راديو موال : “باريس المناخي”: درجتا حرارة أقل ومئة مليار دولار سنويًا لدول الجنوب
بيت لحم: أصدر مركز التعليم البيئي / الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة ورقة حقائق خاصة بقمة المناخ 2015 التي استضافتها العاصمة الفرنسية منذ نهاية الشهر الماضي، وانتهت مساء أمس باتفاق 12 كانون الأول الذي وصف بـ”التاريخي” وعرضه وزير الخارجية الفرنسي، ورئيس القمة لوران فابيوس.
واستهلت الورقة بترحيب المركز بانضمام فلسطين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (UNFCCC) الذي وقع عليه الرئيس محمود عباس، ما سيسهم في تعزيز الاوضاع البيئية، ويشكل فرصة للحصول على تمويل لتنفيذ مشاريع حيوية تساهم في تغيير الاوضاع البيئية المتردية في فلسطين، والتي تفاقمها انتهاكات الاحتلال.
وعرّفت الورقة الاحتباس الحراري أو “أثر الدفيئة” Greenhouse Effect بالقول: “لا تصل كل أشعة الشمس التي تسقط على الغلاف الجوي إلى سطح الأرض، إذ ينعكس نحو 25 % من هذه الأشعة إلى الفضاء، ويتم امتصاص نحو 23% أخرى في الغلاف الجوي، وهذا يعني أن 52% فقط من أشعة الشمس تخترق الغلاف الجوي لتصل إلى سطح الأرض، وتنعكس نسبة 6% عائدة إلى الفضاء، بينما يُمتص 46% في سطح الأرض ومياه البحار ليدفئها، وتشع هذه الأسطح الدافئة الطاقة الحرارية التي اكتسبتها على شكل أشعة تحت حمراء ذات موجات طويلة.
وأضافت: نظراً لأن الهواء يحتوي على بعض الغازات بتراكيز قليلة مثل ( ثاني أكسيد الكربون والميثان وبخار الماء) وهي غازات لا تسمح بنفاذ الأشعة تحت الحمراء، فإن هذا يؤدي إلى احتباس هذه الأشعة داخل الغلاف الجوي، ولولا أثر الدفيئة لانخفضت درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 33 درجة مئوية عن مستواها الحالي، أي لهبطت دون نقطة تجمد المياه، ولأصبحت الحياة على الأرض مستحيلة.
اتفاق
ومضت الورقة: إن الاتفاق الذي أقره ممثلو الدول الـ195 المشاركة في المؤتمر الدولي للمناخ، كما وصفه رئيس القمة “عادل ودائم وحيوي ومتوازن وملزم قانونًا، ويؤكد على هدف احتواء ارتفاع متوسط حرارة الأرض وإبقائه دون درجتين، ما يشكل منعطفا تاريخيًا، يتعين تحديد هدف جديد بالأرقام عام 2025 على أبعد تقدير”. كما يؤكد الاتفاق على هدف احتواء ارتفاع متوسط حرارة الأرض وإبقائه دون درجتين والسعي لجعل هذا الارتفاع بمستوى 1,5 درجة، ما سيسمح بخفض المخاطر والمفاعيل المرتبطة بالتغير المناخي بشكل كبير، كما ينص على أن تشكل الـ 100 مليار دولار التي وعدت دول الشمال بتقديمها سنويًا إلى دول الجنوب لمساعدتها على تمويل سياساتها المناخية حدا أدنى لما بعد 2020″.
ونقلت الورقة ما قيل عن المؤتمر من رئيسه، من إن الاتفاق سيجعل تخفيض انبعاثات الغاز مسؤولية العالم أجمع، مع تحديد كل طرف للخطوط الحمراء الخاصة به، ويتطلب مراجعة ما تم تطبيقه كل خمس سنوات، وسيحقق الأمن الغذائي ويساعد على تحقيق التقدم الاقتصادي بالتوازي مع تخفيض الانبعاثات الغازية، ومشيرا إلى الاتفاق على منع ارتفاع حرارة الأرض أكثر من درجتين مئويتين.
وأضافت: هذه هي أول مرة تتعهد فيها جميع دول العالم بالحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري للحيلولة دون ارتفاع درجات حرارة الأرض إلى مستويات كارثية. ومن المقرر، أن تحل الاتفاقية الجديدة محل بروتوكول كيوتو الذي سينتهي العمل به عام 2020، والذي كانت الولايات المتحدة الأمريكية تقاطعه بسبب إعفاء الصين منافستها الاقتصادية من الالتزام ببنوده.
أهداف
وسلطت الورقة الضوء على القمة (21)، التي تشكل تظاهرة سنوية لكل الدول المنتمية إلى إطار عمل الأمم المتحدة في التغير المناخي، وعددها 195. وكان اللقاء الأول عقد في العاصمة الألمانية عام 1995 للتفاوض نحو اتفاقات ملزمة، ووضع أهداف للحد من انبعاثات الكربون التي تعد السبب الرئيس للتغير المناخي.
واستعرضت الورقة أبرز نتائج اللقاءات السابقة، وفي مقدمتها اللقاء الثالث الذي تمخض عنه “برتوكول طوكيو”، وتلته القمة الحادية عشرة التي أسفرت عن خطة عمل “مونتريــال”، وبعدها لقاء “كوبنهاجن” الخامس عشر، الذي فشل في التوصل إلى اتفاق ملزم بين الدول.
40 ألف مسؤول عالمي
وتابعت: هدفت قمة باريس الراهنة، التي شارك فيها أكثر من 40 ألف مسؤول ووفد من 195 دولة، بينها فلسطين، إلى التأسيس لاتفاق ملزم قانونًا للحفاظ على مستوى منخفض للاحتباس الحراري، وبخاصة وإن العالم، وفق التقديرات يدنو من المستوى الحرج للاحتباس الحراري. وهو هدف لن يكون سهل التحقيق في ظل ارتفاع حرارة الأرض.
ومضت الورقة: وفق التقديرات العلمية، فإن الغازات المنبعثة في الجو تقربنا من المستوى الحرج للاحتباس الحراري، وينبغي اتخاذ إجراءات للحد منها في المستقبل القريب، خاصة في الدول الكبرى، وهي الولايات المتحدة الأمريكية والصين، إضافة إلى التزامات بتنمية مستدامة من كل الدول ستقوم بتمويلها بالتأكيد الدول المتقدمة.
ووالت: يعتبر الأساس في القمة، وفي كل التظاهرات المناخية السابقة، تتبنى الدول لاتفاق ملزم قانونيًا للحد من انبعاثات الكربون، وإبقاء معدل الاحتباس أقل من المستوى الحرج الذي يتحقق بعد ارتفاعها درجتين مئوتين.
وتابعت الورقة: والمختلف في مفاوضات باريس أنها لم تركز على التزامات الدول للحد من انبعاثات الغازات، وتخصيص 100 مليار دولار سنويا بدءًا من عام 2020 من الدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية على مكافحة تغير المناخ، وبناء تنمية مستدامة، ونقاش مصدر تلك الأموال ومساهمة الحكومات والقطاع الخاص فيها.
تداعيات
وأشارت الورقة إلى تداعيات القمة على الشعوب والأفراد، إذ سيؤثر تغير المناخ حتمًا على أشكال الحياة، فارتفاع الحرارة على مستوى العالم، وبدرجات غير مقبولة، سيؤدى إلى موجات حرارة وجفاف وفيضانات غير مسبوقة، وذوبان الجليد الذي سيرفع مستوى البحار في العالم، ما يهدد حياة مئات الملايين من سكان المناطق الساحلية في دول الأرض. وسيرافق ذلك الحال في انقراض أنواع مختلفة التنوع الحيوي والحياة البرية، وسيحدث تغييرات في إمدادات الغذاء التي سيتضرر منها سكان العالم النامي.
جهود
وذكر المركز أن فلسطين لا تساهم في زيادة التغير المناخي على المستوى العالمي، ولكنها من أبرز ضحاياه. في وقت يتسبب الاحتلال الإسرائيلي بنشاطاته العسكرية العدوانية، وبتوسعه الاستيطاني، في تلويث البيئة الفلسطينية وتدميرها، ورفع نسبة الانبعاثات فيها.
ودعا “التعليم البيئي” إلى اتخاذ خطوات عاجلة على المستوى الوطني، لتخفيف تداعيات ارتفاع درجات الحرارة، وبخاصة على صعيد القطاع الزراعي والثروة الحيوانية، والاستخدام الأمثل للطاقة، واتباع ممارسات زراعية مقاومة للجفاف تتناسب مع الظروف القاسية، عبر العودة إلى زراعة الأشجار الأصيلة كالخروب والبطم والقيقب والبلوط والزعرور والزيتون، واتباع دورات زراعية في موعدها للخضروات والمحاصيل الحقلية؛ لأن ذلك يخفف من استنزاف المياه الجوفية، ويقلل من استخدام الكيماويات، ويحول دون تكبد المزارعين لخسائر فادحة جراء تعرض المحاصيل للجفاف وإصابة ثمارها بحروق الشمس، أو الصقيع الذي يدمر المحاصيل، ولقصر فترة الموسم وتراجع إنتاجيته، عدا عن الفيضانات التي بدأنا نشاهدها في بعض المناطق خلال فترة قصيرة.
وقال المركز إن استمرار حرق الوقود من أنواع مختلفة في الصناعة والاستخدامات المدنية يزيد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحرارة إلى الغلاف الجوي، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة عالمياً، وذوبان الجليد وارتفاع مستوى المياه في المحيطات.
وكان “التعليم البيئي” أطلق، في السنوات الماضية، حملات توعية دعت إلى اعتماد ممارسات تساهم في التخفيف من أثر التغيير المناخي، إلى جانب حلقات نقاش ومؤتمرات دعت لاتخاذ خطوات تُقلل من مخاطر الاحتباس الحراري، وعقد لقاءً للتعريف بإعلان “أبسالا” الخاص حول إشراك رجال الدين في حماية البيئة والحد من تبعات التغير المناخي، كما مثل فلسطين في لقاءات دولية ومؤتمرات سلطت الضوء على طرق الحد من الاحتباس الحراري، وينشط في لجان وهيئات دولية مختصة في هذا الشأن، كما سينظم بالشراكة مع مجلس الكنائس العالمي مؤتمرين دوليين العام القادم حول المياه والتغير المناخي في فلسطين.