أحلام بسيطة في عيون بريئة

 راديو موال – غدير حنونة – كلية الكتاب المقدس – أطفالٌ يرسمونَ أملهم منذُ ولادتهم، ليتحولَ ذلكَ الأملُ الى حجارةٍ صماء، يبنيها حازم ذات الثالثةَ عشرة من عمره،  يعملُ مع والدهِ في بناءِ البيوتِ والجدران، بدلاً من بناءِ مستقبلهِ المشرقِ بالعلم، بعدَ ترك مدرستهِ وهو في التاسعةِ من عمره، حازم الذي إمتلأت عيناهُ بالسواد، وظهرتْ الشمسُ في جسمهِ، صارَ طفلاً “رجلاً” يصارعُ الحياةَ ليكسبَ لقمةَ العيشِ وليحملَ مصاريفَ البيتِ على ساعديهِ الصغيرين.

يَعتقدُ حازم بأنَ جميعَ الأطفالِ في عمرهِ يتركونَ المدرسةِ ليعملوا مع أهلهم، ” ابوي دايماً بضلوا يقلَي إنو كل اصحابك واولاد صفك هلا بشتغلوا مع ابوهم، فإنتَ كمان لازم تشتغل، الدروس ما بنفعنك! بس صرف مصاري عالفاضي، أما الشغل بخلي في ايدك صنعة وبسوي منك زلمة”.

هذه الكلماتُ كررها والدُ حازم الذي كانَ قد حفظها من جدِّ حازم وهو في سنِّ إبنه، ” صارلي 25 سنة بشتغل في البُنا من يوم ما كنت في عمر إبني حازم، بتذكر ابوي وهو بصحي فيَة من الساعة 4:30 وجي الصبح عشان نفطر ونروح على الشغل واساعدو، والحمدلله هيني شغلت ابني معي لأنو المدرسة مش رح تفيدو لأنها ما فادتني”.

كلامُ جهلٍ أقنعَ الطفلَ البريءَ ليعملَ كـ”رجلٍ” حطَّ قدميهِ على عتبةِ العملِ الشاقِ بدلاً من مواكبةِ أحلامهِ التي لم يعرف معناها، عبّرَ عنها حازم بلسانٍ يلهثُ تعباً، ” أنا حلمي إني اصير طيَار، بكرة لما أكبر بدي أحوّش مصاري عشان اشتري طيارة. ” جملةُ طفلٍ صغيرٍ لا يعرفُ أنهُ لربما سيظلًّ عالقاً في مهنةِ جدهِ التي بنتْ لهُ سوراً أمامَ حلمه، ليطيرَ في غبارِ الضخورِ ويحلّقَ فوقَ ترابِ الحجارةِ.

قالوا حقوقَ إنسانٍ فرأينا الإنسانَ ميْتاً، صرخوا بحقوقِ الطفلِ لنجدَ الطفلَ كهلاً! هلْ هناكَ من سيسمعُ لنداءِ الأطفالِ هؤلاءِ ويمسحَ عرقهم ؟ يعانونَ من الجهلِ ويشربونَ الأميةِ كلَّ يومٍ خلفَ جدرانِ المدارس،يأملونَ بأنَ لديهم حلماً سيحققونهُ عندما يكبرون، فهلْ سيحققُّ حازم حلمهُ ويصبحَ طيّاراً، أم سيظلُّ بالفعلِ حلم ؟