راديو موال – يتناقل الأهالي و الطلبة و الشباب أخبار انتشار تعاطي عقاقير الهلوسة الكيميائية و انعكاساتها الخطيرة على الوضع الصحي ،النفسي ، السلوكي و الاجتماعي على متعاطيها و عائلاتهم والحيرة و القلق الذي ينتابهم لدى التفكير بتفسير الظاهرة و التدخل و العلاج. كما أن الصورة الواقعية لظاهرة انتشار وتعاطي وإدمان المخدرات في مدينة القدس وباقي الأراضي الفلسطينية بعيدا عن التهويل و التضخيم في ظل سيادة ثقافة التحرج والنبذ والحساسية ونظرة المجتمع إلى هذه الظواهر السلوكية وما تشكله من اضطرابات نفسية وتحديات مجتمعية، يؤدي بالغالب إلى تفاقمها وصعوبة إيجاد حلول سريعة وناجعة لها . و بالإشارة إلى انه وفق برنامج الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات تحتل منطقة الشرق الأوسط سواء في آسيا أو إفريقيا نسبة كبيرة من متعاطي المخدرات في العالم، حيث أن عددهم في العالم قرابة 240 مليون متعاطي ومدمن ، ورغم صعوبة رصد حجم هذه الظاهرة في الأراضي الفلسطينية ، حيث تتحدث بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (2007) أن هناك حوالي 43 إلف متعاطي و مدمن في الأراضي الفلسطينية ثلثهم في مدينة القدس إي ما يعادل 12 إلف شخص في حين إن االارقام الواردة من وزارة الرفاه الإسرائيلية تتحدث عن 3 ألاف مدمن و7 ألاف متعاطي مخدرات في مدينة القدس.
بدأنا نسمع منذ نحو ثلاثة سنوات بمخدرات الأكشاك والحفلات (الهايدرو، مسطلون، مبسطون، مستر نايس)، وهي عبوات يتم تدخينها من قبل الشباب، بالرغم من أن الكنيست الإسرائيلي قام بمنعها أخيرا منذ بضعة شهور وضمها إلى قائمة العقاقير المحظورة إلا أن هناك استمرار واضح وكبير في بيعها بشكل سري، و بالنقيض مع ذلك أن هذه العبوات مكتوب عليها باللغة العبرية (قانوني 100%)، والجدير ذكره أنها في متناول العديد من الشباب و خاصة طلبة المدارس ويتم تضليلهم بأنها مواد خفيفة يتم تدخينها وخداعهم بأنها مواد تسبب الضحك وتغيير المزاج.
كما انه يتم التحذير من تنامي هذه الظاهرة بالإضافة للتدخين وشرب الأرجيلة بين الشبان وطلاب المدارس الذين تشكل نسبتهم 12% بين أعمار 15-24 عاما، وهي نسب غير قليلة من الذين جربوا المخدرات لمرة واحدة بجميع أنواعها من ماريجوانا وحشيش ومشروبات كحولية وإساءة استخدام العقاقير. فمن الواضح إن برامج الوقاية من المخدرات في مدارس القدس محدودة جدا في حين إن برامج التدخل لدى الجانب الإسرائيلي اكبر بكثير،وهي عبارة عن 30 مؤسسة لعلاج الادمان في حين توجد فقط 3 مؤسسات فلسطينية في حدود مدينة القدس . فمن بين أسباب تعاطي المخدرات تبدأ من التربية الخاطئة والمشاكل في المدارس وما يتبعها من انحرافات سلوكية من بينها تعاطي المخدرات ومشاكل الطفولة والعلاقة مع إلام والأب والرؤيا الاجتماعية، والثقافية للمستقبل، والتدهور الحاصل في القيم وضعف الوازع الديني، والفقر والبطالة والمحيط البيئي الى درجة يقال فيها بسخرية إن الخبز يمكن إن ينقطع في حين ان المخدرات من الصعب ان تنقطع ..!
وبالإشارة إلى الأضرار الصحية والنفسية والبدنية على جسم الإنسان وما تلحقه من أذى في الجهاز العصبي والدماغي والمناطق المسئولة عن التفكير والشعور والذاكرة والإدراك، وما يصاحب ذلك من هلوسة وهذيان والإقدام على الانتحار وتأثيراتها السلبية على الجهاز التنفسي والرئتين والقلب والكبد، بالإضافة لعدم المقدرة على الإنجاب ونقل الإمراض كالايدز والتهاب الكبد الوبائي عن طريق تعاطي الحقن بالتشارك، يذكر أن مركز البلدة القديمة للإرشاد/ كاريتاس القدس شارك في إعداد دراسة حول الأمراض الوبائية بين متعاطي المخدرات بالحقن بمحافظة القدس بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية و وزارة الصحة الفلسطينية عام 2010 بعد مقابلة نحو مائتي متعاطي مخدرات بالحقن وأخذ عينات دم منهم وفحصها، حيث خلصت الدراسة إلى أن 43% من هذه الفئة يحملون فيروس التهاب الكبد الوبائي “ب” و “ج”. إلا أن عددا من بين أصناف المواد المخدرة الأخرى مثل القنب الهندي كالماريجوانا والحشيش مدى تأثيرها النفسي والإدمان النفسي عليها اخطر بكثير من الإدمان الجسدي، بالإضافة إلى ذلك عقاقير الهلوسة والمنشطة مثل الأكستازي و الأمفيتامينات والأسيد ( (LSDأو ما يعرف ” بحبوب الحب “وحبة الترب، العجل، الكرتون، والطوابع فعندما يتناولها الشخص يشعر بأنه يحب الشخص الذي أمامه وأنه مرتاح له جدا، إلى جانب ذلك يتم الخداع بأنها تزيل الخجل وتقوي الثقة بالنفس، ولكن في حقيقة الأمر أن هذه العقاقير فعاله بالتأثير السلبي على الحالة العقلية والنفسية والسلوكية للإنسان المتعاطي، فتصيبه بالهلوسة والهذيان والتخيلات التي تشبه بعض أعراض الاضطرابات النفسية كالفصام. بالإضافة إلى أنها تؤدي إلى الوقوع في الأعمال السلبية والمخلة بالآداب وما إلى ذلك. علما أن هذه الحبوب يستعملها بعض الشبان في حفلات خاصة ترافقها موسيقى صاخبة يرقصون على أنغامها.
أن وصف مدينة القدس بأنها أكثر المدن الفلسطينية انتشارا لتعاطي المخدرات بين أهاليها وانتشار الأوكار لتبادل المخدرات بين أزقة البلدة القديمة له مردود سلبي على المقدسين من أبناء وبنات هذه المدينة وما ينعكس ذلك على مستقبلهم وسمعتهم.كما أن انتشار المخدرات بين أبناء البلد إلى جانب الفقر المدقع والحالة السياسية والاقتصادية الصعبة يساهم في خلق تربة خصبة لنمو جيل فاسد مع الأسف لا يوجد له هوية وطنية ولا حتى انتماء لأرضه، جيل بعيد كل البعد عن الثقافة المقدسية الوطنية. أن طاقم البلدة القديمة للإرشاد/ كاريتاس القدس يعمل بكل جد مع باقي مؤسسات المجتمع المدني المقدسية و الوطنية للمحافظة على الأجيال الصاعدة بتوعيتهم من مخاطر تناول المواد المخدرة بشتى أشكالها من خلال برامج الوقاية والتوعية والتمكين للأهالي والأمهات والشباب وطلبة المدارس، إلى جانب برامج تدريب المرشدين والأخصائيين الاجتماعيين، أيضا بث روح التطوع بين الطلبة والشباب في أعمال توعوية في الميدان كالنزول لشوارع المدينة لنشر الملصقات والنشرات التوعوية والمضادة لانتشار المواد المخدرة من خلال قيامهم بمسيرات وفعاليات منظمة. بالإضافة إلى ذلك ينوي طاقم المركز هذا العام عقد مؤتمر كاريتاس القدس الثاني ضمن فعاليات اليوم العالمي لمكافحة المخدرات والذي يصادف السادس والعشرون من شهر حزيران من كل عام، إذ سيتم استعراض واقع وتحديات ظاهرة تعاطي المخدرات في القدس والأراضي الفلسطينية إلى جانب تخريج الفوج الأول من طلبة الدبلوم المهني المتخصص في التعامل مع حالات تعاطي المخدرات بالشراكة مع جامعة بيت لحم.
بقلم تامر زكاك
مدير مركز البلدة القديمة للإرشاد – كاريتاس القدس