راديو موال:الضفة الغربية/PNN- يواصل الاحتلال حملات استهدافه للآثار الفلسطينية، في محاولة لسرقة التاريخ وتسويقه على أنه “تاريخ يهودي”، ضمن استراتيجية سرقة الأرض والثقافة والآثار.
ويقتحم عشرات المستوطنين تحت حماية الاحتلال باستمرار، الموقع الأثري في بلدة سبسطية شمال نابلس، فيما أعلنت سلطات الاحتلال في الآونة الأخيرة وضع اليد على موقع دير سمعان الأثري في سلفيت.
الاستيطان يطوق الآثار
وبدوره أوضح الباحث والناشط في شؤون الاستيطان د. خالد معالي أن مستوطنة “ليشم ” تطوق القلعة الأثرية من جهاتها الأربع، واستنزفت ملحقات وأراضي حول القلعة الأثرية من الخارج، وأبقت فقط على القلعة من الداخل.
وأشار معالي إلى أن الاستيطان استنزف أراضي زراعية ورعوية تتبع لبلدات كفر الديك ورافات ودير بلوط وهو ما قلص مساحة أراضي تلك البلدات بشكل كبير.
وموقع دير سمعان يحوي بين جنباته قلعة دير سمعان بنيت في القرن السادس الميلادي في عهد جستنيان.
وحول واقع القلعة، قال معالي إنه لا يمكن الوصول لها إلا من خلال طريق ترابي وعر وصعب وتحت مراقبة برج تابع لجيش الاحتلال، ويطغوا عليها كميات كبيرة من الغبار نتيجة شق طرق تابعة لمستوطنة “ليشم”.
وأشار معالي إلى أن الاستيطان في الضفة الغربية يستهدف المناطق الأكثر أهمية من حيث التاريخ والآثار، إلى جانب المناطق الوافرة بالمياه والخضرة.
وأوضح أن الاحتلال يحاول عبر الاستيطان قلب الحقائق التاريخية، وإثبات روايات لا أساس لها من الصحة.
مخالفة للقانون الدولي
وأكد الباحث معالي أن تجريف الآثار أو المس بها بشكل سلبي متعمد يعتبر جريمة حرب بحسب القانون الدولي، وأن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ينص على أن التدمير المتعمد للمباني التاريخية يشكل جريمة حرب.
ولفت معالي إلى أن منظمة اليونسكو تعتبر أن حماية الأرواح وحماية الثقافة أمران أساسيان ومترابطان في فترات النزاع، وفي الحالات التي يكون فيها التراث الثقافي معرضاً للخطر.
وبيّن أنه سبق وأن تم رفع الشكاوى للمنظمات العالمية كمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، ومجلس الآثار العالمي، باعتبار أن ذلك يشكل انتهاكا فاضحا للقوانين والاتفاقيات الدولية التي تُحَرّم المساس بالمناطق الأثرية.
ترسيخ الوعي
ودعا الباحث السلطة الفلسطينية والجهات المختصة ترسيخ الوعي بأهمية التاريخ الآثار لدى الجمهور الفلسطيني، وإحداث نقلة نوعية في نظرة الناس للتراث من خلال إبراز قيمته التاريخية.
وشدد على ضرورة الحفاظ على المواقع الأثرية – أو ما تبقى منها – خاصة قرب المستوطنات، قبل نهبها من قبلهم؛ وفضح انتهاكات الاحتلال بحق المواقع الأثرية والحضارة والتاريخ الفلسطيني.
وطالب معالي لجنة مواقع التراث العالمي في اليونسكو بالموافقة على إدراج القرية أو القلعة الأثرية دير سمعان ضمن لائحة التراث العالمي لحمايتها.
الكسب السياسي
ومن جانبه، أكد النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني باسم زعارير أنه وفي سياق السيطرة التي يمارسها الاحتلال على الأرض، يتعامل مع ما في باطن هذه الارض من آثار بطريقة الكسب السياسي والاقتصادي.
وأوضح زعارير أن الاحتلال في الوقت نفسه يحاول طمس معالم تاريخ الفلسطينيين بمصادرة الآثار الكنعانية التي يعثر عليها.
وقال زعارير إن الاحتلال منذ أن قام كيانه بعد النكبة الفلسطينية وهو يحاول أن يدعم سيطرته العسكرية على الأرض الفلسطينية بأساطير يزعم أنها تاريخ أو دين وتوراة.
وأضاف: “لذلك يسوق الاحتلال نصوص تلمودية لكي يثبت ملكية اليهود التاريخية لفلسطين ويقدم آثارا إسرائيلية من حقب حكم فيها الإسرائيليون فلسطين، وقد كانت احتلالا بعد الكنعانيين العرب، ويحاولون بذلك أن يثبتوا أحقيتهم في هذه الأرض الفلسطينية التي قدسها القرآن الكريم”.
استغلال الفرص
وأشار النائب زعارير إلى أن الاحتلال يحاول استغلال أية فرصة يمكن أن يستفيد منها على الصعيد الديني والسياسي والاقتصادي والتاريخي، في حين أن شعبنا مقيد بالاتفاقيات التي أبرمتها قيادة منظمة التحرير والسلطة وشملت التنسيق الأمني وعدم السماح للسلطة بالبحث عما في باطن فلسطين.
ولفت زعارير إلى أنه بالإضافة إلى الإهمال لقضية فلسطين بكل مكوناتها من قبل الأمة العربية والإسلامية، تجاوز ذلك الإهمال إلى حد الهرولة للتطبيع مع الاحتلال لطمس القضية ومعالمها التاريخية والسياسية وحتى الدينية.
وأكد أن الانتهاكات بحق شعبنا وما نرى آثاره ومعادنه ومقدراته التي تسرق أمام عينه وأمام العالم الظالم المتآمر وأمام النظام العربي الخائن المطبع، نتيجة التطبيع مع الاحتلال.
وشدد على أن: “الأرض لنا والمقدسات لنا والتاريخ لنا، لا يمكن طمسه أو مصادرته ما دام محفورا في ذاكرة شعبنا، يتوارثه للأجيال القادمة التي سوف تنهي هذه المأساة بإرادة هذا الشعب وبعون الله تعالى”.