هل تشجع إجراءات وقرارات وزارة الصحة على التنمر وثقافة الوصمة؟

راديو موال:حسن عبد الجواد-احتدم الجدل المحلي في الأسابيع الأخيرة، بين وزارة الصحة الفلسطينية، ونشطاء وفعاليات في المجتمع الفلسطيني، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حول أهمية وأحقية المواطن، بنشر أسماء المصابين بفايروس كورونا، أو عدم نشرها من وجهة نظر وزارة الصحة، بذريعة الحماية القانونية التي تتمتع بها خصوصية المرضى، في فلسطين، وفق ما تنادي به الوزارة. وقد وصل هذا الجدل الدائر مؤخرًا، قاعة محكمة البداية في بيت لحم، التي عقدت جلستها الأولى للنظر في هذه القضية، قبل أيام، والتي لا زالت تشغل اهتمام المواطنين، مع تصاعد أعداد الإصابات بالفايروس بشكل غير مسبوق، في محافظة بيت لحم، ومخاطر انتشاره مستقبلًا بشكل أوسع في المجتمع الفلسطيني.

ورغم أن القانون الفلسطيني، يدعو لحماية خصوصية المرضى، في الأوضاع الطبيعية، إلا انه لم يسبق في السنوات الماضية، أن شكل هذا الموضوع جدلًا وصل إلى هذا المستوى من الأهمية والاختلاف، فجميع المرضى في المستشفيات والمراكز الطبية، وفي عيادات الأطباء، وفي كل مكان  قبل جائحة الكورونا معروفون، ولم يسبق أن تعرض أي مواطن لأحد من المرضى، بأي إساءة او تنمر، فثقافة وقيم الفلسطيني، تحترم وتهتم وتقدر وضع المرضى، فهم  ليسوا مرضى خارج نطاق العلنية أو مختفون عن الأنظار، وهم يحظون بمسؤولية وحرص كبير، والمواطن يتحدث عنهم وإليهم بأريحية، ويقوم بواجب الزيارة لهم، ولم نسمع أحد من المرضى، قبل الكورونا، وفي الأوضاع الطبيعية تطرق لإشكالية واشتكى على خلفية مفهوم الخصوصية. واليوم في ظل حالة الطوارئ يثار موضوع حماية الخصوصية بكل أسف من قبل وزارة الصحة، وكأن مرض الكورونا عيبًا مجتمعيًا وثقافيًا، رغم إعلانها بأن ليس كذاك!

إن وزارة الصحة التي تتمسك بمفهوم الخصوصية لدى المرضى، تعلم جيداً أننا لسنا في وضع طبيعي، وإنما نعيش في ظل حالة الطوارئ، التي أعلن عنها الرئيس الفلسطيني، بسبب جائحة كورونا، وأن كثيرًا من الأمور تغيرت، ما يعني أن الأحكام التي تسود في الأحوال الطبيعية، يمكن أن تُعطل أو تُستبدل بإجراءات بديلة، بما يخدم الحالة الصحية العامة للشعب الفلسطيني في الظروف الصعبة، ويعزز من مواجهة هذا الفايروس، باستخدام مفاهيم ثقافية ومجتمعية تخفف من العبء الصحي والنفسي على المواطن، وهو ما ينادي به من يحملون وجهات نظر تطالب بنشر أسماء مرضى الكورونا يوميًا، في كل موقع محدد “مدينة، قرية، مخيم، قطاع مهني”، وذلك لكي يتفادى مواطنوها خطر انتشار هذا الفايروس الذي يهدد حياتهم، حيث لا تكفي إجراءات وزارة الصحة، وفقًا للتجربة في الواقع الملموس، لمنع انتشار الفايروس.

إن ما طرحته النيابة العامة في الجلسة الأولى للمحكمة، لا يتعدى تطبيق القانون في الأوضاع الطبيعية، وليس في حالة الطوارئ المعلنة، من أعلى سلطة فلسطينية، والتي لم يجرِ إعلانها وتمديدها، في بداية كل شهر، منذ آذار الماضي، من قبل الرئيس الفلسطيني، لو لم نكن نعيش في حالة وبائية كارثية عكست أثارها الصحية الخطيرة، لتمس مختلف جوانب الحياة في مجتمعنا، لا بل في العالم أجمع.
وأكثر من ذلك، فإن هذا الإصرار من وزارة الصحة أو غيرها، على سحب تطبيق قانون خصوصية المريض في الأوضاع الطبيعية، على المواطنين في حالة الطوارئ، يتساوى أو يقترب إلى حد كبير من الدعوة لإشاعة مفهوم العيب والوصمة التي نحاول في مجتمعنا التصدي لها، ما يعني التناقض مع موقفها المعلن، بأن مرض الكورونا، ليس عيبًا أو وصمة اجتماعية، وهو ما يضع وزارة الصحة في موقع الداعي والمروج لثقافة الوصمة والتنمر في المجتمع الفلسطيني، الأمر الذي يتطلب حل هذا التناقض من قبل وزارة الصحة أو غيرها.