راديو موال – يصادف اليوم الموافق 25 نوفمبر 2013، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، وهو اليوم الذي أقرته الأمم المتحدة في ديسمبر 1999، سعياً للحد من العنف الممارس بحق النساء في العالم أجمع.
ويحل هذا اليوم على النساء الفلسطينيات وهن يلملمن جراحهن الناجمة عن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والذي أسفر عن مقتل 160 فلسطينياً، بينهم 105 من المدنيين، فضلاً عن إصابة أكثر من 1000 فلسطيني، بينهم 971 مدنيا.
ووفقاً لرصد المركز الفلسطيني لحقوق الانسان ومتابعته، فإن 13 امرأة فلسطينية قتلن أثناء العدوان الإسرائيلي على مختلف محافظات قطاع غزة، والذي تواصل خلال الفترة من 14 إلى 22 نوفمبر 2012، عدا عن إصابة 162 امرأة بجراح. وبحسب تحقيقات المركز ومعلوماته، فإن الحوادث التي نجم عنها سقوط قتلى بين النساء، تشكل نماذجاً واضحة على استهتار قوات الاحتلال الإسرائيلي بأرواح المدنيين، وتدلل مجدداً على عدم مراعاة تلك القوات لمبدأين أساسيين من مبادئ القانون الإنساني الدولي، هدفهما تجنيب السكان المدنيين مخاطر العمليات العسكرية، وهما مبدأ التناسب، ومبدأ التمييز في استخدام القوة.
لقد سقطت معظم القتيلات من النساء داخل منازلهن التي استهدفتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي لتهدمها فوق رؤوس قاطنيها، أو في محيط تلك المنازل، فبتاريخ 17 نوفمبر 2012، أطلق الطيران الحربي صاروخاً تجاه حديقة منزل تعود لعائلة الديب في حي الشجاعية، مما أدى إلى مقتل المواطنة سعدية الديب، 62 عاماً، بينما كانت تطعم دواجنها في الحديقة. وفي اليوم نفسه، أطلقت طائرات الاحتلال صاروخاً تجاه مركز شرطة التفاح مما أدى إلي تدميره وتدمير منزل مجاور تعود ملكيته لعائلة عبد العال، ومقتل المواطنة نوال عبد العال، 53 عام، بينما كانت داخل المنزل. وبتاريخ 18 نوفمبر 2012، فقدت عائلة الدلو 10 من أفرادها، بينهن 6 نساء، جراء القصف الإسرائيلي الذي طال منزل العائلة المكون من ثلاثة طوابق انهارت بالكامل على سكانها. وفي اليوم نفسه، فقدت عائلة أبو زور 3 من أفرادها بينهم امرأتان بفعل القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزلاً مجاوراً وتسبب في تدمير منزلهم فوق رؤوسهم.
وبطبيعة الحال، لم تقتصر معاناة النساء الفلسطينيات خلال هذا العدوان على القتل أو الإصابة فقد عايشت مئات النساء الفلسطينيات تجارباً شديدة القسوة عندما شهدن بأم أعينهن مشاهد مقتل أفراد من عوائلهن، أو عندما أجبرتهن آلة الحرب الإسرائيلية على مغادرة منازلهن تحت وطأة القصف، لتخلفهن مشردات بلا مأوى. كما اضطرت آلاف العائلات التي تقطن المناطق الحدودية إلى إخلاء منازلها بعد أن ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية منشورات تدعوهم لمغادرة منازلهم. فر هؤلاء إلى عدد من مدارس وكالة الغوث وعاشوا طيلة أيام في ظل ظروف معيشية صعبة وبالغة التعقيد.
يشدد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على أهمية المساءلة، ويلفت الانتباه إلى أن العديد من صور ومشاهد انتهاكات حقوق الإنسان التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال هذا العدوان على القطاع، هي مشابهة لتلك الانتهاكات والجرائم التي نفذت خلال عملية “الرصاص المصبوب” على قطاع غزة قبل أربعة أعوام. ويؤكد المركز أن إفلات جنود الاحتلال من العقاب وفشل المجتمع الدولي في مساءلتهم ومحاسبتهم عما اقترفوه من جرائم راح ضحيتها عشرات الأطفال والنساء، لم يكن إلا عامل تشجيع حث هؤلاء الجنود على اقتراف المزيد من الجرائم، في ظل ثقافة الإفلات من العقاب الراسخة في أذهانهم، فلم تكن قوات الاحتلال لتجرأ مجدداً على قتل المدنيين لولا غياب المساءلة.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يذّكر بالحماية العامة التي يمنحها القانون الإنساني الدولي للنساء كونهن من الأفراد الذين لا يشاركون بشكل مباشر في العمليات القتالية، ويمنحن حماية خاصة كأفراد ضعفاء للغاية في أوقات الحرب. كما يذكر أيضاً بالحماية التي تتمتع بها النساء بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والعهدين الدوليين.
وعلى ضوء تفاقم معاناة النساء الفلسطينيات في قطاع غزة، يؤكد المركز على أن سكان القطاع، وفي مقدمتهم، النساء والأطفال، هم اليوم بأمس الحاجة لدعم ومساندة المجتمع الدولي الذي يقع على عاتقه التزامات عدة في مقدمتها توفير الحماية للسكان المدنيين، وإجبار قوات الاحتلال على احترام حقوق الإنسان. وفي هذا الإطار، يدعو المركز:
1 – المجتمع الدولي إلى العمل فوراً على الضغط على إسرائيل لإجبارها على احترام حقوق الإنسان والالتزام بمبادئ القانون الإنساني الدولي ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق المدنيين بمن فيهم النساء.
2 – الأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق أممية للتحقيق في جرائم الحرب التي تقترفها قوات الاحتلال ضد المدنيين في قطاع غزة، بما في ذلك جرائم قتل النساء.
3 – ضمان تمتع السكان المدنيين وفي مقدمتهم النساء والأطفال، بالحماية التي يوفرها لهم القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.