راديو موال-اكدت وزارة الخارجية والمغتربين لدولة فلسطين على أن القيادة الفلسطينية وباسم الشعب الفلسطيني، وخلال اجتماع رسمي بين وزير الخارجية والمغتربين د. رياض المالكي مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، قدمت في خطوة هامة وتاريخية إحالة الى المحكمة الجنائية الدولية للحالة في فلسطين، حول الجرائم المستمرة التي ترتكبها اسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، التي وقعت في الماضي، والحاضر، وأي من الجرائم التي تقع في المستقبل، وخاصة تلك المرتبطة بمنظومة الاستيطان الإسرائيلية غير الشرعية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقة.
وقالت الخارجية أن تقديم الإحالة يعتبر ممارسة لحق وواجب دولة فلسطين، كدولة طرف في ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، في أن تحيل لمكتب المدعية العامة أدلة متعلقة بجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم أخرى تقع ضمن اختصاص المحكمة، وذلك بهدف التحقيق، وخدمةً لمبادئ العدالة، والمساءلة، ومنع افلات المجرمين من العقاب، ورادعا لسلطات الاحتلال عن ارتكاب المزيد من الجرائم بحق شعبنا الفلسطيني ومقدراته.
واشارت الخارجية الى انه، وفي ظل جسامة وتصاعد الجرائم الإسرائيلية المرتبطة بالمنظومة الاستيطانية، فإنه من واجبنا كدولة طرف في ميثاق روما الأساسي، أن نسلك السبل كافة، القانونية والسياسية المتاحة لحماية الشعب الفلسطيني وأرضه، بما في ذلك الوسائل والآليات المتاحة في إطار ميثاق روما الأساسي للتعجيل بفتح التحقيق.
وفي هذا الصدد، أكدت الوزارة أن التأخير في الدراسة الاولية التي بدأتها المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية قبل ثلاثة اعوام ونصف، لا يخدم مبادئ العدالة، أو ممارسة المحكمة لاختصاصها في تحقيق الردع عن ارتكاب الجرائم من خلال المساءلة. ان العدالة المتأخرة هي عدالة غائبة.
وشددت كذلك الى ان منظومة الاستيطان الإسرائيلية تشكل أكبر خطر على حياة الفلسطينيين، ومصادر رزقهم، وحقوقهم الوطنية. إذ تقوم إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بتوسيع وحماية منظومتها الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة من خلال ارتكابها لجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني. وتشمل هذه الجرائم تشريد الفلسطينيين، والقتل العمد، والاعدام خارج إطار القانون، والمصادرة غير القانونية للأراضي، وهدم منازل الفلسطينيين وممتلكات أخرى تعود لهم، وكذلك ممارستها للاعتقال التعسفي والتعذيب على نطاق واسع، وتعد هذه الجرائم من أكثر الجرائم التي تم توثيقها في التاريخ المعاصر، بما في ذلك ما تم توثيقه من قبل مصادر موثوقة ودولية متعددة.
وأكدت وزارة الخارجية الى ان جرائم الحرب الإسرائيلية، والجرائم ضد الإنسانية، تقع ومرتكبيها يتمتعون باللحصانة وفي ظل غياب المحاسبة والمساءلة حتى الآن. فالمحاسبة وحدها كفيلة في منع تكرار هذه الجرائم وتحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين،والتي لطالما تم تأخيرها. وفي هذا السياق، تسعى دولة فلسطين لتحقيق العدالة وجبر الضرر ,والانتصاف، وليس الانتقام،وتسعى دولة فلسطين لتحقيق المساءلة والمحاسبة، وذلك وفق التزامها تجاه شعبنا الفلسطيني، وكذلك التزامها تجاه عالمية حقوق الإنسان والقانون الدولي.
كما اكدت وزارة الخارجية على أن سعيها لتحقيق العدالة تكميلي لالتزامها بالتوصل لحل سلمي للصراع المستمر مع إسرائيل، والمنبثق عن استمرارها باحتلال الأرض الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية، إذ تعتبر العدالة بمثابة ركن أساسي لأي سلام قابل للحياة، والتخلي عن ضحايا جرائم الاحتلال من شأنه تقويض أي جهود تبذل لتحقيق السلام، وهو ما ترى دولة فلسطين أن احالاتها للمحكمة الجنائية الدولية من شأنها تعزيزه.
واشارت الى ان هذه الخطوة تهدف إلى ضمان مساءلة الأشخاص الأكثر مسؤولية عن هذه الجرائم عن أفعالهم دون تأخير. وإنها تتماشى مع الخطوات التي اعتمدتها دولة فلسطين على مدى السنوات الماضية ، سعياً لتحقيق العدالة والمساءلة ، بما في ذلك من خلال الانضمام إلى الصكوك الدولية لحقوق الإنسان.
وفي الختام طالبت وزارة الخارجية والمغتربين مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في النظر بالجرائم المستمرة بما فيه تلك الجرائم المنبثقة عن منظومة الاستيطان، وان تعمل على ملاحقة المسؤولين عن ارتكابها، و أن تقوم بواجبها وأن تمارس اختصاصها في هذا الصدد وفتح التحقيق الجنائي. إذ أن نزاهة ومصداقية مكتب المدعي العام، ونزاهة ومصداقية نظام المساءلة والمحاسبة الدولية الذي يمثله مكتب المدعي العام، تعتمدان على ممارسته لواجباته بفعالية وفي التوقيت المناسب، فالقضية الفلسطينية اختبار للعدالة الدولية على المحكمة الجنائية الدولية عدم الفشل فيه.