راديو موال :رولا حسنين – كانت فيحاء شلش زوجة الأسير الصحفي محمد القيق تنتظر أن ترى زوجها حراً بين أبنائه وعائلته، إلا أنها وبعد 65 يوماً من إضرابه المتواصل عن الطعام، رأت وصيته التي كتبها بيده وبخط الضعف الجسدي الذي لا يُفهم، ربما بالكاد استطاعت فيحاء أن تفهم مطالبه، وبالكاد استطاعت أن تكتم بكائها حين رأت وصاياه.
وصلت وصية محمد الى زوجته وتضمنت بنوداً تتحدث عن مرحلة ما بعد استشهاده، لا ذرة أمل فيها أن يفرج الاحتلال عنه وسط تعنت سلطات الاحتلال على ضرورة بقائه في سجونها، وإصرار محمد على مطلبه حراً أو شهيداً.
أهم ما جاء في وصية محمد أنه يريد رؤية أطفاله إسلام ولور وزوجته قبل أن يرحل شهيداً، ليكون مطمئناً عليهم، أو ربما ليوصي زوجته بما لم تستطع يده أن تكتبها كونها مكبلة بسرير مستشفى العفولة حيث يرقد الآن، كما طلب في وصيته أن يكون مسجد دورا الكبير مكان الصلاة عليه بعد استشهاده، ذاك المسجد الذي عرف محمد طفلاً ثم شاباً يانعاً، ليقرر أن يُدفن في قبر أمه ليكون في أحضانها كما لو أنه عاد إليها طفلاً من جديد، يحيا وإياها حياة لا تشبه حياة الظلم الذي يعيشها محمد الآن على يد الاحتلال، وإن لم يُدفن في حضنها فليدفن بجوارها، وكأن محمد لا يكتفي بحضن أمه الأرض، فيريد أن يقترب من حضن أمه التي أنجبته وأرضتعته لبن الحرية التي يقاتل من أجلها اليوم.
تفاصيل تدمي القلب حين ترى زوجته فيحاء تقرأها بصمت، وأبناءه يلتفون حولها يحاولون إمساك ورقة الوصية وكأنهم يعلمون أن عبق ما فيها سيكون وصايا شهيد يوماً ما، أو تاريخ يُسجله الأحرار بانتصار على السجان وقضائه اللاقانوني.