أزمة جامعة بيرزيت.. والتكرار المتواصل!!

راديو موال : بعد مرور اكثر من ثلاثة أسابيع على الاضراب أو على الاغلاق او الازمة، بغض النظر عن المسميات، ما زالت جامعة بيرزيت تعاني من الشلل التام، ولم يعد يتوجه حوالي 14 الفا من الطلاب وحوالي الفا من الموظفين والعاملين والاساتذه الى داخل أسوار الجامعة، من أجل الدراسة أو من أجل ممارسة اعمالهم، وبغض النظر عن نوعية الاتفاق الذي سوف يتم يوما ما بين الطلبة والادارة، والذي سوف ينهى الازمة، وبغض النظر عن الالية التي سوف يتم التوصل من خلالها الى الاتفاق، وبغض النظر عن من سوف يكون الرابح او الخاسر، او بالادق نسبة الربح او الخسارة لهذا الطرف او ذاك، الا ان هناك دروسا من الممكن استنتاجها او استنباطها من هذه الازمة، على امل اخذها بعين الاعتبار في الازمات القادمة، والتي وان لم يتم معالجتها جذريا، سوف تكون الازمات القادمة أكثر خطورة وأشد فتكا وضررا.

وهناك العديد من الناس الذين يقولون ان الحل الذي سوف يتم التوصل اليه من الممكن أن يكون قد اجل الازمة او رحلها، او انه حل تخديري، لانة ليس الحل الجذري او المستدام، وانما جاء بسبب ضغوط للتوصل الى حل ولضمان عدم ضياع  أو تأخيرالفصل وبالتالي الفصول القادمة، وبالتالي من الممكن ان تظهر الازمة مع بداية كل فصل دراسي أو بداية كل سنة دراسية قادمة، وهناك من يقول انه لم توجد بالاصل ازمة حادة استدعت الاغلاق الطويل للجامعة، وانما فقط هو استعراض عضلات أو تسجيل مواقف، استدعت ادارة الجامعة لاتخاذ القرار بأخلاء الجامعة عدة مرات، وبالتالي لم تكن حاجة الى الاخلاء أو الاغلاق واثارة الازمة ومن ثم الحوار والاخذ والرد وتدخل الجهات والوساطات وما الى ذلك. 

ومن الدروس التي من الممكن أن تفرزها الازمة الحالية في جامعة بيرزيت، مثلما أفرزتها الازمات السابقة، انه لا يمكن التفرد بالقرار في هذه الجامعة، التي اعتادت على العمل بشراكة أو بالتشاور واخذ الرأي، بين الاطراف الثلاثة، أي بين الادارة ونقابة العاملين والطلبة، ولم تكن ومن الممكن الا تكون هذه الازمة هي الاخيرة، وذلك بسبب اهمال الجانب التشاركي او الحوار او التواصل الفعال بين الاطراف الثلاثة قبل اتخاذ قرارات منفردة ومن اي طرف، وهناك اضرابات او احتجاجات خاضها العاملون وليس فقط الطلبة بسبب التفرد في القرارات او محاولة اهمال او تجاهل احد الاطراف، وبالتالي وفي ظل المصلحة العامة للجامعة وبما انها جامعة “عامة”، فمن المفترض التشاور او اخذ الاراء في قرارات مستقبلية من قبل احد الاطراف يمكن ان تؤثر على الاطراف الاخرى.

الدرس الاخر هو رد الفعل العكسي والنفسي الذي يمكن ان تؤدي اليه قرارات متسرعة،  ومن المعروف ان تاريخ الاضرابات والاحتجاجات وبأنواعها طويل ومتشعب في الجامعة، سواء من قبل الطلبة او من قبل العاملين، او كليهما، وبالتالي فإن اتخاذ قرار متسرع كرد فعل على احتجاج أو مظهر من مظاهر الاحتجاج مهما كان نوعه، لم ولن ويعطي النتيجة المطلوبة، بل على العكس ادى الى ردات فعل نفسية قوية، والى مزيد من تضافر الطلبة والى توجية الاتهامات وبانواعها لادارة الجامعة، وهذا ما يحدث بالضبط خلال الازمة الحالية.

ومن الدروس أو العبر الاخرى، هو اهمية الحوار بين الاطراف في الجامعة، ليس فقط قبل حدوث الازمة، بل بعد حدوثها وبشكل فعال، اي بدون انقطاع وتدخل اطراف اخرى اذا امكن، واعتقد ان هذه الازمة لم تكن لتطول الى حتى الان من الاغلاق مع كل الخسائر، لو كان هناك حوار متواصل وبحسن نية، وبمرونة وبأخذ مصلحة الجامعة، كجامعة تضم الاطراف الثلاثة بعين الاعتبار.

وكان واضحا من هذه الازمة ان محاولة التهميش او التعامل الفوقي، او الايحاء بأن القرارات قد تمت ولا يمكن التراجع عنها، لم ينجح بل بالعكس قد تسبب وزاد الازمة تفاقما، والاهم اضعف الثقة بين الاطراف، واعتقد ان هذا كان احد الاسباب التي اطالت الازمة وعقدتها وما زالت، ولو ان التعامل كان بندية وبروح العمل الجماعي للتوصل الى حل وسط، لما دامت الازمة ايام، والجميع تقريبا يعرف ما هو الحل الذي سوف تنتجه ازمة الاغلاق هذه، وان الحلول الوسط في النهاية هي التي سوف تسود. 

وبالطبع فإن توفير حلول جذرية لأزمات جامعة بيرزيت والجامعات الاخرى، وبالاضافة الى العمل التشاركي بين الاطراف الداخلية، يتطلب بناء التواصل الفعال مع المجتمع، كما كان قبل سنوات عديدة، واظهرت ازمة جامعة بيرزيت الحالية، تقريبا مدى عدم اللامبالاة من قبل المجتمع وبأطيافه، سواء كان القطاع العام او الاهلي او القطاع الخاص، الا لمن له مصلحه مباشرة مع تداعيات هذه الازمة،  ولبناء تواصل فعال مع المجتمع يتطلب العمل بروح المصلحة المشتركة، اي مصلحة للطرفين، وليس فقط  بان يكون المجتمع هو المتبرع والجامعة تتلقى كما كان، ولكن بأن يتم ارساء ثقافة عمل الفائدة المشتركة، بحيث يستفيد القطاع العام اي الحكومة والقطاع الخاص والمدني من الجامعة وفي مجالات عدة، اسوة ب الجامعات الاخرى في المجتمعات المتقدمة.

وتثبت أزمة جامعة بيرزيت الحالية، ان الحركة الطلابية، حين تتحد وتعمل معا وتتناسى الخلافات او الاراء التي تأتي من خارج الجامعة، وتلتف حول قضايا نقابية حياتية معيشية تهم كل الطلبة، فإنها من الممكن أن تنجح وتحقق النتائج، وصحيح انه كان وسوف يكون للطلبة دورا وهاما في ما يدور من احداث في البلاد والمجتمع، ولكن تترسخ اكثر اهميتها حين تعمل معا من اجل قضايا مطلبية حياتية تهم جميع الطلبة، والذين هم جزء من هذا البلد او من هذا  المجتمع، بشكل أو بأخر.