول عليوة بعد تنهيدة طويلة، “كنت أتمنى أن أحتفل بالعيد مع عائلتي، فدائماً ما نتجمع قبل يوم واحد لصناعة الكعك، لكن هذه المرة تجمعت مع النازحين في مدرسة الإيواء”.
وتضيف عليوة وهي تواصل صناعة الكعك، “رغم القتل والدمار والتشريد سنحتفل بالعيد، وسيفرح أولادنا بأجوائه الجميلة”.
وإلى جانب الفلسطينية عليوة كانت، نسرين شاهين (37 عاما) تخبز قطع الكعك بعد إتمام حشوها بـ”عجوة التمر”.
وتقول شاهين، إنها تُحاول أن تُنسي نفسها ما حل بأسرتها التي هدم مأواها وشردت من حي الشجاعية الذي دمرت فيه مناطق واسعة بفعل الضربات الجوية والقصف المدفعي الإسرائيلي.
أما العشرينية زينات أبو عَصْر (25 عاما)، التي حاولت رسم الابتسامة على وجهها خلال حديثها لمراسلة “الأناضول”، فتقول “أشعر بسعادة كبيرة هنا.. رغم النكبة التي حلت بهؤلاء النازحين إلا أن هناك تعاون كبير بينهم”.
وتضيف وقد زادت ابتسامتها اتساعاً:”أحاول أن أرفّه عن نفسي برفقة النساء.. أشعر أنني في بيتي.. وسأحتفل بالعيد، وأفرح”.
وتدير لجان شعبية في غزة مراكز الإيواء، وتُحاول أن توفر للنازحين كل ما يحتاجونه من خدمات وطعام وملابس، وفق حاتم غيث وهو مدير لجنة شعبية تقع تحت مسؤوليتها أربعة مدارس نزحت إليها 290 عائلة.
وقال غيث:”تمَّ فتح مركز الإيواء قبل أكثر من أسبوع، واستقبلنا نحو 2000 مواطناً (معظمهم نساء وأطفال) بواقع 290 عائلة نزحت من المناطق الحدودية”، مشيراً إلى أن الغالبية من هؤلاء النازحين هدمت بيوتهم بشكل كامل.
وستقيم اللجنة الشعبية التي يديرها غيث، سلسلة فعاليات ترفيهية ستبدأ صباح أول أيام عيد الفطر، لإدخال البسمة الفرح على الأطفال النازحين.
ويُصادف أول أيام عيد الفطر، اليوم الثاني والعشرين للحرب على غزة والتي أطلقت عليها إسرائيل عملية “الجرف الصامد”، استشهد فيها 1035 فلسطينياً، فيما أصيب 6233 آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وتسببت الحرب أيضًا في تدمير 2330 وحدة سكنية، وتضرر 23160 وحدة سكنية أخرى بشكل جزئي، منها 2080 وحدة سكنية صارت غير صالحة للسكن، بحسب معلومات أولية صادرة عن وزارة الأشغال العامة الفلسطينية.