راديو موال : نجيب فراج – ظل جرح مبعدي كنيسة المهد ليس فقط لضحايا هذا الحصار واهاليهم وحسب، بل لكافة اهالي محافظة بيت لحم وللشعب الفلسطيني عموما، مفتوحا نازفا رغم مرور اثني عشر عاما على ذكراها، بحسب ما قاله الناشط عبد الفتاح خليل رئيس لجنة اهالي مبعدي الكنيسة .ففي صبيحة العاشر من ايار كان المئات من المحاصرين في الكنيسة بينهم العشرات من المطلوبين على موعد لانهاء مأساة الحصار التي استمرت 40 يوما بالتمام والكمال، ذاق هؤلاء المحاصرين الامرين وكتن من بينهم رهبان وراهبات وعائلات عادية لجأوا للكنيسة خوفا من بطش دبابات الاحتلال التي اجتاجت المدينة والمحافظة في هجوم هو الاعنف والاشمل وخلاله قام الجنود باطلاق النار عشوائيا على المحاصرين بين الحين والاخر مما ادى الى استشهاد تسعة منهم بينهم قارع اجراس الكنيسة الشهيد سمير ابراهيم سلمان ، بل كان كل اهالي بيت لحم وابناء الشعب الفلسطيني على موعد من اجل ذلك ، ولكن أي انهاء مأساة فقد قال اخليل انها ماساة من نوع اخر وهو ابعاد 39 ناشطا بينهم 26 الى قطاع غزة والباقي تم تشتيتهم في اصقاع الدنيا أي باكثر من 12 بلد اوروبي ، وكان الاعتقاد ان الابعاد مؤقت لثلاث سنوات وبضمان من الاتحاد الاوروبي، ولكن ها هي السنة الثانية عشر تمر والمبعدون لا زالوا في المنفى ولم يعد احد منهم حتى الان الى احضان عائلته ومنزله باستثناء عبد داوود الذي عاد في كفن حيث استشهد في احد مشافي الجزائر العاصمة وبعد ذلك سمحت له قوات الاحتلال من العودة.
ويؤكد اخليل ان الكثير من الاحداث والمتغيرات قد طرات على الاخوة المبعدين وعائلاته ولكن حتى اللحظة لاامل في اعادتهم فمنهم من فقد اقارب له ومنهم من تزوج وانجب ابناء له بعيد عن احضان العائلة الكبيرة ومنهم من لم يشاهد افراد عائلته ابنائه اخوته ، وهناك من كبر ابنائه واعتقلوا لدى قوات الاحتلال كعائلة المبعد جمال ابو جلغيف حيث يقبع نجليه محمد واحمد في سجون الاحتلال بينما نجله الثالث شادي مطلوب لقوات الاحتلال.
وبهذا الصدد يقول صلاح التعمري، والذي كان في حينه نائبا في المجلس التشريعي ووزيرا للاستيطان، وهو رئيس اللجنة التي كلفها الرئيس الشهيد ياسر عرفات لمفاوضة الاسرائيليين في المرحلة الاولى من الحصار “كان اعضاء الوفد الاسرائيلي احد عشر جالسين امامنا على طاولة المفاوضات في بيت لحم ومن جميع المستويات، ولديهم قناعة بان الوفد المحلي الفلسطيني ليس سهلا وتجاربه اعطته الخبرة الكافية في التفاوض ونتائجه، كانوا مبهورين بالوفد وطروحاته ومقدرته على التفاوض، كنا كوفد اكثر من ند للاسرائيليين، وقد قال لي رئيس الوفد الاسرائيلي لقد اهنتنا مرتين، فقلت نحن مضطرون للتفكير عنكم وعنا، وفدنا كان منسجما برؤية متقاربة وموقف منضبط في الثوابت”.واشار التعمري الذي كان اسيرا في معسكر انصار بلبنان بعد اجتياحه من قبل الاسرائيليين مع الاف المقاتلين الفلسطينيين في العام 1982، حيث كان يفاوض الاسرائيليين في مطالب الاسرى ويشدد على ان الثوابت لا يمكن ان تمس وهي لا ابعاد خارج الوطن للمحاصرين، و لاتسليم قائمة باسماء المحاصرين، الا في التوقيت الذي نختاره نحن، وان اطلاق النار على المحاصرين يوقف التفاوض”.ولكن المفاجاة للتعمري ولاعضاء الوفد الفلسطيني كانت كما يقول دخول “رام الله على الخط اي فتح خط اخر للتفاوض من دون علم الوفد الاول الذي يراسه حتى رئيس الوفد الاسرائيلي، لم يعلم عن دخول رام الله على الخط الا في الجلسة التي اخبرنا فيها ممثل المفاوضات الاسرائيلية في التفاوض، بان دورنا قد انتهى، وقد قال ايضا بانه هو الاخر قد تم تجاوزه وبالتالي قدم استقالته”.يقال ان محمد دحلان ومحمد رشيد دخلا على خط التفاوض وربما الاخير حسب صلاح التعمري قد اجرى اتصالات بعد انتهاء الحصار مع عومري شارون نجل ارئيل شارون، وربما كان له دخل في الصفقة والتي افضت الى ابعاد 39 ناشطا ومناضلا فلسطينيا من بينهم 26 ابعدوا الى قطاع غزة و13 ابعدوا الى عدة اجنبية ولا زال المبعدين مشتتين في اصقاع المعمورة بعد عشر سنوات من الابعاد فمنهم من تزوج وانجب ابناء، ومنهم من فقد اعزاء ومنهم من سقط شهيدا وهو المناضل عبد الله داوود من سكان مخيم بلاطة، والذي كان يشغل مدير مخابرات بيت لحم حيث اجتياحه فدخل الكنيسة وابعد الى الخارج، ومن ثم لجا الى مورتانيا والجزائر حيث مرض هناك واستشهد في نوبة مفاجئة ليعود الى مسقط راسه بتابوت وهذا ما لايريده المبعدون الذي يطالبون دوما العودة الى مسقط رؤوسهم قبل ان يعودوا بتوابيت”
العاشر من ايار عام 2002 كان يوما حزينا لكافة الفلسطينيين عموما حينما شاهدوا الحافلات الاسرائيلي وهي تحمل المحاصرين في بث حي ومباشر لنقلهم اما لغزة او للخارج مشهد لا يمكن نسيانه، بحسب العديد من المواطنين، لا سيما وان المبعدين لا زالوا يعيشون احداث نكبتهم في ظروف صعبة للغاية وحتى اولئك الذين يتواجدون في الخارج فهم يواجهون مضايقات لا يمكن وصفها، ويطالب اهالي المبعدين القيادة الفلسطينية بذل الجهود الجدية لعودتهم الى منازلهم وعائلاتهم.
الرئيس ابو مازن وخلال كلمته في اجتماع المجلس المركزي الذي انعقد قبل نحو عشرة ايام في مدينة رام الله قالان الابعاد مرفوض ولا يمكن ان نقبل به مرة اخرى في اشارة الى ان الجانب الاسرائيلي عرض الابعاد لاسرى الـ48 الاربعة عشر التي وردت اسمائهم في الدفعة الرابعة من معتقلي ما قبل اوسلو حيث رفضت اسرائيل الالتزام بموعد الافراج عنهم وهو التاسع والعشرين من اذار الماضي، وقال نرفض الابعاد ويكفي ان حصل مرتين مرة في صفقة شاليط ومرة اخرى في صفقة كنيسة المهد وتمت برضا الجانب الفلسطيني وهذا لن يتكرر.