راديو موال -محيسن العمرين
عندما نتحدث ونذكر كلمة ” هجرة ” فاننا نذكر كارثة المهاجرين من غزة والتي غرق سفينتهم قبالة سواحل إيطاليا والتي كان متنها نحو 400 شخص .
لكن ما الذي يدفع الشباب للبحث عن اساليب وطرق الهجرة وترك الوطن الذي كبرو مع عشقه، وكانت ثقافهم الصبر وتحمل كل الأذى ، والذين كانوا يرددون كلمات محمود درويش آه يا جرحي المكابر وطني ليس حقيبة وأنا لست مسافر، ما يحدث في مدن الضفة وغزة من فقر وبطالة وعدم استقرار وامان وحرية أخلت بموازين القضية وأصبح النظر لهذا الموضوع بعين الخوف لمستقبل شباب أصبحوا يحلمون بالهجرة للبحث عن احلامهم المنسية هنا .
خليط من الشهادات والدورات المعلقة
يهاجر الشباب لأنهم ما يزالون متطوعين في كثير المؤسسات منذ سنوات بلا مقابل، ولا أي مال ، واذا رفعت صوتك قليلاً يقول لك المدير “احمد ربك انك بتتدرب “، أو ” البلد ما فيها شغل ” العب في المقصقص ليجي الطيار ” وفي نهاية الخدمة المجانية سيأخذ شهادة خبرة، فيصبح لديه خليطاً من شهادات الخبرة “ما ضل مؤسسة إلا خدم فيها”، وخليط آخر من الدورات، مختلفة الأشكال والألوان. ودون عمل،بهذه الكلمات بدء “م.ع” حديثه معنا خلال مقابلة لسبب طلبه وبحثه عن طرق واساليب الهجرة الشرعية وغير الشرعية .
البطالة والفقر
ويقول الاستاذ الجامعي مصطفى بدر : في أفضل الآفاق السياسية المستقبلية المتوقعة، في ظل الجهود السياسية التي تلت اتفاقية أوسلو، ستعاني فلسطين من البطالة بشدّة، حيث تغير نمط حياة الناس في الضفة الغربية على مرحلتين، الأولى عندما ترك المزارع الفلسطيني أرضه وذهب للعمل في “إسرائيل” بعد نكسة ١٩٦٧، والمرحلة الثانية عندما جائت السلطة الفلسطينية بطفرةٍ ماليةٍ مؤقتة عام ١٩٩٣.
وهذا ما حفز أجيالا متلاحقة من الفلسطينيين للهرب والهجرة من مستنقع الفقر والبطالة والكساد المتنامي، اعتقاداً منهم بوجود فرصٍ أفضل خارج الوطن.
شخصياً أرى دور الشباب الفلسطيني الفعّال في خلق فرص عمله بنفسه واستغلال التكنولوجيا الحديثة والريادة في مجالاتها، لاستحداث سلع وخدمات جديدة أو تطويرها في فلسطين، ولن يتم ذلك دون تكاتف المجتمع، والدعم الحكومي المتمثل بتشجيع البحث العلمي، وتقديم التسهيلات للمشاريع الشبابية الريادية.
الاحتلال السبب
أما الناشط أحمد صلاح فقال : من الطبيعي ان المواطن الفلسطيني يعاني كثير من المشاكل في حياته العمليه، ولا يستطيع ان يتأقلم مع صعوبة الحياة التي بسببها الاحتلال من مصادرة اراضي وتضييق على الحواجز والاعتقالات واغلاق الرؤيا لدى الشباب وعدم الشعور بالحرية والامن والامان ، والبحث عن فرص أفضل للحياة خارج فلسطين ومما لا شك فيه ان الوضع الفلسطيني وصل الى درجه صعبه جدا فهو يعاني مظاهر الاحتلال ومضايقلته في كل يوم .
الكاتبة ابتسام اسكافي فتقول : قبل 66 عاما كان الفلسطينيون يجبرون على ترك فلسطين هربا من الرصاص وقذائف المدافع التي تطلقها الهجانا والارغون وليحي لتطهير فلسطين من مواطنيها؛ وقد احدثت عملية التطهير التي مورست على الشعب الفلسطيني رغم ضعف التوثيق الاعلامي انقلابا تاريخيا في مصير الشعب الفلسطيني وقضيته حتى اللحظة.
فالفلسطيني الذي عايش اللجوء ومصاعبه وذله وهوانه يدرك معنى ترك الوطن وقد عبر عن ذلك في كل المناسبات المتاحة حين ضاقت به الغربة وحياة اللجوء حتى اصبحت قضية اللجوء كمحفوظة نحفظها عن ظهر قلب نحن الفلسطينيون؛ اذا “لماذا يهاجر الفلسطينيون؟!”، وهل هذا السؤال يطرح فقط الان بعد مجزرة غزة الاخيرة ام هو سابق لها ام ان تلك الحرب عززت من فكرة اللجوء عند شريحة من الشعب الفلسطيني؟ ام هي فظاعة التراكمات التاريخية التي حلت بالفلسطيني؟ ام فقدان الامل في القيادات ام بالحلول ام انه الخوف من الموت بعد ان شاهد فظاعة المجازر التي مارستها اسرائيل بحق ابناء جلدته؟ ام هو الوضع الاقتصادي؟ ام فقدان الحرية؟ هذه اسئلة من بين مجموعة اسئلة تتردد بالحاح حول هجرة الفلسطينيين الذاتية والاهم هل الهجرة مؤشر اساسي للانتصار على الذات ام هزيمة للذات الفلسطينية ام هي انفتاح على العالم والسعي نحو الحرية والثقافات الاخرى؟! وربما نجد اجابات لتساؤلاتنا وربما تبقى دون اجابات شافية!
قبول و تأييد
ويقول الشاب يزن زبيدي“ كنت من قبل بفكر انه موضوع الهجرة من المحرمات و لازم نضل موجودين في البلد لانه هذا الوطن لنا و فقط لنا كفلسطينين … لكن بعد فترة اصبح موضوع الهجرة مقبول … حيث انظر الى واقع الشباب و الاوضاع الاقتصادية السيئة التي نمر بها … حيث انظر انه ليس هنالك مستقبل للشباب … و الموارد محتكرة من قبل فئة معينة من الناس او الشركات … لامانع لدي من الهجرة و النظر لمستقبل افضل فيه معيشة افضل و حياة افضل لاولادي المستقبليين … موضوع معقد و لا استطيع ان اقول انني كليا مع او ضد …لكنه اكر وارد جدا واذا وجد الفرصة سوف استغلها لكن من دون التخلي عن الهوية الفلسطينية ”
وأكد الصحفي الشاب محمد عمر بالقول : الهجرة بالنسبة الي ايجابية وسلبية،، ايجابية (لامريكا واوروبا – وليس على الدول العربية) من ناحية انو الحرية “بدون قيود وبحرية بعيد عن الواسطة المحسوبية الرواتب المتدنية ” ، لان هناك احتراماً للقانون وجهد الانسان .
ويضيف الصحفي الشاب مالك صبيح : أرى بأنها نتاج طبيعي و متوقع في ظل هذا الواقع المرير الذي تمر به العائلة الفلسطينية في بيت لحم كما في معظم المحافظات.
أن تكون نسبة البطالة بين العمال هي الأعلى في بيت لحم، و حتى بين حملة الشهادات، فهذا يدعوا أيا كان للتفكير في الهجرة.
بطبيعة الحال أن لست مع ولن أكون في أن تُفرّغ بيت لحم “طوعاً و أرادياً ” من سكانها، رغم فشل الإحتلال طويلاً في ذلك، إلا أن الإهمال الذي تتعرض له هذه الشريحة الكبيرة في بيت لحم، لم يبقي أمامها سوى الهجرة.
أما المواطن محمد من بيت لحم “اول ما اسمع مصطلح هجرة بصيبني ريبة وهواجس من فكرة ترك البلاد والاهل ولكن مش موقف ولا خمسة ولا عشرة هم سبب رغبتنا بالهجرة الي اصبحت هي بحد ذاتها أمنيه يصعب تحقيقها ” .
موضوع هجرة الشباب قديم جديد .. منذ بداية قدوم السلطة
بدوره قال رامي مراد ، الباحث في قضايا الشباب في تقرير لموقع نوى ، أن موضوع هجرة الشباب قديم جديد، لكنه برز إلى السطح بسبب الهجرة غير الشرعية، ففي ظل غياب حالة الخلاص الجماعي والاطار المطلبي التمثيلي يصبح موضوع الذاتية مبرراً.
وعرّج مراد على بداية إهمال قضايا الشباب والتي تعود فعلياً إلى العام 1994، منذ بداية قدوم السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، والتي عملت على تفريغ الجهات التمثيلية للشباب من مضمونها في التمثيل الحقيقي، وتحويل الكادر لموظفين فتحولوا إلى جهات تنفيذية شكلية تعاني حالة انسلاخ فلم يعودوا يمثلوا فئتهم وهم الشباب.
وأكد مراد أن هذه الكوادر لم تعد أداة فاعلة في مواجهة النظام تحقيق مصالح الشباب، ونتيجة لغياب ارتباط الشباب بالشأن العام والقضايا الوطنية الكبرى، أصبح من السهل أن يتأثروا أسرع بالأزمات الحياتية اليومية التي يعيشونها مثل الحصار والبطالة والمعابر والكهرباء وغيرها.
وتابع أن هذه المشاكل الحياتية لأنها لم تكن مرتبطة في إطار حالة النضال من أجل القضية الوطنية الأساسية، أصبح تأثيرها سريعاً على الشباب، فيبدأ الشعور بالضائقة والبحث عن الخلاص من خلال الهجرة.
وقال مراد بأن هجرة الوطن والانكفاء على الذات وهجرة العمل الجماعي التي يعانيها الشباب، كلها لها علاقة بقضية أخطر وهي ابتعاد الشباب عن الاندماج في المشروع الوطني، الذي يعتمد الشباب في مرحلة التنفيذ فقط.
وتابع بأنه لا يوجد شيء يُشعر الشباب بأنهم جزء من القرار وجزء من النظام السياسي، فالبنى التقليدية الموجودة تحُول دون توسيع هامش مشاركتهم.
وشدد على أن ما حدث بعد عامي 2006 و 2007 ، عزز القناعة لدى الشباب تجاه عدم الارتباط بالمشروع الوطني، وتضاعف المعاناة المعيشية في غزة، وانشغال السياسيون في المناكفات السياسية والقضايا الداخلية اثر على مشروع التحرر الوطني وعزز تبعية السلطة للقوى الامبريالية الدولية.
وأكد أن معالجة الظاهرة غير ممكن إلا بمعالجة أسبابها، من خلال إعادة ترتيب أولويات النظام السياسي وإنهاء الانقسام، إعادة تعريف الهوية الفلسطينية والمشروع الوطني، وتوسيع هامش المشاركة السياسية للشباب، إعطاء فرص أوسع للشباب دمج الشباب في عملية التنمية، تخصيص مشاريع وموازنات خاصة بالشباب، إعادة خلق الوعي لدى الشباب لأن ضمن وعيهم لم تعد القضايا الكبرى حاضرة، وأصبح يفكر أكثر في قضايا حياتية ويومية.
الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني يرصد اعداد المهاجرين من فلسطين
وبحسب إحصائية الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن ﺤﻭﺍﻟـﻲ 22 ﺃﻟـﻑ ﻓـﺭﺩ ﻫﺎﺠﺭﻭﺍ ﻟﻺﻗﺎﻤﺔ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻷﺭﺍﻀﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ ﺨﻼل ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ 2009-2007، ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﻻ ﻴـﺸﻤل ﺍﻷﺴـﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﺎﺠﺭﺕ ﺒﺎﻟﻜﺎﻤل.
ونتائج الإحصاء الأخير، فقد أﺸﺎﺭﺕ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﻤﺴﺢ إلى ﺃﻥ 6.7% ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ ﻟﺩﻴﻬﺎ ﻤﻬﺎﺠﺭ ﻭﺍﺤﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗـل ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ، ﺒﻭﺍﻗﻊ 3.4% ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺭ ﻟﺩﻴﻬﺎ ﻤﻬﺎﺠﺭ ﻭﺍﺤﺩ ﻓﻘﻁ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ، ﻭ 1.1% ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ ﻟﺩﻴﻬﺎ ﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ كمـﺎ ﺃﻅﻬﺭﺕ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ أﻥ 33.0% ﻤﻥ ﺍﻟ ﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻫﻡ ﻀﻤﻥ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﻌﻤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﻨﻔﺔ لشباب (29-15) ﺴﻨﺔ.
وجاءت ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﻌﻤـﺭﻴﺔ (44-30) ﺴـﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﺒﻨﺴﺒﺔ 25.6% ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ، وﺃﺸﺎﺭﺕ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ إﻟﻰ أﻥ 23.5% ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ ﻫﺎﺠﺭﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍ ﻷﺭﺩﻥ ﻭ20.4% ﻫﺎﺠﺭﻭﺍ إﻟﻰ ﺩﻭل ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ، ﻭأكثر ﻤﻥ ﺨﻤﺱ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ (21.6%) ﻫﺎﺠﺭﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ.
ﻭﺤﻭل ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻬﺠﺭﺓ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ ﺃﺸﺎﺭﺕ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺃﻥ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﻭﺍﻓﻊ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﻬﺠﺭﺓ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ كانت ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺒﻭﺍﻗﻊ 34.4% ﻤﻥ ﺇﺠﻤﺎﻟـﻲ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠـﺭﻴﻥ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ، ﻓﻲ ﺤﻴﻥ كان الدافع ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ ﻟﻨﺤﻭ 14.6% ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻫﻭ ﻟﺘﺤﺴﻴﻥ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﻭ13.7% ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻫﺎﺠﺭﻭﺍ ﻟﻌﺩﻡ ﺘﻭﻓﺭ ﻓﺭﺹ ﺍﻟﻌﻤل ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺍﻀﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ.
وأكثر ﻤﻥ ﺜﻠﺙ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻭﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ، ﺇﺫ ﺒﻠﻐﺕ ﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ ﻭﺘﺤﺼﻴﻠﻬﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ بكالوريوس ﻓﺄﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ 35.7% ﻤﻥ ﺇﺠﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ، ﻭﺒﻠﻐﺕ ﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻨﻭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ 35.7% ﻤﻥ ﺇﺠﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ.
وإن كانت ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب هو السبب الظاهري لهذه الهجرة، إلى أن الوضع السياسي القائم وما نتج عنه على الأرض، كان من العوامل الخفية لهذه الهجرة.