راديو موال – نجيب فراج – سلط معهد الابحاث التطبيقية “اريج” الضوء على قرارات الاستيلاء على نحو مائة واثنان من الدونمات من اراضي مدن بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور بقرار رسمي من وزير المالية الاسرائيلي موشية كحلون بدعوى انها تقع ضمن حدود بلدية القدس الاسرائيلية.
واشار تقرير صادر عن المعهد انه ان القرارات الثلاثة وحسب نصها جائت ما اسماه كحلون في اطار المنفعة العامة وقد صدرت قبل ثلاثة اشهر ولكن جرى الاعن عنها قبل عدة ايام وعشية الاحتفالات بالاعياد المجيدة وهي بمثابة”هدية اسرائيل لبيت لحم بمناسبة الاعياد”.
هذا وتندرج اوامر الاستملاك الثلاثة تحت بند ‘ اعلان حول نية استملاك الارض وشراء ملكية الارض المطلوبة بشكل طارئ لأغراض المنفعة العامة (بحسب البنود 5 و7 من انظمة قانون الاراضي (الشراء لأغراض عامة) 1943).أيضا و وفقا لأوامر الاستملاك فإن الاراضي المستهدفة تقع في كل من مدينة بيت لحم ومدينة بيت جالا ومدينة بيت ساحور حيث جاء في الاعلانات بأن استملاك الاراضي هو ” أمر ضروري بسبب استمرار العمليات المعادية لنظام الأمن في المنطقة حول القدس، واستمرارا للحفاظ على الجدار الفاصل الذي يتناول التهديدات الأمنية المحيطة بها، من أجل حماية الأمن القومي”.
في مدينة بيت لحم ووفقا لأمر الاستملاك والخرائط المرفقة وإستنادا للمخطط رقم הפ/א/322/152 فإن قطعة الارض المصادرة تقع على بعد 300 مترا شمالي معبر “جيلو 300″ الواصل بين محافظة بيت لحم ومدينة القدس المحتلة و تحديدا على يمين شارع بيت لحم- القدس مقابل معهد “الطنطور” المسكوني للدراسات اللاهوتية. أيضا ووفق قرار المصادرة فإن مساحة الارض المستهدفة تبلغ 3.129 دونما ( ثلاثة دونمات ومئة وتسعة وعشرين مترا مربعا) و تقع في خلة السقا والتي تعود ملكيتها لعائلات من مدينة بيت لحم والتي شهدت بدورها عمليات تجريف واسعة خلال الاعوام الماضية.
هذا وفي تحليل للصور الجوية في معهد– أريج فإن الارض المستهدفة كانت قد نصبت سلطات الاحتلال الاسرائيلي فيها وقبل سنوات عديدة بيوت متنقلة ومعدات لبنية تحتية كمركز لشرطة الاحتلال الاسرائيلية ولقوات ما تسمى “بحرس الحدود” وهناك خشية من نية إسرائيل لبناء مركزا دائما لقوات وشرطة الاحتلال في قطعة الارض المستهدفة.
علاوة على ذلك ووفقا لأمر الاستملاك الثاني والذي استند الى المخطط رقم הפ/א/322/155 فإنه يستهدف موقعين مختلفين وبمساحة 70.288 دونما ( سبعون دونما ومئتين واثنان وثمانون مترا مربعا) من و على امتداد جدار الفصل العنصري الاسرائيلي والقائم جنوب شرق معبر جيلو 300. فالموقع الاول يبدا من مقطع الجدار المقابل لمستوطنة ” أبوغنيم” والمعروفة اسرائيليا ب هار حوما (المقطع الجنوبي الغربي للمستوطنة) على اراضي مدينة بيت لحم ومرورا بمنطقة المعبر (جيلو 300) وانتهاء بالطريق الاسرائيلي المؤدي الى منطقة قبر راحيل, داخل ما يعرف حدود بلدية القدس ليلتئم الجدار بعدها بالمقطع القائم حاليا في اقصى شمال مخيم عايدة للاجئين.
أما الموقع المستهدف الثاني فيقع في مدينة بيت جالا قرب طريق ” جسر النفق الاسرائيلي”, بدأً من مقطع جدار العزل العنصري الاسرائيلي الذي يحاذي أراضي مدينة بيت جالا من الناحية الشمالية وامتدادا حتى مقطع جسر النفق الذي يخترق اراضي مدينة بيت جالا وبالتحديد أراضي حي “بئر عونة” وبمحاذاتها. والجدير بالذكر أن جسر النفق هو جزء من الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 60 الذي يربط بين المستوطنات الاسرائيلية في القدس وتلك القابعة بشكل غير قانوني على أراضي محافظتي بيت لحم والخليل. هذا وفي تحليل للصور الجوية ومطابقتها مع أمر المصادرة فإن الغرض من الاستملاك يأتي لتسريع بناء مقطع الجدار الفاصل في مدينة بيت جالا وتحديدا في حي بير عونا حيث ستصبح اغلبية المساكن في الحي ما بين الجدار الفاصل وبين حدود بلدية القدس الاسرائيلية الامر الذي سيزيد من معاناة السكان في كافة النواحي.
أما في مدينة بيت ساحور ووفقا لأمر الاستملاك الثالث والذي استند الى المخطط رقم הפ/א/322/156 والذي قضى بمصادرة 28.148 دونما (ثمان وعشرون دونما ومئة وثمان واربعون مترا مربع) لمدة عشر سنوت، حيث اتضح من تحليل الصور الجوية بأن الامر يأتي على امتداد مسار الجدار الفاصل القائم حاليا إبتداء بمحطة تكرير المياه الواقعة جنوبي مستوطنة هار حوما وتحديدا الحي المعروف ب هار حوما “ج”، مرورا بكامل المنطقة الشرقية لخلة واد صالح والمزموريا وصولا لأراضي قريتي الخاص والنعمان.
والجدير ذكره بأن الاراضي المستهدفة بأوامر المصادرة وتحديدا في مدينتي بيت لحم وبيت ساحور كانت قد اعلنتها سلطات الاحتلال قبل سنوات عديدة ” أملاك غائبين” ومنعت اصحابها من عائلات المدينتين من الوصول اليها واستصلاحها والاعتناء بها حيث ان اغلب هذه الاراضي مزروعة مختلف انواع الاشجار الامر الذي يظهر جليا النوايا الإسرائيلية المبيته لمصادرة الاراضي في تلك المناطق وضمها توطئة لتوسيع المستوطنات المحيطة في هذه المناطق و خاصة مستوطنة هار حوما.
هذا وتجدر الاشارة بأن قرارات الاستملاك والمصادرة قد جاءت من قبل وزير مالية دولة الاحتلال بسبب وقوع الاراضي المستهدفة داخل حدود مدينة القدس فيما لو كانت الاراضي تقع في الضفة الغربية لكان ما يسمى بقائد قوات الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية بإصدار قرار المصادرة حيث و في كلتا الحالتين تعتبر قرارات مصادرة اراضي الفلسطينيين من قبل السلطة القائمة بالاحتلال وبغض النظر عن المسوغات والذرائع غير قانونية وهي والعدم سواء.
خارطة بمواقع أوامر الاستملاك بيت جالا – بيت لحم – بيت ساحور
كالمعتاد …..إسرائيل تتلاعب بالقوانين لتجييرها لصالح مشاريعها الاستعمارية والتوسعة
دأبت إسرائيل ومنذ قيامها على التلاعب بالقوانين التي كانت فاعلة في العهدين العثماني و عهد الانتداب البريطاني وخاصة تلك المتعلقة بالأراضي والممتلكات وذلك من خلال مصادرة الاراضي وبناء المستوطنات وفرض وقائع على الارض الفلسطينية. وكان من بين القوانين التي استغلتها اسرائيل لمصادرة الاراضي الفلسطينية قانون الأراضي واستملاكها لغايات المنفعة العامة رقم 24 للعام 1943 وقانون أملاك الغائبين الذي أقره الكنيست الاسرائيلي في العام 1950 حيث تم بموجب هذه القرار مصادرة أراض وممتلكات كل من تم تطبيق تعريف “غائبين” عليهم ومن ثم تم نقل هذه الاراضي والممتلكات الى المسئول عن أملاك الغائبين والذي غالبا ما يقوم بتسريبها لصالح المشاريع الاستيطانية. وايضا قانون حيازة الأرض في حالة الطوارئ للعام 1953 والذي من خلاله استطاعت اسرائيل إعلان مساحات شاسعة من الاراضي التي كان يملكها الفلسطينيون آنذاك “كمناطق مغلقة” يحظر عليهم دخولها أو استغلالها, وغيرها من القوانين التي استخدمتها اسرائيل على نطاق واسع وعدلت من بنودها ليتناسب ومشاريعها الاستيطانية منذ العام 1948 وحتى تاريخ هذا التقرير.
وفيما يخص مدينة القدس, و عقب احتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) في العام 1967, أصدرت اسرائيل عددا من القوانين والتشريعات التي كانت تهدف لضم مدينة القدس بشكل خاص لحدود دولة اسرائيل وعدلت العديد منها, كان من أهمها أن عدلت اسرائيل من مرسوم القانون والإدارة رقم 1 للعام 1948, وهو أوّل قانون سنته اسرائيل في العام 1948. ونص التعديل الصادر في السابع والعشرين من شهر حزيران من العام 1967 والذي حمل رقم “11ب” انذاك على “توسيع ولاية وإدارة دولة الاحتلال الاسرائيلي لتشمل أي مساحة من الأرض ترى حكومة إسرائيل ضمها الى أراضي اسرائيل”. وبتاريخ الثامن والعشرين من شهر حزيران من العام 1967, أصدرت الحكومة الاسرائيلية مرسوما اطلق عليه اسم “مرسوم القانون والادارة رقم 1 للعام 1967″ فيما يخص القدس الشرقية والذي بموجبه أُعلن أن “مساحة أرض إسرائيل كما تم وصفها في الملحق [لهذا المرسوم] هي مساحة تخضع لقانون ولاية وإدارة الدولة (الاسرائيلية)”, حيث ضم هذا المرسوم اعلان اسرائيل توسيع الحدود البلدية لمدينة القدس لتشمل القدس الشرقية والتي كانت تخضع للحكم الاردني انذاك.
تعديل على قانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة رقم 24 لسنة 1943
في العاشر من شهر شباط من العام 2010 صادق الكنيست الاسرائيلي على تعديل قانون انظمة الاراضي (شراء لأغراض عامة) 1943 حيث يحظر على الفلسطينيين المطالبة بأراضيهم التي صادرتها الدولة (دولة اسرائيل) عن طريق قانون انظمة الاراضي (استملاك لأغراض المنفعة العامة) 1943. هذا ورغبة من إسرائيل لتمييع التدابير والاجراءات اللازمة لابتلاع المزيد من اراضي الفلسطينيين فقد جاء التعديل على القانون ليخول وزير المالية الاسرائيلي بمصادرة الأراضي الفلسطينية ‘لأغراض عامة’، حيث جاء التعديل ليترك تعريف مثل هذه ‘الأغراض العامة لوزير المالية . وقد تم استخدام هذا القانون على نطاق واسع من قبل دولة الاحتلال الاسرائيلي لمصادرة الأراضي الفلسطينية. ويؤكد التعديل الصادر عن الكنيست الاسرائيلي ملكية دولة اسرائيل للأراضي التي صودرت بموجب هذا القانون، حتى وان لم تكن قد استخدمت للغرض الأصلي للمصادرة. كما ويجيز التعديل للدولة (دولة اسرائيل) على عدم استخدام الأراضي المصادرة لأغراض المصادرة الأصلية حتى 17 عاما، وحرمان مالكي الاراضي (المقصود هنا الفلسطينيين) الحق بالمطالبة بعودة الأراضي المصادرة التي لم تستخدم لغرض المصادرة الأصلي إذا كان قد تم نقل ملكيتها إلى طرف ثالث، أو إذا قد مر أكثر من 25 عاما على مصادرتها. كما يوسع التعديل من سلطة وصلاحية وزير المالية الاسرائيلي لمصادرة الأراضي ‘لأغراض عامة’ ، والتي، وفقا للتعديل الجديد، تشمل إنشاء وتوسيع أو تطوير بلدات (أو مستوطنات في الضفة الغربية)، حيث يسمح لوزير المالية أن يعلن غرض جديد إذا كان الغرض الأول من المصادرة/الاستملاك لم يتحقق.
منتهكة كافة المواثيق والمعاهدات وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، فإن دولة الاحتلال الاسرائيلي تسعى وبشكل ممنهج لفرض وقائع جديدة على الارض وتوسيع مستوطناتها ومشاريعها التوسعية في الضفة الغربية والقدس الشرقية ضاربة عرض الحائط بحق الشعب الفلسطينية في تقرير مصيره وعيشه بحرية على أرضه.
إن ما تقوم به دولة الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة وعلى مدار سنوات إحتلالها يهدف بشكل واضح وجلي إلى رغبة إسرائيل في ضمان ديمومة احتلالها للأرض الفلسطينية وابقاء قبضتها على سكانها ومواردها وخيراتها واراضيها بأقل تكلفة ممكنة، كأرخص و أطول احتلال عسكري جبري في التاريخ المعاصر.