أربعة أيام من الفعاليات المتنوعة.. مهرجان “حياة بيت لحم” يعيد الحياة لِ”شارع النجمة” وبيت لحم القديمة

راديو موال-محالٌ تجاريةٌ متراصةٌ على طول الشارع، مكدسةٌ بالبضائع المختلفة، وحياةٌ تدب في جميع الزوايا والأزقة لتعطي الشارع القديم ألواناً زاهيةً غير لونه الكئيب المعتاد، وطابعاً خاصاً يجمع بين هُويته القديمة وتاريخه العريق وحياة السكان الحديثة؛ كل هذا وأكثر في تصورٍ لا يزال حلماً لإعادة إحياء “شارع النجمة” الذي يعد من أقدم الشوارع التجارية في بيت لحم والرابط الأساسي بين شقي بيت لحم الشمالي والجنوبي والممر التاريخي لكنيسة المهد محط استقطاب الحجاج منذ آلاف السنين.
محاولاتٌ متعددة لإنعاش الشارع القديم الذي انتكست الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياحية فيه منذ بداية الانتفاضة الثانية عام 2000 ليؤدي هذا إلى إغلاق معظم المحال التجارية التي كانت تشكل عصب الحياة في الشارع بسبب هجره وخوف السياحة الخارجية من جهة وأهالي البلدة من جهة أخرى للتجوال فيه بعد أعمال العنف والاضطرابات والانتهاكات الإسرائيلية التي شهدتها بيت لحم في تلك الفترة.

وكغيره من الأماكن الهامة في المدينة أصبح “شارع النجمة” ضمن المناطق المنسية والكئيبة وغير المكترَث لأمرها، إلى حين بدأت بعض الجهات المحلية بمحاولة تغيير واقع الشارع وإعادته لعهده السابق.

مهرجان”حياة بيت لحم”
من إحدى هذه المحاولات المتعددة عَمل مهرجان “حياة بيت لحم” -الذي ينظم للمرة الثانية على التوالي منتصف حزيران القادم- على المساعدة بتعريف الجمهور الخارجي والدولي بأهمية الشارع المنسي من جهة، وإعادة أهالي المدينة واستقطابهم لممارسة حياتهم الاعتيادية من خلال تشجيع الاستثمار فيه وإعادة فتح جزء من محاله التجارية التي أغلقت سابقاً، حيث ساهم مهرجان السنة الماضية بفتح 30 بالمئة من هذه المحال وتطمح الجهة المنظمة (مؤسسة هولي لاند ترست) لفتح بقيتها من خلال تنظيم المهرجان بشكل سنوي.

وليكون للمهرجان وقعه الخاص في إحياء الشارع، فإنه يركز على ثلاث قيم -بحسب ما شرح مدير المهرجان الياس دعيس ل”قرية للإعلام”- إحداها تتمثل في الثقافة وأخرى في الروحانية وثالثة في العدالة، بحيث سيتم تسليط الضوء على تاريخ وهوية بيت لحم ومسؤولية المجتمع والفرد اتجاه المدينة لإعادة إحيائها بشكل كامل وكسر الحواجز بين المجتمع المحلي والدولي وتعريف الأخير بواقع المدينة الحالي.

فعاليات متنوعة
يستهدف المهرجان 70 بالمئة من المجتمع المحلي بما فيهم سكان بيت لحم والضفة والقدس وأهالي ال48 و30 بالمئة من المجتمع الدولي بفعالياته المختلفة والمتنوعة بتنوع القيم التي يقوم عليها المهرجان؛ إذ أكد دعيس أن فرقاً أجنبية وعربية فنية ستحيي ليالي بيت لحم وخاصة شارع النجمة وسيكون هناك فعاليات خاصة بالأطفال ومحاضرات تتحدث عن مدينة بيت لحم وروحانيتها، إضافة إلى جولات مختلفة في مدينة بيت لحم للزوار الأجانب لتعريفهم بالمدينة من جهة والقيود المفروضة عليها من قبل الاحتلال؛ بحيث سيتم أخذهم لمشاهدة الجدار والمعاناة التي يعانيها أهل المدينة وسيتم الرسم على الجدار لإرسال رسالة واضحة للعالم الخارجي والمجتمع الدولي كما قال دعيس.

كل هذا في أربعة أيام متتالية ابتداء من التاسع عشر من حزيران بحيث تتركز الفعاليات على القيم المستهدفة من خلال إعطاء المساحة للفنانين الفلسطيين لإظهار فنهم ورسالتهم الفنية إضافة إلى التبادل الثقافي للفرق الفنية الآتية من ايطاليا وأمريكا وألمانيا مع الفنانين المحليين إضافة إلى استهداف المجتمع المحلي أيضاً بحيث سيكون هناك جولات توعوية من قبل مركز حفظ التراث للشباب الفلسطيني وتعريفهم بأهمية شارع النجمة والحفاظ على تراث المدينة والأبنية القديمة.

رؤية الجهة المنظمة
بدأت فكرة المهرجان كمبادرة لإعادة إحياء شارع النجمة بالتعاون مع وزارة السياحة وبلدية بيت لحم بهدف خلق مهرجان مجتمعي بمردود دولي وتسليط الضوء على المدينة من خلال جذب السياحة الداخلية والخارجية؛ فبحسب ما شرح نائب المدير التنفيذي لمؤسسة هولي لاند ترست انطوان السقا -في حديثه ل”قرية للإعلام” أن المؤسسة توجهت لتنظيم مثل هذه المهرجانات لأنها تستهدف المجتمع المدني في الأساس وتسعى لتقويته، وعندما تم الانتقال لشارع النجمة لفت انتباه المؤسسة أن الشارع مغلق ومهمل من دون وجود أي مبادرات جدية لإنعاشه لذلك ارتأت أن تنظم مهرجاناً اجتماعياً ثقافياً اقتصادياً يستهدف هذا الشارع.

وقد جاءت المبادرة في شارع النجمة لأهميته التاريخية والتراثية، فهو شارع الحج الرئيسي لمدينة بيت لحم والممر القديم لكنيسة المهد وتم الاعتراف به من قبل اليونيسكو كموقع على لائحة التراث العالمي، وليتم الاحتفاظ بهذا اللقب وإثبات هُوية الشارع والمدينة الفلسطينية، من المتوجب أن يتم تغيير الواقع بأن يتحول الشارع والعديد من المناطق المهملة في المدينة إلى عهدها السابق ولترجع الحياة إليها من جديد.

 

تقرير هبة لاما