راديو موال : تتواتر التقارير عن تقدم بمحادثات لاتفاق تهدئة طويل الأمد بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وإسرائيل في مسعى لإنهاء سنوات من دوامة العنف في قطاع غزة، لكن العبرة تبقي في تنفيذه فعليا على أرض الواقع.
ويرى محللون فلسطينيون أن وتيرة الأحداث تتسارع وتقترب أكثر من الإعلان عن اتفاق التهدئة المنشود بوساطة مصر وقطر والأمم المتحدة بالتوازي مع تصريحات لمسؤولين إسرائيليين عن خطة لتخفيف الحصار عن غزة.
ويقول هؤلاء في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء “شينخوا”، إن غزة “ربما قاب قوسين أو أدنى من انفراجة سياسية واقتصادية في ظل التحركات الدبلوماسية على المستويين الإقليمي أو الدولي لدعم صيغة الاتفاق المذكور”.
ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي من غزة حسام الدجني، أن إسرائيل تسعى من خلال القنوات الدبلوماسية لتحسين صورتها أمام العالم، خاصة وهي تحاول جاهدة إنجاح تطبيعها مع الدول العربية.
ويقول الدجني “من الواضح أن ما يجري حاليا في غزة هو مرحلة عض الأصابع فإما تتجه الأمور نحو انفراجة أو أن الأمور ستبقى في دائرة الصراع المتواصل”.
ويضيف أن المجتمع الدولي يتعاطى مع ” الحل السلمي الذي يضمن العيش لكافة الأطراف، خاصة في ضوء ثبوت أن حماس لم تعد هي المشكلة في الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، بل هي جزء أساسي من الحل السياسي في المنطقة”.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة، عقب سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه بالقوة، عقب جولات اقتتال داخلي مع الأجهزة الأمنية الموالية للسلطة الفلسطينية في عام 2007.
وشنت إسرائيل ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد قطاع غزة، الأولى نهاية العام 2008 وبداية عام 2009، والثانية في نوفمبر 2012 وصولا إلى الهجوم الأخير صيف عام 2014 والذي خلف تدمير آلاف المنزل السكنية ودمار هائل بالبني التحتية للقطاع.
وتتوسط مصر والأمم المتحدة وقطر منذ أكثر من عام في تفاهمات سعيا لإدخال تسهيلات إنسانية لغزة، ومنع مواجهة مفتوحة جديدة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل على خلفية مسيرات العودة التي بدأت في 30 مارس 2018 للمطالبة برفع الحصار عن القطاع.
ويعتبر المحلل السياسي حسن عبدو أن الفصائل الفلسطينية “تمكنت من فرض معادلتها على أرض الواقع، وأن تفرض على إسرائيل حلولا سياسية كانت مرفوضة في الماضي القريب”.
ويضيف أن من أهم “الأساليب الضاغطة” على إسرائيل احتجاجات مسيرات العودة “التي كشفت الوجه الحقيقي لإسرائيل ووضعتها بمأزق التعامل مع متظاهرين سلميين فضلا عن أنها حشدت مناصرين للفلسطينيين”.
ويشير عبدو إلى إن إسرائيل “لا تعترف بالحقوق الفلسطينية، بقدر ما تعترف بمصالحها الخاصة، ومصالح مواطنيها الذين باتوا يشكلون وسيلة ضغط ثانية لإنهاء الصراع العسكري مع الفلسطينيين في غزة”.
وذكرت صحف إسرائيلية في أعدادها التي نشرت اليوم أن “خطة كبرى” إسرائيلية يجري التحضير لها، من أجل إقامة مناطق صناعية على طول السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الاسرائيلية المحاذية لها.
ونشرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية مقالا للكاتب الإسرائيلي متان تسوري، يتحدث فيه عن “محادثات التسوية بين إسرائيل وحماس، تجري هذه الأيام بوتيرة سريعة وبنبرة متفائلة نسبيا، من تحت السطح، في قنوات شبه سرية”.
وتطرق متان في مقاله إلى أن المحادثات السرية غير المباشرة تتزامن مع مبادرة ستعمل إسرائيل خلالها على التنمية الاقتصادية في قطاع غزة وغلافها.
وذكرت “يديعوت أحرنوت” في مقال آخر لها بأن لديها تفاصيل “الخطة الإسرائيلية كاملة”، التي تتضمن العمل على عدد من المشاريع على طول حدود القطاع، وستقام المشاريع في الأراضي الإسرائيلية.
وقالت الصحيفة إن “تلك المشاريع ستضم عمالا فلسطينيين، بما يضمن تحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لهم، وبالتالي يكفل التقليل من دائرة العنف الموجودة في قطاع غزة تجاه إسرائيل”.
وفي الوقت ذاته ستعمل إسرائيل على إمداد قطاع غزة بخط آخر من الكهرباء في إسرائيل، للحد من أزمة الكهرباء المتفاقمة في القطاع منذ ما يزيد عن عقد من الزمن.
وكانت الحكومة الإسرائيلية كشفت عن مقترح لإمكانية إقامة جزيرة اصطناعية عائمة قبالة سواحل قطاع غزة، بعد الهدوء النسبي الذي شهده القطاع بعد اغتيال مسؤول عسكري كبير في الجهاد الإسلامي في وقت سابق من الشهر.
وذكرت القناة الإسرائيلية 12 أن وزير الجيش الإسرائيلي نفتالي بينيت أوعز مساء السبت الماضي لمسؤولين عسكريين بدراسة المشروع.
وطرح وزير الخارجية الإسرائيلي الحالي يسرائيل كاتس فكرة إنشاء جزيرة اصطناعية عائمة قبالة سواحل قطاع غزة عام 2016 عندما كان وزيرا للنقل والمواصلات في الحكومة الإسرائيلية.
وقال كاتس، في تصريحات صحفية نقلتها القناة الإسرائيلية 12 “منذ سنوات وأنا أعزز مبادرة الجزيرة الاصطناعية العائمة مقابل سواحل غزة، كحل لغزة نحو العالم، وقطع الاتصال المدني، والحفاظ على الحدود الأمنية لإسرائيل”.
وأضاف كاتس أنه تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبينيت الذي أبدى دعمه الكامل للمشروع.
وذكرت القناة أن بينيت اجتمع مع رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي واتفقوا على الترويج للجزيرة، بالإضافة إلى دراسة إنشاء مطار دولي في غزة.
وحصل كاتس على موافقة نتنياهو خلال لقاء جمعهم، لإنشاء فرق عمل لوزارة الدفاع والشؤون الخارجية بالتعاون مع مجلس الأمن القومي لدراسة المشروع.
وقالت القناة، إنه تم تصميم مبادرة الجزيرة لتمكين مدني لسكان غزة، بينما يتحكم الأمن الإسرائيلي في الحركة داخل البحر، ومن المفترض أن تحرر المبادرة إسرائيل من المسؤولية المدنية عن القطاع.
لكن المحلل السياسي الإسرائيلي رؤوفين بيركو استبعد إقرار تسهيلات كبيرة لقطاع غزة دون تحقق الشروط الإسرائيلية، في مقدمتها نزع السلاح من الفصائل الفلسطينية المسلحة وتحقيق الأمن الكامل للمواطنين الإسرائيليين.
وقال بيركو في تصريحات لقناة (آي 24 نيوز) الإسرائيلية:”لن يكون هناك بناء مطار أو ميناء دون تلبية الشروط الإسرائيلية، وهو بتغيير جذري في قطاع غزة، وتغيير الايديولوجية للفصائل الفلسطينية المسلحة التي تدعو إلى تدمير إسرائيل”، منوها إلى أن اسرائيل تسعى إلى وجود دولتين واحدة فلسطينية والاخرى إسرائيلية تعيشان في سلام، على حد تعبيره.
وأضاف:” يجب أن يتم نزع السلاح الفلسطيني، الموجه ضد إسرائيل وأن نضمن الأمن والأمان للمواطنين الإسرائيليين”، مشددا على أن حماس تحاول أن تأخذ المواطنين في غزة نحو الموت والهاوية وعليها أن تغير من نهجها.
وشهد قطاع غزة، هدوءا نسبيا في الآونة الأخيرة عقب انتهاء جولة التصعيد العسكري ما بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل منتصف الشهر الماضي بدأت بعملية اغتيال إسرائيلية للقيادي البارز في سرايا القدس بهاء أبو العطا في غزة.
وردت الجهاد على عملية الاغتيال بإطلاق رشقات صاروخية باتجاه البلدات الإسرائيلية، فيما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مواقع عسكرية تتبع للجهاد، دون أن تشمل الغارات المواقع العسكرية التابعة لحماس للمرة الأولى.
وخلف التصعيد 36 قتيلا فلسطينيا، قبل أن تتدخل مصر والأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاق تهدئة.
كما شهدت الأشهر السبعة الأخيرة انخفاضا ملحوظا في عدد القتلى الفلسطينيين بقناص الجنود الإسرائيليين، على الحدود الشرقية لقطاع غزة، ضمن مشاركتهم في الاحتجاجات الأسبوعية “لمسيرات العودة الكبرى”.
ورصدت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة استشهاد حوالي 15 فلسطينيا خلال الأشهر السبعة الأخيرة، من أصل 317 فلسطينيا استشهدوا منذ بدء مسيرات العودة في 30 مارس لعام 2018، من بينهم نساء وأطفال.
وأرجعت مصادر فلسطينية الانخفاض الملحوظ لعدد الشهداء الفلسطينيين كنتيجة لمفاوضات غير مباشرة جرت ما بين حركة حماس وإسرائيل لوقف الوسائل القاتلة ضد المتظاهرين.