راديو موال — بقلم الريادي عمر اسحاق كرام— بدأ العالم الثالث في محاولة لمواكبة التطور واللحاق بركب الدول المتقدمة والمتطورة في المجالات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية. فمن خلال محاولة تبني بعض من استراتيجيات هذه الدول المتقدمة، يحاول العالم الثالث إثبات نفسه ولو على استحياء لكي يسطر أولى خطواته نحو هذا التطور الذي يتقدم سريعا في كل يوم.
ارتبط العلم بالتكنولوجيا وارتبطت التكنولوجيا بالعلم ومن ثم تولد من هذا الارتباط ثورة اقتصادية لا مثيل لها، تنقل متبنيها من الصفوف الدنيا الى أعالي القمم، ومن زمن الفقر والتخلف الى الغنى والتقدم والتطور، فكم من دولة تبنت هذه الاستراتيجيات فانتقلت بالفعل من دول العالم الثالث الى دول العالم الاول بكل عزة وفخر.
والعالم العربي عامة وفلسطين خاصة بدأوا في محاولة صعود قطار التقدم والتطور من الناحية العلمية والتكنولوجية، فانتشر في الآونة الاخيرة برامج متنوعة تدعوا المجتمعات العربية وخاصة فئة الشباب الى طرح أفكار ابداعية علمية وتكنولوجية وحتى في مجالات أخرى بحيث يتم تطوير هذه الأفكار لتتحول بعد ذلك الى شركة تجارية تدعم بدورها الاقتصاد المحلي للدولة، ظنا منها أن الذي تقوم به من طرح مثل هذه البرامج الداعمة هي التي سترفع الدولة من مكانتها الحالية الى مكانة الدول المتقدمة ولو بعد حين. فهل ما تقوم به الدول العربية الان من دعم هذه البرامج هو فعلا الاستراتيجية الصحيحة لمواكبة التطور ورفع الاقتصاد الوطني لهذه الدول؟؟
استطاعت دولة ماليزيا والتي كانت في خمسينات القرن الماضي تعد من دول العالم الثالث وبفترة زمنية قصيرة أن تقفز قفزة علمية تكنولوجية واقتصادية لتجعلها من ضمن دول العالم الأول، لقد تبنت ماليزيا استراتيجية قائمة على العلم والتكنولوجيا ومن ثم الاقتصاد، وتتمثل هذه الاستراتيجية في: بناء جامعة تكنولوجية متطورة ثم معهد أبحاث علمي تكنولوجي متطور ثم مركز إنتاج واختبار ثم مصنع إنتاج وتصنيع ثم تسويق.
كما الهند ايضا حذت حذو ماليزيا وأصبحت من دول العالم الاول ايضا، ويعود السر في تقدم وتطور الدول الغربية الى أن الاستراتيجية ذاتها هي التي تم تطبيقها للوصول الى مكانتهم الحالية. ويعتبر أصل ال Silicon valley في مدينة سان فران سيسكو في أمريكا أفضل مثال على تطبيق الاستراتيجية أعلاه والتي تخرجت منها كبرى الشركات التقنية الحالية مثل جوجل وHP وغيرهما.
وأما دولة فلسطين ورغم ما تمر به من صعوبات وأزمات اقتصادية ومن أجل تحسين وتطوير اقتصادها الهش فلا بد من تصحيح مسار اليات تطبيق المشاريع الريادية القائمة الان وذلك من خلال طرح مجموعة من النصائح النابعة من خبرة ودراسة مستفيضة للواقع الحالي الذي تمر به فلسطين.
فعلى على الصعيد الحكومي لابد من:
• تبني الاستراتيجية المذكورة اعلاه للنهوض بالاقتصاد وبدء مواكبة التطور والتقدم.
• دعم المشاريع الريادية من الناحية التسويقية على الصعيد المحلي والدولي، وأخص هنا المشاريع الريادية التكنولوجية، فعلى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن تدعم المشاريع الريادية التكنولوجية من الناحية التقنية والتركيز على تسويق هذه المشاريع دوليا.
• دعم المشاريع الريادية من الناحية الاقتصادية، فعلى وزارة الريادة أن تمنح هذه المشاريع ميزات خاصة من خلال تخفيض الرسوم العامة عليها واعفائها من الضرائب لمدة لا تقل عن خمسة سنوات وهذا من شأنه أن يزيد من فرص نجاح هذه المشاريع بشكل كبير.
• لابد أن تكون الحكومة ممثلة بوزاراتها ومكاتبها الزبون الأول لمنتجات هذه المشاريع الريادية وخاصة التكنولوجية منها.
وعلى الصعيد الريادي والمبادر فلا بد من تحقيق أمور عدة منها:
المثابرة والصبر وعدم اليأس مهما كانت الظروف، فهناك دائما حل لاي مشكلة، ولا تنسى التوكل على الله دائما للوصول الى النجاح.
عدم الخوف من احتمال سرقة الفكرة، بل لابد من تكوين فريق لا يقل عن ثلاث وبخلفيات علمية ومهاراتية مختلفة ممن يوثق فيهم وبدء العمل، فالفكرة التي نفكر فيها هناك الاف في العالم يفكرون فيها ايضا.
تطوير الذات وتعلم التقنيات والمهارات اللازمة للانطلاق بالفكرة، وهناك الكثير من الدورات التي تصب في هذا الموضوع تدور الان في فلسطين.
التخطيط الدقيق لتنفيذ الفكرة، ولكي يتم ذلك لابد من استشارة ذوي الخبرة والاختصاص.
المشاركة في المسابقات التي تقام على مستوى الدول العربية أو العالمية بالفكرة للحصول على دعم مادي يسهل أمر الانطلاقة وتحويل الفكرة الى مشروع حقيقي.
التركيز على الجودة ومطابقة المواصفات العالمية للمنتجات أو الخدمات المقدمة وهذا من شأنه أن يزيد من فرص التسويق على المستوى الدولي.
التركيز على تطوير الافكار بحيث تكون على مستوى دولي وعالمي، وامكانية خضوعها لمبدأ المنافسة.
عند عدم توفر مهارات ادارة كافية لابد من الاستعانة بمن هو أفضل في هذا المجال وعدم الاعتقاد أبدا بأن صاحب الفكرة هو من سيدير المشروع في المستقبل دائما.
التركيز على التسويق المحلي والدولي ومحاولة بناء شبكة من المعارف على جميع المستويات.
لقد بدأت المشاريع الكبيرة والناجحة بشكل كبير بفكرة بسيطة ثم تطورت شيئا فشيئا، وامتاز أصحاب الأفكار السابقة بكثير من النقاط المذكورة أعلاه فوصلوا الى ابعد ما توقعوا، ويستطيع المبادر الفلسطيني أن يصل الى أبعد ما وصلوا، فبادر وأبدع وثابر واصبر تصل ان شاء الله الى القمم.