راديو موال-الترا فلسطين-بعد مرور 3-5 أيام على اختفاء المهندسة نيفين العواودة (36 عامًا) من مدينة دورا جنوب محافظة الخليل، عثرت الشرطة الفلسطينية على جثتها فجر يوم الأحد 16 تموز/يوليو، أسفل البناية التي كانت تسكنها في مدينة بيرزيت شمال رام الله.
وقال المتحدث باسم الشرطة لؤي ارزيقات، إن الشرطة باشرت بالبحث عن نيفين، حتى أُبلغت بالعثور على جثتها، دون تحديد إن كانت سقطت من نافذة شقتها أو أُسقطت بفعل فاعل، فيما سيتم تحويل الجثة للطب الشرعي بغرض التشريح والوقوف على الأسباب الحقيقية للوفاة.
سيدة فلسطينية وجدت جُثتها في ظروف غامضة، بعد أن كشفت فسادًا وتعرضت لتهديدات من أهلها وجهات أخرى
“ألترا فلسطين” بحث بشكل أولي في هذه القضية، فتبين أن الضحية قد تكون دفعت حياتها ثمنًا لخلاف عمره ما يقارب 4 سنوات، إذ تعرضت للتهديد والتشهير بسمعتها من أطراف النزاع، واتهامها بعدم الأهلية وأنها مصابة بمرض نفسي، من قبل عائلتها، علمًا أن والدتها مطلقة، فيما تعيش نيفين بمفردها في شقة مستأجرة في مدينة بيرزيت.
وبدأ الخلاف الذي يرجح أن له علاقة بوفاة نيفين، إلى تاريخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، عندما تقدمت بشكوى لمديرية التربية والتعليم في جنوب الخليل، تدعي فيها وجود تجاوزات مالية وإدارية في مدرسة بنات دورا المهنية، ثم قدمت ذات الشكوى لهيئة مكافحة الفساد، التي أصدرت بدورها تقريرًا أثبت وجود تجاوزات في هذا السياق، عكس ما خلص إليه تقرير لجنة التحقيق الداخلية التي شكلتها الوزارة.
هذه الشكوى فجرت الخلاف بين الضحية وإدارة المدرسة، ودفعت بأطراف مختلفة للتدخل؛ من بينها مدير مديرية تربية الجنوب، وشخصيات حزبية، دون الوصول إلى تسوية توقف التهديدات التي تعرضت لها الضحية، كما يظهر من الكتب والشكاوى التي تقدمت بها لجهات مختلفة.
وتتعلق إحدى القضايا التي رفعتها الضحية، بوجود برنامج مراقبة على الحاسوب الخاص بها في المدرسة التي كانت تعمل بها، يهدف لجمع صور وتسجيلات، وتعرضها على إثر ذلك للتهديد بالحزبية والعشائرية، وهو ما استخدمته عائلتها ضدها أيضًا.
هذه التسجيلات المفبركة، تم التلاعب من خلالها بأصوات مقاربة من صوت الضحية، إضافة لصوتها لاستكمال حوارات نسبت لها في الأماكن العامة والرسمية، للإخلال بمجريات القضية، وضرب سمعتها ومصداقيتها.
وتقدمت الضحية بشكوى إلى مكتب النائب العام في رام الله ، ذكرت فيه أنها تقدمت بعدة شكاوى إلى نيابة دورا بتاريخ 16 شباط/فبراير 2016، وتقدمت بتظلم لذات النيابة بتاريخ 23 آب/أغسطس 2016، ما يعني أن النائب العام على علم بالقضية.
النيابة العامة ورئاسة الوزراء ومحافظ الخليل كانوا جميعا على اطلاع بما تتعرض له المهندسة نيفين ولم يحرّكوا ساكنًا
ويظهر أن الضحية تقدمت إلى محافظ محافظة الخليل كامل حميد بكتاب بتاريخ 17 آذار/مارس 2016، طالبت فيه “بمتابعة شكوى تهديد وتشهير وفق الأصول والقانون، وبحقها في محاسبة المتسببين بالضرر والمتسترين عليه، وتحكيم القانون بقضيتها بكل حيادية بعيدًا عن الحزبيات، واستخدام النفوذ بطرق ملتوية”. كما ذكرت أن “أطراف النزاع استخدموا أساليب غير أخلاقية ولا قانونية لقلب الحقائق والتمادي في الإساءة والضرر”.
وأرسلت نيفين أيضًا كتابًا إلى وزير التربية والتعليم العالي صبري صيدم، بتاريخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، طالبت فيه بتمديد إجازتها لمدة 40 يومًا أخرى بسبب ما تتعرض له من مضايقات وعدم حسم الشق الأمني من قضيتها.
وطالبت في الكتاب وزارة التربية بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، ونقل كتابها لرئيس الوزراء ووزير الداخلية رامي الحمدلله، لضبط الشق الأمني من القضية، والذي قالت إنه يزداد خطورة، وأن “سمعتها المهنية والشخصية تتعرض للتلاعب من أطراف النزاع”، الذين وصفتهم في أكثر من كتاب بأنهم “متنفذين حزبيًا وعشائريًا”.
وكانت نيفين قبل ذلك أرسلت للوزير كتابًا أوضحت فيه أنها ومنذ بداية العام 2015 وهي تتعرض للتهديد، وعنونت كتابها بـ”شكوى إدارية تحولت إلى تعدي وتهديد”.
ومن الجهات التي توجهت إليها الضحية، هي هيئة مكافحة الفساد، مطلعة إياهم على وجود مخالفات قانونية باقتطاع أطراف النزاع لمبالغ مالية واستغلالها لمصالح شخصية وممارسة شخصية، ووضع اليد على مؤسسات حكومية.
وكذلك أصبح رئيس الوزراء على علم، بعد، إرسال نيفين كتابًا أوضحت من خلاله محاولاتها السابقة من أجل وقف ما تتعرض له من تهديد وتشهير، ورفع قضية ضدها لدى مخابرات الخليل بدعوى “التعاون مع الاحتلال”، وذلك على إثر خلافات العمل داخل وزارة التربية والتعليم.
الجهات التي وصلتها شكاوى الضحية لوقف ما يمارس ضدها، هي رئاسة الوزراء، ورئيس المحكمة العسكرية العليا، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، والنيابة العامة والنيابة العسكرية، ورئيس محكمة العدل العليا، ومحافظ الخليل، ووزير العدل، ووزير التربية والتعليم العالي، ورئيس ديوان الرقابة الإدارية والمالية، والنائب العام، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، واستخبارات الخليل ورام الله.
وبانتظار أن تحدد نتائج التشريح بشكل قطعي أسباب موت نيفين، فإن أسئلة كثيرة تُطرح حول تقصير كل من توجهت لهم نيفين لحمايتها وإنصافها منذ كشفها قضية الفساد، وعن دور أهلها في كل ما يحدث، بعد أن كانت قد كشفت عن خلافات عميقة مع عائلتها، عبر حسابها على فيسبوك.