راديو موال – شكل رحيل المخرج والممثل السوري حاتم علي، إثر إصابته بنوبة قلبية عن عمر لم يتجاوز الـ 58 عاماً، صدمة كبيرة لدى جمهوره ومتابعي أعماله الدرامية؛ وأثار أصداءً واسعة في الأوساط الفنية وعلى منصات التواصل الاجتماعي التي امتلأت بكلمات النعي والصور والمشاهد من أعماله الدرامية.
مسيرة فنية ثرية
ولد حاتم علي في بلدة الفيق في الجولان، وقد اضطرت عائلته إلى النزوح بعد احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان في عام 1967 ولم يكن وقتها قد تجاوز الخامسة من عمره.
وقد عاش مع أسرته الصغيرة في أطراف مخيم اليرموك الذي يبعد عن دمشق نحو 8 كيلومترات.
وبدأ علي مسيرته الفنية والأدبية بكتابة المسرحيات والقصص القصيرة ثم اتجه إلى التمثيل والإخراج لاحقا.
وتخرج من قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق عام 1986، ليبدأ بعدها أول مشوار فني له ممثلا في مسلسل “دائرة النار” للمخرج هيثم حقي. وتوالت الأدوار عليه بعد ذلك.
وفي أواخر التسعينيات، توجه إلى الإخراج، فأخرج مسلسل “الزير سالم” الذي كان بمثابة نقطة تحول في مسيرته الفنية. وشارك في المسلسل كوكبة من النجوم السوريين، أمثال سلوم حداد والراحل خالد تاجا وعابد فهد وسمر سامي وجهاد سعد وتيم حسن وقصي خولي وكثيرين غيرهم.
وحاول علي في هذا المسلسل تجسيد إحدى السير الخالدة في التراث الشعبي عبر دراما تلفزيونية، وهي سيرة الشاعر وأحد أبطال العرب في الجاهلية: المهلهل ابن ربيعة والملقب بالزير سالم، ومغامرات فروسيته خلال حرب البسوس. التي يقال أن امرأة تدعى البسوس تسببت في اشعالها من أجل ناقة، ودامت أربعين عاماً قتل فيها أبناء العمومة بعضهم البعض لأجيال متتالية.
وقد لاقى المسلسل نجاحاً كبيراً عند عرضه في عام 2000. وعلى الرغم من مرور عقدين من الزمن على عرضه، إلا أن الحديث عنه ما زال مستمرا، وقد أعلن الفنان الراحل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن مشروع إعادة إنتاج قصة الزير سالم وحرب البسوس في فيلم سينمائي، وكان من المفترض أن يقوم بأداء الدور الرئيسي فيه الممثل السوري جمال سليمان.
وواصل علي بعد هذا النجاح عمله في إخراج التمثيليات التلفزيونية الطويلة وعدد من المسلسلات السورية والعربية تاركاً بصمة مميزة في تاريخ الدراما التلفزيونية العربية.
وتميز في إخراج المسلسلات التاريخية من أمثال: مسلسل “صلاح الدين الأيوبي” الذي تُرجم إلى عدة لغات وعرض في قنوات تلفزيونية عديدة، ومسلسل “صقر قريش” الذي يعد الأول في سلسلة مسلسلات تحكي عن تاريخ المسلمين في الأندلس، إذ أعقبه مسلسلا “ربيع قرطبة” في عام 2003 ، و”ملوك الطوائف” عام 2005.
ولا تتصل هذه المسلسلات الثلاثة ببعضها إلا في تغطيتها لفترات متعاقبة من التاريخ الأندلسي، وكونها جزءاً من مشروع فني سمي بـ “رباعية الأندلس”.
ولا ينسى المشاهدون مسلسل “التغريبة الفلسطينية” عام 2004، الذي يروي فصول ما تعرض له النازحون الفلسطينيون بعد عام 1948.
وانتقل علي إلى تناول التاريخ المعاصر في مسلسل “الملك فاروق” عام 2007، الذي قام بتجسيد الدور الرئيسي فيه الممثل السوري تيم حسن، إلى جانبه عدد من النجوم المصريين مثل الراحل محمود الجندي وعزت أبو عوف ومنة فضالي وغيرهم من نجوم الدراما المصرية.
كما يعد مسلسل “عمر” عام 2012. الذي يروي سيرة الخليفة عمر بن الخطاب، أضخم إنتاج عربي، ولاقى نجاحاً كبيرا في معظم البلدان العربية، وكانت تلك أول مرة يسمح فيها بتجسيد إحدى شخصيات الصحابة في الأعمال التلفزيونية.
وأخرج علي أيضا عدداً من المسلسلات المصرية، من بينها “تحت الأرض”، و”حجر جهنم” و”كأنه امبارح”، و”أهو دا اللى صار”.
نشاط أدبي
لم يقتصر نشاط علي على التمثيل والإخراج، بل كان له أيضا نشاطا أدبيا، إذ كتب ثلاث مسرحيات وهي “مات 3 مرات” و”البارحة – اليوم – وغدا”، و”أهل الهوى”.
وألف مجموعتين قصصيتين هما: “ما حدث وما لم يحدث”، و”موت مدرس التاريخ العجوز”.
كما كتب أيضا عددا من نصوص الدراما التلفزيونية، من بينها مسلسل “القلاع” الذي أخرجه مأمون البني. وفيلم تلفزيوني بعنوان “الحصان” أخرجه بنفسه.
وإلى جانب عمله في الإخراج برز أيضا كممثل أجاد تجسيد شخصيات مختلفة في أكثر من 28 مسلسلاً تنوعت موضوعاتها بين التاريخي والاجتماعي والكوميدي.
ولم يقتصر نشاطه على الأعمال الدرامية التلفزيونية، إذ قدم في السينما أفلاما من أمثال: “شغف”2005 و “سيلينا” 2009 ، وهو مقتبس عن مسرحية هالة والملك لفيروز والأخوين رحباني، ولعبت دور البطولة فيه المغنية ميريام فارس، وفيلم “العشاق”، 2008 و”الليل الطويل” 2009.
توجت أعمال حاتم علي بعدد من الجوائز الفنية من بينها: جائزة أفضل مخرج في مهرجان القاهرة للإعلام العربي عن إخراجه لمسلسل الملك فاروق، وجائزة أفضل مخرج من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن فيلم آخر الليل 1996.وجائزة أفضل مخرج في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن مسلسل سفر 1997، وذهبية مهرجان البحرين عن مسلسل الزير سالم 2000، وجوائز أخرى.
على الصعيد الشخصي، تزوج علي من الكاتبة والحقوقية السورية، دلع الرحبي، وله منها ولدان. وقد انتقلت أسرته للعيش في كندا بعد اندلاع الحرب في سوريا.
عن BBC News