راديو موال – حمزة عليان| بعد 45 سنة من العمل كمحترف في التصوير الصحافي يتفرغ تطوعاً، الزميل أكرم هلال، لينقل ما يجري في «بيت ساحور» عبر الـ«واتس أب» إلى العالم، ترك كاميرته المحبوبة، وحمل «الآيفون الساحر» ليسجل حياة شعب يعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي وبشكل يومي، بحيث ينقلك إلى داخل «المجتمع الساحوري» بكل ما فيه من حياة، ومن هنا كان «وجهاً في الأحداث».
■ صباح الخير يا بيت ساحور.. عبارة يبدأ بها نشاطه اليومي، يقيس فيها نبض العيش، فيديوهاته كأنها «بارومتر» لهذه المدينة، يدخلك في تفاصيل حياة أهلها من الكنائس إلى الشوارع والمناسبات والأنشطة المتنوعة، يبدأ نهاره أحياناً الساعة الرابعة صباحاً، وينتهي ظهراً يتجول بالأزقة وعينه على كل أبناء البلدة.
■ طوال سنة تقريباً أدمنت على متابعة صور وفيديوهات أكرم هلال، بحيث صرت عالماً ببيوت وتقاليد وأزقة بيت ساحور، وكأنني واحداً منهم، كان عملاً رائعاً ذلك الجهد الذي يبذله كل يوم ومن دون مقابل، فقط لأنه ابن مهنة محترف، وثانياً لأنه عاشق لمدينة اسمها بيت ساحور.
■ إذا رأت عيناه أي مخالفة تراه يسارع الى التقاطها وجعلها في متناول المشاهد والمسؤول، لذلك بات «الحارس» والساهر على بيت ساحور، وعندما يشير الى الخطأ، سرعان ما يتم اصلاحه من قبل المعنيين فقد صار بمنزلة «المخفر»، فهو المتلقي دائما لشكاوي الناس والقادر على ايصالها لمن يهمه الأمر والتفاعل معها.
■ بالرغم من الوعد الذي قطعه «أبوعمار» ياسر عرفات على نفسه بجعل «بيت ساحور جنة» كما قال، لأنها كانت المدينة الوحيدة بفلسطين التي اعلنت العصيان المدني ورمت الهويات بوجه المحتل الاسرائيلي أول أيام الانتفاضة الأولى، إلا أنه نكث بوعده كما يقول اكرم ولم يفعل لها شيئا، ولهذا تراه ناقماً عليه ومتحفزاً للعمل لجعل «بيت ساحور» جنة على ايدي اهلها.
■ يعرَّف عن نفسه، «أنا عربي، فلسطيني، «ساحوري» نسبة إلى بيت ساحور، فهذه المدينة احبها وهو بعيد عنها وعندما عاد اليها زاد عشقه لها، من هنا اتبدع شخصية اسم «سمعان» وهذا السمعان لا يقبل بالشواذ، واذا شاف غلط لا يسكت عليه، صار الضمير الحي لأهالي المدينة وكأنه يحاكي «حنظلة» الفلسطيني الذي اوجده الرسام ناجي العلي، فكلاهما ابناء قضية واحدة.
■ 25 ألف مشاهد، معدل المشاهدات لكي فيديو ينشره عن بيت ساحور، واغلب مشاهديه منتشرون في اميركا وهندوراس وتشيلي والاردن ولبنان، وهؤلاء استطاع ان يربطهم بموطنهم الأصلي، من خلال تصوير كل ما يحدث على الأرض كأنهم يعيشون مع أهاليهم.
■ ينتمي الى مدينة يزيد عدد سكانها على 17 ألف نسمة اشتهرت بصناعة يدوية، اهمها تماثيل من خشب الزيتون والصدف، نظراً لقربها من بيت لحم، مهد المسيح عليه السلام أكثرية السكان من المسيحيين وعدد قليل من العائلات المسلمة.
■ اهم محطة في حياته الصحافية كانت في لبنان، فهي الممتعة والأغنى، ارتبط بشبكة علاقات واسعة وأقام صلات مع ابناء مهنته خاصة المرحوم عبدالرزاق السيد استاذه، وصالح الرفاعي ونبيل الحسن وعباس سلمان وربيع مغربي والمرحوم علي حسن، وكان شعلة نشاط بين تلك المجموعة وآخرين، ساهم برفد نقابة المصورين الصحافيين بخبراته وأعماله.
■ مؤرخ لبيت ساحور فكل ما فيها من تراث وابنية وأزقة وحواديت قام بتصويرها وتسجيلها، وعندما يراه اهالي البلدة وفي اي مكان يقولون جاء «سمعان» بحيث بات المرجع الأمين لمشاكلهم وهمومهم وآمالهم.
■ اقرب مدينة لبيت ساحور هي بيت لحم ولا تبعد عنها أكثر من 5 كيلومترات، لكنه نادراً ما يذهب اليها بسبب الحواجز الامنية وكذلك حاله مع القدس، التي تحول بينه وبينها نقاط التفتيش التي يُرى الذل من ورائها.
■ فترة الثمانينيات قضاها في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي العصر الذهبي لصحافة الإمارات، كان فيها المصور يوجه المحرر، ومن أشهر المصورين أكرم هلال، فقد برز هناك وتألق نجمه، جال على معظم الإمارات من شرقها إلى شمالها سجّل بعد سنة أجمل اللقطات، كما يكتب عنه الزميل سعيد حمدان في صحيفة «البيان»، والتي تميزت بالبعد الاجتماعي والسياسي وبنظرة فنية إبداعية، فكانت له مجموعة من الأعمال هي في الحقيقة لوحات فنية معبّرة.
■ تعرض إلى السجن على يد الاحتلال الإسرائيلي عام 1973، وطرد عن أرضه، جاء إلى لبنان ليستقر فيه، ولكن عينه وقلبه بقيا يحنان إلى بيت ساحور إلى الأرض التي ولد فيها، ذهب للإمارات ثم غادرها، دخل الأردن لفترة وينتهي به المشوار الى مسقط رأسه ليتفرغ لبلده، يحلم بأن تكون أجمل المدن الفلسطينية.
■ التائه في بحر الصورة وجد ضالته في البقعة التي خرج منها إلى النور، وها هو أكرم هلال يغني مع الكشافة والطلبة الجامعيين:
بلاد الخير بلاد النور
على عيونك يا بيت ساحور
فيك الخير والبركة
مثلما خبرَّنا العصفور
السيرة الذاتية
أكرم هلال
مواليد 1949 (بيت ساحور) – فلسطين
متزوج ولديه أربعة أبناء
درس المرحلة الابتدائية في بيت ساحور والمرحلة الثانوية في بيت لحم
أتم عدة دورات في الأردن وبلغاريا في فن التصوير
أبعد على يد سلطات الاحتلال في السبعينيات بعد سجنه عام 1973
عمل في جريدة «السفير» اللبنانية منذ التأسيس عام 1974، واستمر فيها لغاية 1989، ثم انتقل الى الإمارات العربية، وعمل في مجلة الأزمنة العربية وجريدة الخليج بالشارقة لمدة 13 سنة.
عاد إلى عمان واشتغل لفترة مع التلفزيون السويدي، وبقي عاطلا عن العمل، إلى أن دخل الضفة الغربية تحت عنوان «لم الشمل»، ليعمل بفرن يملكه شقيقه وكان حديث البلد…
تنقل بين مجلة «الحرية» في بيروت و«الوطن» و«الحسناء»، كمصور محترف.
أسرته منتشرة حول العالم
حاله كمعظم الأسر الفلسطينية الموزعة حول العالم، لديه ثلاث بنات، واحدة تعيش في أميركا، والثانية في دبي، والثالثة تتنقل بين رام الله وألمانيا. أما ابنه الوحيد، فقد أنهى دراسته الجامعية في بير زيت ويعمل الآن في أحد المطاعم.
صحيفة «السفير» جمعتنا
تعرفت على الزميل أكرم هلال عام 1974 عندما جمعتنا وآخرين جريدة السفير في أول أيام التأسيس، وكان يتنقل بينها وبين مجلة «الحرية»، نظراً لعلاقته بهذه المجلة ولوجود شقيقه جميل هلال مسؤول الإعلام بالجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، وطوال الفترة التي عمل فيها بلبنان كانت صوره تعكس احترافه بالتصوير، سواء من خلال عمله بـ«الوطن» أو بـ«الحسناء».
كاميراته السبع
ما زال يحتفظ بكاميراته السبع التي استخدمها منذ بدأ رحلة التصوير الصحافي، فهي بالنسبة إليه بمنزلة الذاكرة التي لا يتخلى عنها، وإن زحفت التكنولوجيا على هذه الآلة ليتم استبدالها بالديجيتال.