راديو موال – أعيد مؤخرا فتح حديقة الحيوانات في رفح جنوب قطاع غزة بعد ستة أشهر على إغلاقها وسط حملة احتجاج محلية ودولية، مع عدد أقلّ من الحيوانات هذه المرّة لكنها ما زالت تقاسي ظروفا صعبة.
في حديقة الحيوانات في قطاع غزة المحاصر، يحاول المالك إلهاء اللبؤة الوحيدة بضربها بالعصا في حين كان آخر يضرب على القفص الحديدي لإرباكها في مسعى إلى إخراج أشبالها الثلاثة كي يتسنى للزوار التقاط الصور مع الصغار.
وعلى وقع زئير الأسد أخرج أحمد جمعة الأشبال التي لم يتجاوز عمرها الشهر ليبدأ الزوار بحملها ومداعبتها والتقاط الصور معها.
في نيسان/أبريل الماضي، نقلت منظمة “فور بوز” الدولية للرفق بالحيوان 43 حيوانا، بينها خمسة أسود من حديقة الحيوان في رفح إلى محمية طبيعية في الأردن، في عملية هي “الأكبر” من نوعها للمؤسسة.
ووصفت حديقة حيوانات رفح بأنها “أسوأ حديقة حيوانات في العالم”.
ولقي افتتاح الحديقة من جديد انتقادات واسعة، لا سيما أن مالكيها تعهدوا بإغلاقها بشكل تام.
ويفيد محمد عويضة الناشط في الدفاع عن الحيوانات بأن تكلفة تشغيل هذه الحدائق عالية جدا.
ويتساءل “كيف سيغطي أصحاب الحديقة نفقات الطعام والخدمة الطبية؟ الوضع صعب جدا، هذه مهمة مستحيلة”.
لكن جمعة، وهو أحد أصحاب الحديقة، يصر على أن الهدف من إعادة فتح الموقع هو “الترفيه عن المواطنين”، موضحا “لا متنفس للناس في مدينتنا التي تشهد الحروب، وبدون أسود لا معنى لحدائق الحيوانات”.
وتبلغ مساحة الحديقة أربعة آلاف متر مربع، ووزعت الحيوانات الستة عشر، وبينها أسدان وثلاثة أشبال، على أقفاص حديدية منفصلة عن بعضها البعض لكنها ضيقة المساحة.
وعند مدخل الحديقة يستقبلك أسد محنط وضع على حجر كبير، بينما يأكل قردان القمامة، وعلى بعد عدة أمتار نعامة تقوم بالنقر على قضبان الحديد في القفص الضيق.
ووفقا لعويضة “يحتاج الأسد إلى مساحة 1000 متر مربع ليتحرك فيها. هنا لديه سبعة أمتار مربعة فقط وهذا لا يكفي”.
ويحذر من أنه “لا يمكن تشغيل حديقة الحيوان خلال فصل الشتاء، لأنها تفتقر إلى الخدمة اليومية من طعام وشراب ورعاية طبية لتكلفتها العالية، في ظل وضع اقتصادي صعب للغاية” في القطاع.
وتفرض إسرائيل منذ أكثر من عقد حصارا على قطاع غزة الذي يقطنه نحو مليوني نسمة، ويعاني ثلثا الشباب من البطالة في حين يعيش 50 في المئة من السكان دون خط الفقر وفقا لتقارير دولية.
ويقول عويضة إن “أي منظمة دولية ستتردد في التعامل مجددا مع حديقة الحيوانات هنا خشية تحول المسألة إلى تجارة”.
وكانت منظمة “فو بوز” قد قدّمت في السابق 50 ألف دولار لأصحاب الحديقة لرعاية الحيوانات.
ويقول أحمد جمعة، وهو شقيق مالك الحديقة القديم، إنهم اشتروا الأسود الجديدة بعدما تم إدخالها إلى القطاع عبر أنفاق من مصر.
غير أن مصادر أخرى تفيد من جهتها بأنه تم شراء الأسود من حديقة محلية في شمال غزة.
ويدحض جمعة “أي محاولة لابتزاز منظمة فور بوز” مشددا على أن “الهدف هو الترفيه وليس التجارة، والسبب الرئيسي وراء إعادة فتح حديقة الحيوان كان إلحاح الناس في المنطقة”.
ويقول أحمد جمعة إن تكلفة تشغيل الحديقة ستكون أدنى نظرا للعدد القليل من الحيوانات، لكنه يقر بصعوبة تأمين القوت للأشبال التي تنمو.
ويوضح “ستحتاج إلى ما بين 22 و30 كيلوغراما من اللحم يوميا بتكلفة تتراوح بين 100 و150 شيكلا (من 30 إلى 45 دولارا تقريبا). وهذا ليس سهلا.”.
ويزور الحديقة القريبة من حدود القطاع مع مصر، حوالى 50 شخصا يوميا. ويبلغ ثمن تذكرة الدخول في المتوسط شيكلين (نصف دولار).
وعبرت “فور بوز” عن قلقها إزاء وضع الحيوانات، مشيرة إلى أنه “لا توفر ظروف ملائمة للحيوانات، ويبدو أنها في حالة سيئة وتحتاج بشكل ملح إلى عناية طبية وأغذية مناسبة”.
وأفاد مسؤول في وزارة الزراعة في غزة إنه لم يتم التنسيق مع الوزارة بشأن إعادة فتح حديقة الحيوان برفح.
وأكد المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن قطاع غزة “مثله مثل أي منطقة في العالم يحتاج إلى حديقة كبيرة وفق المعايير الدولية للترفيه عن الناس”.
ويشكك المواطن محمد أبو سويلم (50 عاما) الذي يسكن بالقرب من الموقع في إمكانية صمود الحديقة “نظرا لعدم توفر المال الكافي لرعاية الحيوانات”.
ويقول الطفل يونس النجار (11 عاما) “هذه أول مرة أزور حديقة حيوانات، لعبت مع الأسد وتصورت معه. سأنشر الصور على فيسبوك. كنت أشاهد الأسود على التلفزيون واليوم رأيتها بعيني، أنا سعيد”.