مثليو الجنس في فلسطين بين الواقع والسراب

راديو موال – رغم  التحفظ وعدم الخوض بموضوع مثليو الجنس في فلسطين من حيث العدد وكل تفاصيله. ورغم التحفظات والسرية في التعامل مع هذا الملف بدأت الأوراق تتناثر لتعلن وجود هذه الفئة في المجتمع مع الإصرار على إحترام الحرية الشخصية في ظل غياب نصوص قانونية تعالج حالات مثليي الجنس. فبات لهذه الفئة أماكن خاصة في بعض المدن، وطقوس خاصة من الملابس، والأشكال والتصرفات، وموقع على الانترنت.

في الفترة الاخيرة وصلت العديد من الملاحظات لمراسل راديو موال على سلوك بعض الشبان وتصرفاتهم من بعض الاصدقاء المقربين منهم والتي تشير الى ميولهم الجنسي واقتراحات بان يكون لهم وضع خاص كما في اسرائيل او بعض الدول العربية.

واختراق هذه المجموعات صعب،في مجتمع محكوم بعادات وتقاليد وثقافة دينية تحرم هذه السلوكيات،مع العلم انه يتواجد أرقام كبيرة تتجاوز المئات سواء في السجون التي تطبق نظام التشديد بين مثليي الجنس من السجناء، ناهيك عن المصابين بالإيدز والإمراض الجنسية، إلى جانب فئة منهم تراجع عيادات الطب النفسي في القطاع الخاص لضمان السرية.

وكان منتج اسرائيلي قد انتج فيلم الرجال اللامرئيين “فيلم إسرائيلي” من بطولة فلسطينيين من المثليين جنسيا .. سوف يعرض الفيلم الحائز على جائزة الفيلم الوثائقي “الإسرائيلي”  يوم 14 يونيو – حزيران الجاري في سينما فروغنير في العاصمة النرويجية أوسلو، ويتبع عرض الفيلم حوار بين المشاهدين من الجمهور وأحد أبطال الفيلم الفلسطيني عبدالله راوشدة المقيم منذ سنتين في العاصمة النرويجية أوسلو، وسوف يدير النقاش “اندريه اوكتاي دال” عضو البرلمان النرويجي عن حزب” هويرا” اليميني. وهو بنفس الوقت عضو الهيئة القيادية لمنظمة العالم اللوطي في النرويج.

في هذا الفيلم يروي رواشدة وآخرين حكاياتهم مع المثلية الجنسية وهروب بعضهم الى تل أبيب أو تعرض بعضهم الى الاعتقال والتعذيب بحسب شهاداتهم . يقول أبو رواشدة انه بعدما جرى التحقيق مع شريكه المثلي واعترف الأخير بعلاقتهما الجنسية أنه تم اعتقاله لمدة 15 ساعة .

رواشدة عضو الآن في الهيئة القيادية لمنظمة العالم اللوطي في النرويج. وينشط أيضا في منظمة نرويجية اسمها ” مثليون مع فلسطين”  ويعمل في مركز متعدد الثقافات في اوسلو. ويقول عن الفيلم أنه بدأ والمخرج العمل على هذا الفيلم الوثائقي سنة 2012 ولكن المدير رفض عرضه قبل أن يلجأ أبطال الفيلم جميعهم وهم كلهم من المثليين الى أماكن آمنة.  الآن وبعد سنتين أنا سعيد جدا لأنني أعيش واعمل في أوسلو. وقد  قرر المخرج الإفراج عن الفيلم وعرضه في أوسلو.

الآن يمكننا ان نظهر للشعب النرويجي مدى صعوبة الحياة اليومية للمثليين الجنسيين في فلسطين. يقول بطل الفيلم عبدالله رواشدة :في الفيلم، نجتمع نحن ثلاثة شبان مثليون جنسيا .. الرجال الثلاثة بحسب أقوالهم هم من الرجال الذين فروا من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى داخل الخط الأخضر في تل أبيب بسبب ميولهم الجنسية.  وهناك أيضا يجبرون كفلسطينيين على العيش متخفين خوفا من اعتقال الشرطة “الاسرائليية” لهم وإبعادهم الى الضفة الغربية. إنها حكاية عن الحياة الجنسية والدين والاحتلال.. ويضيف أبو رواشدة : نحن نتابع النضال من اجل الحرية والأمن والكرامة.

اليوم جميع أبطال الفيلم اي الثلاثة حصلوا على حماية واقامة في دول أوروبية لقد تم عرض الفيلم في دول عديدة من العالم والآن سوف يعرض للمرة الأولى في عرض خاص برعاية جمعية العالم اللوطي ومؤسسة “مينوتولك” في سينما “فروغنير” يوم الرابع عشر من شهر حزيران يونيو الجاري.  هذا وتباع التذاكر للفيلم في شركة بيع التذاكر النرويجية والاسكندنافية “بيليت سيرفيس” وفي لقاء مع وسائل إعلامية محلية قال ابو رواشدة الذي ولد وترعرع في مدينة الخليل الفلسطينية المعروف عنها تمسكها بالعادات والتقاليد وهي مدينة فلسطينية محافظة.. انه لم يعد خائفا. وأضاف انه يحب الرجال وانه في سن 14 عاما تعرف على شاب آخر ولكن أبو رواشدة ينتمي لعائلة إسلامية محافظة واعتقدت انه كان مريضا.

في ذلك الوقت أدرك أبو رواشدة البالغ من العمر  25 عاما أنه يحب الرجال، ولكنه بحسب قوله أيضا لم يكن يعرف ما هو الشذوذ الجنسي. وأضاف أن هناك العديد من مثليي الجنس في فلسطين ولا يتكلمون عن ذلك. ويقول أيضا أن هذه عادات غربية من شأنها تدمير المجتمع.

يقول الرواشدة انه بعد الاعتقال فر الى عمان في الأردن وكان صعبا عليه أن يفقد البيت والعائلة مرة واحدة. لكن بعد اعتقاله بسبب انه مثلي جنسي لم يعد بمقدوره العودة الى الوطن والأهل. وفي عمان اتصل بمكان وحيد بالعاصمة وهو مقهى للمثليين. قام صاحب المقهى بمساعدة الرواشدة ومنحه فرصة العمل هناك. وتلقى منه التأييد والدعم. بعد ذلك بدأ الرواشدة الاتصال بأصدقائه من المثليين الفلسطينيين في تل ابيب من أجل العمل على تحسين ظروف المثليين في فلسطين. ومن ثم سافر بشكل غير قانوني الى هناك.

يقول بطل الفيلم عبدالله الرواشدة أن تل أبيب هي أفضل مدينة شرق أوسطية للمثليين ولكن ليس للفلسطينيين منهم. فالشباب الفلسطيني بدون عائلاتهم هناك يتم الشك بهم كارهابيين

في تل أبيب سأله المخرج “الاسرائيلي ياريف موزرس” ان كان يريد ان يتحدث عن قصته وكان رد ابو رواشدة بالإيجاب. يقول انه في البداية كان خائفا جدا وكان يريد ان يظهر وجهه ولكن بنفس الوقت كان يخاف ان يقتل بسبب ذلك.

الفيلم بطبيعة الحال يتحدث عن اثنين آخرين من الضفة الغربية هربا الى تل ابيب مدينة المثلييين تماما كما رواشدة. ومن ثم عثرا على ملاذ آمن في دول أوروبية.

ويعتبر رواشدة الفيلم بمثابة قصة حزينة ولكنه بنفس الوقت درس قد يستفيد منه المجتمع والعائلات الذين اعتبروهم مرضى  ..الفيلم بحسب أبطاله يصور الحالة اليائسة لمثليي الجنس من الفلسطينيين.

ويركز رواشدة في حديثه على موضوع المثليين الفلسطينيين الذين يتم اتهامهم من قبل الأمن الفلسطيني بالعمالة للاحتلال فيما الإسرائيليون يتهمونهم بالإرهاب.ولذا لا توجد لهم حماية لا هنا ولا هناك. حيث يصبحون كمن وجد نفسه عالقا بين المطرقة والسندان.