راديو موال – نجيب فراج – لم تكن خطوبة الشابين مالك فؤاد عبيد واريج علي نجاجرة عادية كسائر حفلات الخطوبة التي يعتادها المجتمع الفلسطيني ، فقط احتوت على كثير من المفاجئات التي شابها الكثير من المشاعر الانسانية ليس لانهما يعانيان من فشل كلوي وحسب بل لانها مخاض حب قصير تمخض من داخل غرفة غسيل الكلى بمستشفى بيت جالا الحكومي حيث تعرف الشابين على بعضهما البعض وهما على سريري غسيل الكلى من وسط معاناة من المرض لا يمكن وصفها ، ومن قلب هذه المعاناة ولدت قصة هذا الحب الذي جاء “من اول غسلة” بحسب الشاب مالك ذلك الخريج من كلية الهندسة البالغ من العمر 27 سنة” من سكان مخيم الدهيشة على الفتاة اريج البالغة من العمر 24 سنة من سكان قرية نحالين الى الغرب من بيت لحم و الخريجة من كلية التربية وهي تنتظر الموافقة على توظيفها كمعلمة في المدارس الحكومية.
ويقول الشاب مالك في لقاء مع “القدس” انه تعرف على اريج في غرفة غسيل الكلى قبل نحو الشهر وقررا ان يعقدا الخطوبة رغم ظروفهما الصحية الصعبة حيث يتوجهان للغسيل ثلاث مرات اسبوعيا وتكون مدة الجلسة الواحدة ثلاث ساعات على الاقل، وذهب لطلب يدها من والده واضاف انه تحدث معه بالقول” انا جئت من الباب لاطلب يد كريمتكم بدون رتوش او اية تغيير للحقيقة فإنني اعاني من فشل كلوي وكذلك هي، ولذلك نحن نعرف بعضنا بعض جيدا ، وامورنا واضحة لكل واحد منا، ونريد ان نواجه ظروف الحياة القاسية مع بعضنا البعض ، وهو اتفاق ضمني دون ان نعلنه، وجاء جاهزا من دون تخطيط ، ولدينا الكثير من الامور لنعملها متخطين هذه الظروف القاسية، وهو بمثابة تحدي لهذا المرض ونريد ان نقهره”.
الظروف القاهرة
وكان رد الوالد واضحا بالايجاب بعد ان استفسر عن اوضاع مالك الحياتية وهي ليست اقل سهوله من المرض فهو شاب في مقتبل عمره اصيب بفشل كلوي في العام 2009 وقد زرع كلية في مصر من احد المتبرعين وكان عمرها تسع سنوات فعاد الفشل اليه مرة اخرى قبل عدة شهور ليعود الى غسيل الكلى ، وهذا معناه وبشكل واضح انه لم يستطع ان يلتقط الانفاس كي يوظب اموره من الناحية المالية، فلم يستطع ان يوظب اموره المالية او ينخرط في مجال عمله فقد منعه المرض منذ ان تخرج من الجامعة ان يعمل كالمعتاد كمهندس وبالتالي هو لم يكمل بيت العائلة المستقبلي الذي يطمح في بنائه ومع ذلك فهو اختار التحدي ليس فقط في ان يتزوج بل ايضا في العمل وقرر ان يفتح محلا صغيرا لبيع الفلافل في مكان سكنه يذهب اليه بعد ان ينهي عملية الغسيل واغلب الاحيان يكون في ساعات المساء وهو يشكر الله عز وجل على عمله رغم تواضعه، ولديه امل كبير ان توافق وزارة التربية والتعليم على وظيفة خطيبته كمعلمة في التربية، فعدا عن انها تستحق فهو من حقها كي تتمكن من قهر ظروفها الصعبة.
الامال لا تنتهي
ولا يأمل مالك عبيد بذلك فقط بل لديه امل ان يتم تبني مشاكل ومعاناة المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي وهم بالالاف من الضفة الغربية وقطاع غزة من قبل الحكومة الفلسطينية حيث بحاجة الى متبرعين وكذلك بحاجة الى تغطية مالية كبيرة ويقصد هنا ان يتم تبني حملة كبيرة ربما تكون شعبية وبمساندة رسميه لتشجيع متبرعين يريدون ان يتبرعوا لمن يحتاجون للزراعة لا سيما وان وزارة الصحة تشترط ان يكون المتبرع من الدرجة الاولى من القرابة وهذا بحد ذاته يضع حدا لامل المرضى لان ذلك يعتبر تحديد لهامش التبرع، مع ملاحظة كما يقول مالك ان هناك اناس لديهم استعداد للتبرع بكلاهم وهذا ما حصل معه حينما بادر احد المواطنين من جنين ليتبرع له في المرة الاولى ولكن هذا لم يتم نظرا لشروط الزراعة.
اريج والتبرع
خلال حفل الخطوبة الذي تم يوم الجمعة الماضي حضر العديد من المدعوين ومن محبي الشابين الحفل وسط رجاء ان تكون امورهم الى الافضل وخاصة ان اريج تنتظر الانتهاء من الفحوصات الطبية لوالدها الذي استعد للتبرع بكليته ، ولكن نظرا لوجود بعض المشاكل الطبية جرى تاجيلها لغاية اكتمال ما يلزم، واجمع الحضور على ان ما يشاهدوه هو مشهد فيه اصرار وعزيمة وتحدي لا يمكن وصفه في مواجهة مثل هذه الظروف القاهرة، ولا بد امام ارادة الشابين الا ان تكون الامور افضل ولا بد من تذليل الصعوبات التي تواجههما وخاصة موضوع ايجاد متبرعين وما اكثرهم من شعبنا لهما ولكن بشرط ان يكون هناك تغيير في بعض الشروط والقوانين بشأن ذلك.
امكانيات مستشفى بيت جالا الحكومي
في مستشفى بيت جالا الحكومي هناك قسم كبير لغسيل الكلى يضم نحو 22 ماكنة في القسم التابع للمستشفى ويؤمه اكثر من 40 مريضا في اليوم الواحد وهو يلبي حاجات هؤلاء المواطنين المرضى ويشكل لهم امل في تخطي الصعاب، ويتابع امورهم الدكتور سمير زواهرة وطاقم طبي وتمريضي يمتلك الكثير من الخبرات ولكن الاكثر من ذلك يمتلكون سحرا جذبهم الى المرضى فاللمسات الانسانية التي ينثرونها ترفع من معنويات المرضى عدا ان المرضى انفسهم يشدون من ازر بعضهم البعض بحسب ما يقول العديدون منهم.
اللقاء التالي مع الشاب مالك وخطيبته والدكتور سمير زواهرة يوضح ذلك..